20/09/2025
أُدرك كل يوم أن الرحلة الحقيقية ليست في تغيير الآخرين أو فصل الواقع عن شريط أمانيّنا، بل في العمل على ذاتٍ أعمق: ذاتٍ لم تزل خافتةً خلف أقنعةٍ ووجوهٍ اعتدنا ارتداؤها.
الوعي مؤلم بقدر ما هو منير؛ لأن الضوء الذي ينبعث داخلي يعرّي ما حاولتُ إخفاءه — مخاوفي من الفقد، تشبّثي بأشياء لم تعد تنتمي للحاضر، وصورتي المتشرّدة عن الكمال. كثيرًا أفتقد الطاقة فأتوقف، لكن ذلك الشرر الأول الذي لمع بداخلي يذكرني أن البحث عن الذات الحقيقية عملية مستمرة، لا هدفًا واحدًا نبلغه ثم ننتهي.
ليس المطلوب أن «أقاوم ضعفي»؛ بل أن أرحم نفسي على ضعفها، أُعلّمه وأحضنه؛ أقبل محدوديتي كحقيقة إنسانية ليس فيها ذنب، ثم أختار خطواتٍ متعمدة — بالتدريج — نحو ما أريد أن أصبح. القبول هنا ليس استسلامًا بل أساس للحكمة: قبولي لوجعٍ أو خوفٍ يخرجني من دوامة الهرب أو الإنكار، ويمكّنني من التعلم والعمل من غير أن يثقلني الخجل أو يقيّدني الشعور بالذنب.
أتعلم أن الخسارة جزء من الرحلة، وأن الوداع قد يترك فراغًا لكنه أيضًا يحرّر مساحة لذاتٍ جديدة. أتعلم أن احتضان الألم بدل دفنه أرحم، وأن التغيير الحقيقي يحدث من داخل نظامٍ متّسق: وعي — قبول — خطوة عملية صغيرة — تكرار.
وعندما ينهكني السير، ألجأ إلى صلاتي ودعائي:
«اللهم ارزقني سكينةً تقويني على قبول ما لا أستطيع تغييره، ورجاحةَ عقلٍ وشجاعةً لأغيّر حيث أملك القدرة، ورأفةً بنفسي على ما لم يكن لها أن تؤديه على الوجه الأمثل». 🙏
د. كريستين سامي
معالجة نفسية إكلينيكية