
12/05/2025
حين تُحوِّل الأنثى المُدلَّلة أبناءها إلى أيتام، إرضاءً لنرجسيتها
من سلسلة ُدللة
بقلم د.اسلام سالم
يجب ان تسلم بان ليس اليتيم مَن مات والداه، وإنما من أُقصي أحد والديه حيًا؛ بقوة قانونٍ أعماه خطاب الضحية، وعدالةٍ شكلية لا تُبصر المآلات.
في عمق هذا المشهد، تقف الأنثى المُدللة التي نالت من هذا العصر كل أدوات التمكين، دون أن تُطالَب بالمسؤولية المقابلة.
فحين تختار الانفصال، لا تفعلها كقرار إنساني ناضج، بل كمزاج نرجسي يُريد الانعتاق من كل سلطة الزوج، العلاقة، الذنب، وحتى الأبوة.
((النرجسية هي مرض الحب المفرط للذات، حيث يُمحى الآخرون من الوجود النفسي للفرد)) """جاك لاكان"""
هذه المرأة لا تُطلق فقط زوجها، بل تُطلق فكرة الأب من حياة أبنائها.
تُخرجه من المشهد رويدًا، ثم تُقنع الأبناء بأنه لم يكن موجودًا أصلًا، أو أنه كان عبئًا، أو شرًا وجب اجتثاثه.
هي لا تنتقم من رجل، بل تُقايض مشاعر أبنائها بثمن نرجسيتها أن تكون الضحية المطلقة، والأم الخارقة، والمرأة التي تستحق كل شيء بلا مقابل
((أخطر أنواع السلطة هي تلك التي تتخفى في صورة حب)) ""ميشيل فوكو""
وبالتالي فان أخطر ما في "الأنوثة المُدللة" أنها تُعيد تعريف دور الأم لا باعتباره عطاءً ورعاية، بل بوصفه مساحة استعراض وابتزاز وجداني.
وما إن تُتاح لها فرصة أن تُزيح الرجل من المشهد، حتى تُمارس دور "الأم-الأب" ليس لأنها مُضطرة، بل لأنها لا تحتمل أن يُشاركها أحد في تشكيل وعي الأبناء أو حبهم.
فـ"الأب" يُمثّل لها سلطة مزعجة تُنافس سلطتها المُقدّسة على نفوس الصغار.
((السلطة لا تُحب الشريك، بل تقتل لتبقى وحدها على العرش)) ""نيتشه"""
وهكذا، يتربى الطفل في حضن أنثى تُخبره ضمنيًا أن الأب غير ضروري، أو كان خطأً، أو لم يعرف كيف يحبهم كما تفعل هي.
لكن الحقيقة التي لا تُقال: أن الأب لم يُستبعد لأنه كان سيئًا، بل لأن نرجسيتها لا تحتمل وجوده.
هذا الطفل، حين يكبر، لا يصبح فقط يتيم الأب، بل يتيم التوازن، يتيم التصور السليم للعلاقات، يتيم النمو النفسي الكامل.
لقد نشأ في حقل مشوّه من المشاعر، حيث لا يُسمَح له أن يشتاق، أو يتساءل، أو يعترض.
وإذا فعل، كان الجواب جاهزًا: "أبوك لا يستحقك" – عبارة تُغلق كل أبواب الأسئلة، وتفتح أبواب التزييف.
((الطفل الذي يُربَّى على الكذب العاطفي، سيُقاتل الحقيقة عندما يكبر)) """ إريك فروم'""""
إن نقدنا للأنوثة المُدللة هنا لا يطعن في مشروعية الانفصال، لكنه يُسائل طريقة إدارة ما بعده.
هل تُربي هذه المرأة أبناءها كجسر نحو التوازن؟ أم كأدوات لإثبات تفوقها؟
هل تحرص على بقاء صورة الأب حاضرة؟ أم تهدمها لتبني على أنقاضها تمثالها الذهني المثالي؟
إننا نعيش في زمن تُكافأ فيه النساء على تدمير صور الرجال، باسم التحرر والتمكين، ولو كان الثمن: يتمًا نفسيًا لأجيال كاملة.
ولذلك، فإن أول ضحايا الأنوثة المُدللة ليس الرجل، بل الأطفال الذين يُربَّون على نصف الحقيقة، ونصف الحكاية، ونصف الحب.
((ليس الأب من يُملي الأوامر، بل من يُزرع في ظلّه التوازن)) """"
ألكسندر دوما