28/02/2025
نصر بلا ثأر!!
وحين انتصرت الثورة في جنوب أفريقيا 1994 كان أمام نلسون مانديلا آلاف التقارير عن مجرمين وشبيحة ومؤيدين لنظام الأبارثيد العنصري البغيض، عشرات الآلاف من المواطنين السود قتلوا وذبحوا في سجون الأبارتيد، وكشف سقوط النظام البغيض عن مجازر ومقابر جماعية رهيبة... النفوس تغلي بالغضب ورغبة الانتقام ...
كان أمامه الاختيار...
لقد أدرك من البداية أن طريق الثأر والانتقام لن يبني مجتمعاً سليماً وأن النار لا تطفأ بالنار...
أعلن عن لحنة الاعتراف والمصالحة واختار لها زعيماً تحترمه الأديان المختلفة وهو الأسقف ديزموند توتو..
أطلقت اللجنة عملها على أساس اعتراف الناس بما ارتكبوه، وتأكيد الدافع السياسي وراء ما فعلوه، وكان ذلك كافياً لعودته إلى الحياة...
فقط أولئك الذين ارتكبوا الجرائم لدوافع دنيئة، وتقدم ضدهم أفراد مظلومون في محاكم رسمية تمت محاكمتهم وفق القانون.
أما مانديلا المنتصر والذي حظي يتأييد العالم كله... بعد سجن استمر 27 عاماً، وبعد فوزه الساحق في الانتخابات أعلن عن حكومته الجديدة ونادى ديكليرك خصمه الأبيض العنيد.... الذي أشرف على سجنه وسجن آلاف السود في السنوات الأخيرة... وعرض عليه منصب نائب رئيس الجمهورية... في موقف أذهل العالم...
وهكذا تم تجاوز مآسي الماضي وعذاباته من دون حرب أهلية جديدة....
قال مانديلا: إننا لا نولد عنصريين ولا متباغضين.. إنه شيء يعلمه لنا الآباء... وكما جاز أن نتعلم الكراهية فإن من المؤكد أننا نستطيع أن نتعلم الحب
لا شيء أسهل من البغضاء... أما الحب فهو يحتاج أنفساً عظيمة
- #د. #محمد #حبش