04/06/2025
الطفل نادر...
بدأت قصتنا من طفل حركي جدًا، لا يهدأ، لا يستجيب، كثير الصراخ، يرفض كل الحدود، طفل يحمل في عينيه سؤالًا دائمًا: "هل تفهمونني؟"
كان نادر يُصنَّف على أنه "صعب"، "عدواني"، "مزعج"... لكن أحدًا لم يُصغِ إلى ما وراء السلوك. خلف كل حركة مفرطة، كانت هناك مشاعر مكبوتة، وخلف كل رفض، كانت هناك حاجة غير مُلبّاة.
اقتربت منه لا كأخصائية فقط، بل كإنسانة. لم أطلب منه أن "يتغيّر"، بل عرضت عليه أن "يفهم". لم أفرض عليه النظام، بل خلقناه معًا. علّمته كيف يهدأ، حين كنت أنا أول من هدأ لأجله.
بدأنا أولًا بتعديل السلوك داخل المركز، بخطوات صغيرة وثابتة، نعلمه فيها كيف يضبط انفعالاته، كيف يعبّر، وكيف يطلب حاجته بطريقة صحيحة. وبعد أن لمسنا تحسنًا، وسّعنا العمل ليشمل القسم الدراسي، حيث بدأ يحترم القواعد والتعليمات، ويكوّن تفاعلات إيجابية مع زملائه.
ثم خرجنا من الإطار المغلق، ورافقناه في الأماكن العامة، لنختبر مدى استقراره النفسي والسلوكي... ونجح. نعم، نجح نادر في ضبط نفسه واحترام الآخرين خارج الجدران.
واليوم، نادر ليس فقط طفلًا متزنًا سلوكيًا، بل هو طفل استطاع أن يُحقق معدل تشجيع داخل القسم. معدل لم يكن يُتوقّع منه في البداية، لكنه كان ممكنًا... لأنه كان يستحق الفرصة.
نادر لم يكن المشكلة... نادر كان الطفل الذي يحتاج أن يؤمن به أحد.
قصة نادر تذكرني دائمًا بأن خلف كل سلوك صعب، هناك رسالة... ووراء كل طفل، هناك أمل.
#الطفولة
ًا
#نادر
@أبرز المعجبين الأخصائية النفسانية قندوز ملاك