07/07/2025
أسرار التوحد
أبرز مشكلتين بيولوجيتين تؤخّران تحسّن الطفل المصاب بالتوحد (تمر دون اهتمام بالطب الكلاسيكي)
رغم التقدم الكبير في فهم التوحد، لا يزال بعض الأطفال يتأخر تحسّنهم لسنوات، والسبب في كثير من الحالات لا يكون سلوكيًا أو تطوريًا فقط، بل بيولوجيًا عميقًا لا يُشخّص أو يُعالَج بشكل علمي شامل.
من خلال ملاحظات الطب الوظيفي (Functional Medicine)، تبرز مشكلتان بيولوجيتان رئيسيتان غالبًا ما تمرّان دون اهتمام كافٍ، رغم تأثيرهما الكبير على تعافي الطفل:
⸻
✅ أولًا: ارتشاح الأمعاء (Leaky Gut) — الخفي والمُهمَل
الأمعاء ليست مجرد عضو هضمي، بل مركز مناعي وعصبي حساس.
عند بعض أطفال التوحد، توجد حالة مزمنة وغير ظاهرة من زيادة نفاذية جدار الأمعاء، تُعرف بارتشاح الأمعاء.
هذه الحالة تجعل جدار الأمعاء يمرر جزيئات غير مرغوبة إلى الدم، مثل بقايا الطعام غير المهضوم، السموم، مكونات بكتيرية… مما يحفز التهابًا جهازيا يؤثر على الدماغ والسلوك والنوم والمزاج.
🔬 المشكلة أن هذا الارتشاح لا يُشخَّص غالبًا لأن الفحوصات التقليدية لا تبحث عنه بعمق، بينما أسبابه عديدة ومعقدة:
🔹 الأسباب الشائعة لارتشاح الأمعاء:
• اضطراب بكتيريا الأمعاء (دسبايوسس).
• تلف البروتينات التي تربط خلايا الأمعاء (Tight Junctions)، أحيانًا بسبب خلل جيني.
• العدوى البكتيرية أو الفطرية المزمنة.
• تحسس خفي من الأطعمة (مثل الغلوتين أو الكازين).
• التعرض للمعادن الثقيلة أو السموم البيئية.
• الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية أو أدوية الحموضة أو المسكنات.
🧠 معلومة حساسة:
في بعض الحالات، مجرد تحسس خفي من الغلوتين — لا يُكتشف بالتحاليل التقليدية — قد يُسبّب ارتباكًا عصبيًا وسلوكيًا طويل الأمد، ويُعيق التعافي لسنوات دون أن يُلاحظه أحد.
⸻
✅ ثانيًا: خلل المثيليشن (Methylation Dysfunction) — المحرك الصامت
المثيليشن هي عملية بيولوجية تحدث في كل خلية بالجسم، وتؤثر على:
• إزالة السموم (Detoxification).
• صناعة الناقلات العصبية (Dopamine, Serotonin).
• إنتاج الكولين (مهم للتركيز والتواصل).
• إنتاج الميلاتونين (لنوم منتظم).
• تنظيم الجينات وتوازن المناعة.
في أطفال التوحد، هناك نسبة كبيرة تُظهر خللًا في دورة المثيليشن، وغالبًا ما يتم تجاهله في الطب الكلاسيكي رغم أثره العميق على الدماغ والنمو.
🔹 لماذا يحدث خلل المثيليشن؟
• طفرات جينية (مثل MTHFR).
• نقص بفيتامينات B (خصوصًا B6، B12، B9).
• نقص في الكولين أو الزنك أو المغنيسيوم.
• إرهاق الكبد أو تعرض مزمن للسموم.
💊 العلاج الوظيفي للمثيليشن يشمل:
• مكملات B-Complex بجرعات علاجية، وليس فقط وقائية.
• استخدام فوليت ناشط (Methyl Folate) بدلًا من الفوليك الصناعي (Folic Acid)، لتجاوز الطفرات الجينية.
• إعطاء فيتامين B12 بصيغة ميثيل كوبالامين (Methylcobalamin)، مع ملاحظة أن:
• الامتصاص الفموي ضعيف.
• لذلك يُفضَّل إعطاءه بالحقن تحت الجلد (بسرنجات إنسولين)، بجرعات صغيرة مكررة، حسب توصيات الطب الوظيفي.
• دعم المثيليشن أيضًا يشمل:
• الكولين (Choline).
• بيتين (TMG).
• SAMe (بحذر وتحت إشراف طبي).
⸻
🔶 خلاصة ضرورية:
ارتشاح الأمعاء وخلل المثيليشن ليسا نظريات جانبية، بل أسباب جوهرية لتأخر تحسن بعض أطفال التوحد.
ورغم أن الطب الكلاسيكي قد لا يعطيهما أولوية، إلا أن الطب الوظيفي يشدد على أن التعامل مع هاتين المشكلتين قد يُحدث تحولًا نوعيًا في تطور الطفل، وتحسن نومه، مزاجه، قدرته على التعلم، وسلوكه.
⚠️ لكنها خطوات معقدة، وتتطلب إشراف طبيب متمرس في الطب الوظيفي أو الطب التكاملي، لأن التطبيق العشوائي للمكملات أو الحميات قد يأتي بنتائج عكسية.
⸻
📌 في الختام، لا يتعلق الشفاء من التوحد فقط بالتدريب أو الجلسات، بل أيضًا بفهم البيئة البيولوجية الدقيقة داخل جسم الطفل.
وقد يكون الحل في الأمعاء أو في توازن كيميائي دقيق — لم يُنظر إليه بجدية كافية.