12/10/2025
عندما تكون المرأة حاملًا، تهاجر خلايا الجنين إلى مجرى دمها، ثم تعود إليه مرة أخرى في ظاهرة تُعرف باسم "التعايش الدقيق بين الأم والجنين" (Fetal-Maternal Microchimerism).
على مدار 41 أسبوعًا، تتنقل هذه الخلايا بين الأم والجنين، وتتبادل المعلومات الحيوية بينهما. وبعد الولادة، تبقى العديد من هذه الخلايا داخل جسد الأم، تاركة بصمتها الدائمة في أنسجتها، عظامها، دماغها، وحتى بشرتها، وقد تستمر لعقود. ليس ذلك فحسب، بل إن كل طفل تحمله الأم لاحقًا يترك أثرًا مماثلًا داخلها.
الأمر المذهل هو أن حتى في حالات الإجهاض أو الحمل غير المكتمل، تظل هذه الخلايا تهاجر إلى مجرى دم الأم، وكأن الطفل يترك جزءًا منه بداخلها، مهما كانت الظروف.
الأكثر روعة أن الأبحاث أثبتت أنه عند تعرض قلب الأم لأي إصابة، تهرع خلايا الجنين إلى موضع الجرح، وتتحول إلى خلايا متخصصة في ترميمه، وكأن الجنين يرد الجميل، فيساعد أمه على التعافي بينما هي تمنحه الحياة.
لهذا السبب، قد تختفي بعض الأمراض أثناء الحمل، وكأن جسد الأم يدخل في مرحلة من الحماية والتجدد المتبادل مع جنينها. حتى الرغبات الشديدة في الطعام التي تشعر بها الحامل، قد تكون في الواقع إشارة من الجنين إلى احتياج معين لدى الأم، يدفعها لاستهلاك ما ينقصها من عناصر غذائية.
المثير للدهشة أن دراسات حديثة عثرت على خلايا جنينية في دماغ الأمهات بعد 18 عامًا من الولادة، مما يفسر إحساس الأم الفطري والعميق بأطفالها حتى عندما يكونون بعيدين عنها.
الأم تحمل طفلها في رحمها لأشهر، لكن في الحقيقة، تحمل جزءًا منه داخلها مدى الحياة.