
29/09/2025
📚 " سيكولوجية نظريات المؤامرة "
تاليف عالم النفس الهولندي جان ويليم فان بروجين
ترجمة منير عليمي
الناشر : صفحة سبعة
تاريخ النشر 2020
تاريخ النشر بالانجليزية 2018
The Psychology of Conspiracy Theories
by Jan-Willem Prooijen
مقدمة
من بين المواطنين، هناك من يؤمن بنظريات المؤامرة، يخضع لسلطانها، ويجد فيها جاذبية وسحرًا، بينما يوجد آخرون يعترضون على وجودها، وينكرون منطقها تمامًا. تثار الأسئلة التالية: ما الظروف التي تجعل الناس أكثر عرضة لتصديق هذه النظريات؟ وما هي عواقب الاعتقاد بها على الأفراد والمجتمع؟ وكيف يمكن لصانعي السياسة والسلطات تقليل تأثير هذه المعتقدات؟
هذه التساؤلات تقع في جوهر علم النفس الاجتماعي، لكنها تمتد أيضًا لتشمل مجالات أخرى مثل العلوم السياسية والإعلامية والاجتماعية. من هذا المنطلق، يهدف هذا الكتاب إلى تقديم نظرة عامة، موجزة، ومبسطة، وحديثة حول سيكولوجية نظريات المؤامرة، مع التركيز على العوامل المعرفية، الاجتماعية، والسياسية التي تدفع الأفراد لتصديقها، وكذلك الآثار والاستراتيجيات الممكنة لمواجهتها.
الفكرة الرئيسية:
يعالج الكتاب علم نفس نظريات المؤامرة من منظور نفسي واجتماعي، مؤكدًا أنها ليست ظاهرة حديثة أو مرضية، بل ناتج طبيعي عن عمليات بشرية متوقعة مثل الحاجة إلى الفهم، السيطرة، والانتماء الاجتماعي. يوضح المؤلف لماذا يؤمن بعض الأفراد أكثر من غيرهم بالمؤامرات، وما هي آثار هذه المعتقدات، سواء كانت سلبية (مثل الاستقطاب والعنف) أو إيجابية في بعض الحالات. كما يناقش دور السياسيين والمؤسسات في التخفيف من تأثير هذه المعتقدات، مع تقديم أمثلة واقعية مثل هجمات 11 سبتمبر وتغير المناخ.
المحاور الرئيسية
1-ما هي نظريات المؤامرة؟ (What Are Conspiracy Theories?)
يعرف المؤلف نظريات المؤامرة باعتبارها اعتقادات تفسر الأحداث الكبرى كمخططات سرية لمجموعات قوية شريرة. يفند فكرة أنها ظاهرة حديثة، مستعرضًا أمثلة تاريخية مثل المؤامرات الرومانية والقرون الوسطى.
أبرز النقاط:
النظريات ليست دائمًا غير عقلانية؛ قد تكون صحيحة أحيانًا، لكنها غالبًا ما تتأثر بالتحيزات المعرفية.
تقديم أمثلة تاريخية يوضح أن الميل لاعتقاد المؤامرات جزء من الطبيعة البشرية.
2-الجذور المعرفية (Cognitive Roots)
يركز على العمليات العقلية التي تدفع الإنسان لتفسير الفوضى على أنها مخططات متعمدة، مثل البحث عن الأنماط (patternicity) وإسناد النوايا (agenticity).
أبرز النقاط:
تحيزات معرفية مثل تأكيد المعتقدات (confirmation bias) تجعل الناس أكثر عرضة لنظريات المؤامرة.
الحاجة إلى الإغلاق المعرفي تعزز تصديق التفسيرات البسيطة على الواقع المعقد.
البشر يسعون دائمًا لتقليل عدم اليقين عبر ربط الأحداث بتفسيرات "مقصودة".
3-الجذور الاجتماعية (Social Roots)
يشرح دور الهوية الجماعية والانتماء الاجتماعي في تعزيز المعتقدات بالمؤامرات، خاصة في مجموعات "نحن مقابل هم".
أبرز النقاط:
الشعور بالتهديد أو الاستبعاد الاجتماعي يدفع الأفراد إلى تبني نظريات المؤامرة لتقوية التماسك الجماعي.
تأثير الأقران والمجتمع المحلي يمكن أن يضاعف قبول المعتقدات غير العقلانية.
4-الجذور السياسية (Political Roots)
يوضح كيف يتم استغلال نظريات المؤامرة في السياسة لتعزيز الاستقطاب وكسب التأييد الشعبي، مع أمثلة مثل الشك في تغير المناخ أو أحداث 11 سبتمبر.
أبرز النقاط:
فقدان السيطرة السياسية أو الاقتصادية يزيد الميل إلى تصديق المؤامرات.
القادة السياسيون قد يستخدمون هذه المعتقدات لتحقيق أهداف انتخابية أو تعزيز النفوذ.
5-الآثار والعواقب (Consequences)
يستعرض الكتاب النتائج السلبية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية للاعتقاد بالمؤامرات.
أبرز النقاط:
تآكل الثقة في المؤسسات والشركات الحكومية.
الاستقطاب السياسي والاجتماعي، وقد يصل إلى العنف الجماعي.
تراجع الالتزام بالإجراءات العلمية، مثل رفض اللقاحات أو تجاهل بيانات التغير المناخي.
6-كيفية التعامل مع نظريات المؤامرة (Dealing with Conspiracy Theories)
يقدم المؤلف استراتيجيات عملية للتخفيف من تأثير النظريات على الأفراد والمجتمع، مؤكداً أن مواجهة الحقائق وحدها غير كافية.
أبرز النقاط:
تعزيز التثقيف النقدي وبناء الثقة بالمؤسسات.
زيادة الشفافية في القرارات السياسية والعلمية لتقليل ميل الأفراد للبحث عن تفسيرات بديلة.
التفاعل الاجتماعي الإيجابي يمكن أن يقلل من الميل للاعتقاد بالمؤامرات.
الاستقبال النقدي:
الإيجابيات:
يُشيد بالأسلوب الموجز والجذاب، مع التركيز على الجوانب النفسية الطبيعية للنظرية، بدلًا من الوصم الاجتماعي.
حصل على تقييمات عالية (حوالي 4.1/5 على Goodreads) ويُعتبر مرجعًا ممتازًا لفهم تأثير المؤامرات في السياسة والمجتمع.
يُستخدم في أبحاث التطرف والإعلام والتعليم الإعلامي.
السلبيات:
قصير نسبيًا مما يجعله أقل عمقًا في أمثلة خارج السياق الغربي.
بعض الفصول سطحية مقارنة بالأبحاث الأكاديمية المفصلة للمؤلف نفسه.
المغزى الفكري:
يبرز الكتاب نظريات المؤامرة كنتاج طبيعي للعمليات النفسية البشرية، مثل الحاجة إلى فهم العالم والسيطرة عليه والانتماء الاجتماعي، وليس كاضطراب نفسي أو مرض. يعكس سياق ما بعد 2016، حيث أصبحت هذه النظريات أدوات سياسية وانتشارية عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. كما يسلط الضوء على أهمية التعليم النقدي والشفافية للحد من تأثيرها، مع تطبيقات واضحة في تحليل انتشار المعتقدات في العالم العربي حول السياسة والصحة والمجتمع.
نبذة عن المؤلف:
جان-ويليم فان برويجين هو أستاذ مشارك في علم النفس الاجتماعي والتنظيمي بجامعة فو أمستردام (VU Amsterdam) في هولندا، وباحث أول في المعهد الهولندي لدراسة الجريمة وإنفاذ القانون (NSCR). يُعد من أبرز الباحثين في مجال نظريات المؤامرة، التطرف، والسلوك غير الأخلاقي، وله أكثر من 100 بحث علمي منشور في مجلات مرموقة مثل Perspectives on Psychological Science وJournal of Personality and Social Psychology. تركز أبحاثه على العمليات النفسية التي تدفع الأفراد إلى الاعتقاد بالمؤامرات، مع اهتمام خاص بالجوانب المعرفية والاجتماعية والسياسية لهذه الظاهرة.
خلاصة نهائية:
علم نفس نظريات المؤامرة لجان-ويليم فان برويجين هو مقدمة علمية موجزة وموسعة لفهم اعتقاد الناس بالمؤامرات. من خلال ستة فصول تغطي التعريف، الجذور المعرفية والاجتماعية والسياسية، الآثار، واستراتيجيات المواجهة، يقدم الكتاب إطارًا شاملًا لفهم الدوافع النفسية وراء هذه المعتقدات. رغم صغر حجمه، فإنه يُعد مرجعًا أساسيًا للباحثين والطلاب والمهتمين بعلم النفس الاجتماعي والسياسة، ويؤكد على أن التعامل مع نظريات المؤامرة يتطلب تعزيز الثقة، التعليم النقدي، والشفافية المجتمعية والسياسية.