
10/09/2025
سجدة شكر من رجال الإسعاف تعلن عن عودة مواطن للحياة
==============================
غالبًا ما اقترنت سجدة الشكر في أذهاننا بانتصاراتنا الرياضية داخل المستطيل الأخضر، والتي تأتي في أعقاب لحظات من الترقب وحبس الأنفاس لضربة جزاء ترجيحية، أو فرصة انفراد استثنائية، أو تصدي حارس المرمى لركلة مصيرية. ولكن سجدة اليوم جاءت بانتصار جديد وبكأس هو الأغلى والأقيم على وجه البسيطة: كأس الحياة. فوز لا يعرف الهزيمة، فالهزيمة ضريبتها حياة إنسان.
سجدة الشكر جاءت من محافظة الإسكندرية: استغاثة إسعافية قصيرة "مواطن واقع في الشارع قاطع النفس"، لتنطلق مركبتنا الإسعافية كود 3089 صوب موقع الاستغاثة، يعتلي صهوتها فرسان الحياة الزميل محمد معوض الدسوقي ورامي رفيق شلبي. لحظات بسيطة وكان الزميلان بموقع الاستغاثة، لتصدمهم كلمات المواطنين الذين تجمهروا حول رجل في العقد الخامس من العمر ممدد الجسد على الرصيف: "الراجل مات".
يظل رنين كلمة الموت هو الأثقل والأصعب على رجال الإسعاف، فالكلمة تحمل بين طياتها العجز واليأس وفشل عملية إنقاذ وإسعاف لمصاب أو مريض. فالركون إلى القدر لا يعني اليأس وفقدان الأمل، بل يعني الأخذ بالأسباب والتشبث بأقل بصيص أمل قد يلوح في الأفق، وتلك هي نقطة البداية.
هوى المسعف محمد معوض على ركبتيه بجوار الرجل يتحسس نبضه وعلاماته الحيوية، ولكن غابت كل مؤشرات الحياة عن الرجل؛ فلا نبض ولا تنفس. ليعلن بصوت أشبه بالصرخة: "الجهاز بسرعة يا رامي". في لمح البصر أحضر زميله جهاز الصدمات، وبسرعة بدأ الزميلان في تركيب جهاز الصدمات على صدر الرجل، وبدأ المسعف محمد معوض في عمل ضغطات صدرية للرجل. وعلى الجانب الآخر بادر زميله بإحضار التروللي ووضعه بجوار الرجل، واستمرت الضغطات الصدرية على الأرض، ومنها إلى التروللي وصولًا إلى وضع الرجل داخل سيارة الإسعاف.
معركة التشبث بالحياة استمرت داخل سيارة الإسعاف؛ معركة ضد شبح الموت الذي لازم ذلك الرجل الخمسيني. معركة شهد فصولها حشد من المواطنين تملكهم يقين بأن الرجل قد فارق الحياة؛ حشد من المواطنين اعتلت وجوههم نظرات الحيرة تجاه ما أقدم عليه رجال الإسعاف من محاولة لإنقاذ ذلك الرجل، نظرة تلاشت مع إغلاق سيارة الإسعاف لأبوابها في وجوههم وهي تنطلق صوب المستشفى.
خمس دورات إنعاش قلبي رئوي، ولا نبالغ إن قلنا خمس بطولات إنعاش قلبي رئوي، قادت رجال الإسعاف لنصر كبير. نصر أعلنه جهاز Monitor الخاص بقياس العلامات الحيوية داخل سيارة الإسعاف بعودة النبض لذلك الرجل. وبسرعة يتم تركيب Airway له للحفاظ على سلامة ممر الهواء. وأعلنت سيارة الإسعاف عن وصولها للمستشفى بشكل درامي ينم عن حدث جلل عبر صرير مكابحها الشديد الذي لفت انتباه كل الحضور باستقبال الطوارئ، ليندفع رجال الإسعاف بالرجل صوب الطوارئ، وفور رؤية الأطباء للمريض تم نقله بشكل عاجل للرعاية المركزة.
لحظات ثقيلة ليست طويلة بمقدار ما هي دقيقة، لازم خلالها رجال الإسعاف ذلك الرجل الذي يجهلون اسمه أو قصته، ولكنهم يعلمون قيمته وأهمية نجدته. لحظات صمت قطعها طبيب الرعاية بكلمات شكر لرجال الإسعاف على ما بذلوه، وبإعلان استقرار حالته. لتأتي سجدة الشكر من رجال الإسعاف بشكل عفوي وبلا تمهيد لتعلن عن الفوز الأكبر في ذلك الماراثون الكبير.
شاركنا رأيك في التعليقات حول مشاهداتك أو تجاربك مع رجال الإسعاف المصري...