19/09/2025
الهروب عند أطفال التوحد
قراءة من العمق الوظيفي للدماغ والجهاز العصبي.
للأسف أغلب الخطابات السطحية تفسر الهروب بأنه سلوك أو اضطراب سلوكي بينما الحقيقة أن الهروب هو بصمة عصبية وظيفية لها جذور أعمق بكثير.
جذور هذا العرض:
1. خلل إدراك الحدود المكانية Spatial Boundaries:
🔹الدماغ الطبيعي يبني خريطة مكانية داخلية عبر تكامل الحصين (Hippocampus) مع الفص الجداري.
🔸في التوحد هناك ضعف واضح في هذه الشبكة ما يجعل الطفل غير قادر على إحساس حدوده المكانية.
النتيجة: الطفل لا يرى البيت كحد آمن بل كجدار غير مفهوم فيلجأ لاختراقه
2. قصور دوائر الأمان الداخلي Neuroception:
العصب المُبهم المتعدد (Polyvagal Theory) نظريه وضعها العالم الأمريكي ستيفن بورجس Stephen Porges وهي من أهم النظريات الحديثة اللي غيرت فهمنا لسلوك الإنسان خصوصاً عند حالات التوحد و القلق والصدمات النفسية.
تفسر هذه النظرية كيف يحدد الدماغ لاشعورياً هل البيئة آمنة أم لا؟
عند طفل التوحد الخلل في العصب المبهم (Vagus) يجعل الدماغ يقرأ البيئة باستمرار كـ غير آمنة.
الهروب هنا ليس رفضاً للبيت أو للأهل بل استجابة عصبية لمحاولة البحث عن مكان يُسجّل على أنه أقل تهديداً.
3. تشويش في بوصلات الدوبامين والتحفيز Dopaminergic Circuitry:
نظام المكافأة في الدماغ (Mesolimbic pathway) لا يعمل بكفاءة عند التوحديين.
البيت بما فيه من روتين وضغط حسي لا يمنح تحفيزاً كيميائياً كافياً فيلجأ الطفل للهروب كطريقة لإعادة تنشيط دماغه عبر الاستكشاف القهري.
هذا يفسر لماذا الهروب يتكرر حتى في غياب الخوف أو المثيرات الحسية.
4. الارتشاح المناعي – الدماغي Neuro-Immune Crosstalk:
ارتشاح الأمعاء تسرب ببتيدات أفيونية (exorphins) تعطيل الإشارات في الفص الجبهي.
عندها القدرة على التثبيط Inhibition تتراجع بشدة والقرار بالهرب يخرج بلا فلترة من الفص الأمامي.
أي ضغط صغير = فعل كبير (الهروب).
5. الجهاز العصبي في وضع الفرار المزمن Chronic Flight Mode:
دراسات HRV (تباين ضربات القلب) بيّنت أن أطفال التوحد يعيشون في Dominant Sympathetic Tone.
هذا يعني أن الجهاز العصبي الودّي يترجم أي مثير إلى أهرب فوراً.
ليس قراراً سلوكياً بل برمجة عصبية مستمرة تجعل الدماغ يختصر كل الخيارات في زر واحد: الفرار.
الخلاصة:
الهروب عند طفل التوحد نتيجة
▪️فشل تكامل الخرائط المكانية.
▪️اضطراب قراءة الأمان الداخلي.
▪️خلل دوائر المكافأة والتحفيز.
▪️الارتشاح المناعي العصبي.
▪️سيطرة الجهاز العصبي الودّي.
ولذلك الحل ليس منع أو تدريب
بل إعادة برمجة بيولوجية وظيفية كاملة تستهدف الدماغ الأمعاء والمناعة.