
14/04/2022
اللهم استرنا بجاه سيدنا سهل التستري رضي الله عنه
الرسالة القشيرية
سهل بن عبد الله التستري أحد أئمة القوم، لم يكن له في وقته نظير في المعاملات والورع.
وكان صاحب كرامات، لقي ذا النون المصري بمكة سنى خروجه إلى الحج. توفي، كما قيل، سنة: ثلاث وثمانين ومائتين، وقيل: ثلاث وسبعين ومائتين.
وقال سهل: كنت ابن ثلاث سنين، وكنت أقوم بالليل أنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار، وكان يقولم
بالليل، فربما كان يقول لي: يا سهل، إذهب فنم فقد شغلت قلبي.
سمعت محمد بن الحسين، رحمه الله يقول: سمعت أبا الفتح يوسف ابن عمر الزاهر يقول: سمعت عبد الله
بن عبد الحميد يقول: سمعت عبيد الله ابن لؤلؤ يقول: سمعت عمر بن واصل البصري يحكي عن سهل بن
عبد الله قال: قال لي خالي يوماً: ألا تذكر الله الذي خلقك؟ فقلت: كيف أذكره؟ فقال لي: قل بقلبك
عند تقلُّبك في ثيابك ثلاث مرات. من غير أن تحرك به لسانك: الله معي، الله ناظر إليَّ، الله شاهد علي.
فقلت ذلك ثلاث ليال، ثم أعلمته، فقال لي: قل في كل ليلة سبع مرات. فقلت ذلك ثم أعلمت، فقال:
قل في كل ليلة إحدى عشرةَ مرة، فقلت ذلك، فوقع في قلبي له حلاوة. فلما كان بعد سنة قال لي خالي: احفظ ما علَّمتك، ودم عليه إلى أن ندخل القبر، فإِنه ينفعك في الدنيا
والآخرة.
فلم أزل على ذلك سنين، فوجدت لها حلاوة في سري.
ثم قال لي خالي يوماً: يا سهل، من كان الله معه، وهو ناظر إليه، وشاهده، أيعصيه؟ إياك والمعصيةً.
فكنت أخلو، فبعثوني إلى الكتاب، فقلت: إني لأخشى أن يتفرق علي همِّي، ولكن شارطوا المعلِّم: أني
أذهب إليه ساعة، فأَتعلّم، ثم أرجع.
فمضيت إلىالكتاب، وحفظت القرآن، وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين، وكنت أصوم الدهر، وقوتي
خبز الشعير، إلى أن بلغت إثنتي عشرة سنة، فوقعت لي مسألة وأنا ابن ثلاث عشرة سنة، فسألت أهلي أن
يبعثوني إلى البصرة أسأل عنها، فجئت البصرة وسألت علماءها فلم يشف أحد منهم عني شيئاً!!
فخرجت إلى عبادان، إلى رجل يعرف بأبي حبيب حمزة بن عبد الله العباداني، فسألته عنها فأجابني.
وأقمت عنده مدة أنتفع بكلامه وأتأدب بآدابه، ثم رجعت لي تستر فجعلت قوتي اقتصاراً على أن يشتري
لي بدرهم من الشعير الفرق فيطحن ويخبز لي، فأفطر عند السحر كلَّ ليلة على أوقية واحدة بحتاً، بغير
ملح ولا إدام فكان يكفيني ذلك الدرهم سنة.
ثم عزمت على أن أطوي ثلاث ليل، ثم أفطر ليلة، ثم خمساً، ثم سبعاً، ثم خمساً وعشرين ليلة. وكنت عليه
عشرين سنة. ثم خرجت أسيح في الأرض سنين، ثم رجعت إلى تستر وكنت أقوم الليل كله.
سمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت أبا العباس البغدادي يقول: سمعت إبراهيم بن فراس يقول: سمعت
نصر بن أحمد يقول: قال سهل ابن عبد الله: كل فعل يفعله العبد بغير اقتداء، طاعة كان أو معصية، فهو
عيش النفس، وكلُّ فعل يفعله بالاقتداء فهو عذاب على النفس.
📨 الرسالة القشيرية- القشيري