كتاب "حجة المتذمم" الجامع لمسائل الاعتقاد من البداية إلى النهاية.

  • Home
  • Egypt
  • Ismailia
  • كتاب "حجة المتذمم" الجامع لمسائل الاعتقاد من البداية إلى النهاية.

كتاب "حجة المتذمم" الجامع لمسائل الاعتقاد من البداية إلى النهاية. Contact information, map and directions, contact form, opening hours, services, ratings, photos, videos and announcements from كتاب "حجة المتذمم" الجامع لمسائل الاعتقاد من البداية إلى النهاية., Ismailia.
(1)

صفحة خاصة بنشر وتوزيع كتاب ("حجة المتذمم" الجامع لمسائل الاعتقاد من البداية إلى النهاية).
دراسة علمية استقصائية تحليلية تأريخية لما ورد في كتاب البداية والنهاية للإمام ابن كثير ويخص مسائل الاعتقاد والمذاهب والأديان.
لفضيلة الشيخ / مصطفى بن محمد آل سرور.

21/09/2025

#تابع٢مسألة٠تحقيق٠الأخبار٠في٠علم٠الاعتقاد

21/09/2025

دور معلّم الفصل في التربية والتوعية بمخاطر العصر..

الحمد لله الذي جعل العلم نورًا يضيء القلوبَ، وجعل التعليم رسالةً ساميةً تتجاوز حدودَ الكتابِ والكراس، وصلاةً وسلامًا على معلّمِ البشريةِ الأولِ صلى الله عليه وسلم، الذي كان يُربّي قبل أن يُعلِّم، ويُوجِّه قبل أن يُقرِّر.

- المعلّم القدوة:

مدرّس الفصل -وخاصةً في المراحل المبكرة- ليس مجرّد ناقلٍ للمعلومات أو شارحٍ للمنهج، بل هو في نظر تلاميذه صورةٌ حيّةٌ للقدوة، يتعلمون منه الأخلاقَ كما يتلقون منه الدروسَ.

فالأطفال في تلك السن المبكرة يلتقطون السلوكَ أكثر مما يحفظون العباراتِ، ويُقلّدون المواقفَ أكثر مما يراجعون الصفحاتِ.

ومن هنا كان أثر المعلّم في غرس القيم أعظمَ من أثر الكتابِ في ترسيخ المعارفِ.

- التربية قبل التعليم:

ومع اتساع دائرةِ المؤثرات في زمانِنا -من تلفازٍ وألعابٍ إلكترونيةٍ وإنترنتٍ وشبكاتِ تواصلٍ- غدا المعلّم حارسًا تربويًا، يُنبّه الصغارَ إلى مواطنِ الخطر، ويزرع فيهم وعيَ الاختيار، حتى لا يكونوا صيدًا سهلًا لشاشاتٍ تجتذب العقولَ، وتسرق الأوقاتَ، وتُفسد الفطرَ.

والمعلّم الذي يخصّص بضع دقائقَ من حصته ليتحدث إلى طلابه عن قيمةِ الوقتِ، أو خطرِ التقليد الأعمى لما يُعرض في المسلسلات ومقاطع الفيديو، يغرس في نفوسهم دروسًا تبقى أطولَ مما تبقى قوانينُ الحسابِ أو نصوصُ القواعدِ.

- لغة الودّ لا لغة الوعظ:

ولأن الأطفال يتأثرون باللطف أكثرَ مما يتأثرون بالتقريع، فإن دور المعلّم يتجلّى في استخدام لغةٍ بسيطةٍ قريبةٍ، تُحوِّل التحذيرَ من المخاطر إلى حكايةٍ تربويةٍ، وتحوّل النصيحةَ إلى موقفٍ عملي.

فقد يُعطي المعلّم واجبًا تربويًا لا علاقةَ له بالمنهج، كأن يطلب من الطلاب أن يدوّنوا كيف قضَوا ساعةً في يومِهم بلا شاشةٍ، أو أن يشاركوا بعملٍ نافعٍ في البيت.

- شراكة مع الأسرة:

ولا يخفى أن مسؤوليةَ المعلّم ليست بديلًا عن دور الوالدين، بل هي شراكةٌ مكمّلةٌ، يلتقي فيها صوتُ المعلّم مع صوتِ الأبِ والأمِّ ليشكّلوا حصنًا واحدًا أمام رياحِ العصرِ المدمّرةِ.

فحين يحدّث المعلّم طلابه عن مخاطرِ الاستخدامِ السيّئ للإنترنت، ويجد الطفلُ في بيتِه التأكيدَ نفسَه، عندها يترسّخ الوعي ويتحوّل إلى عادةٍ.

----

خاتمة:

إننا في عصرٍ لا تكفي فيه المناهجُ الدراسيةُ وحدها لتربيةِ جيلٍ سليمِ الفطرةِ، بل يحتاج النشءُ إلى مربّين من طرازٍ خاص، يحملون همَّ الرسالةِ قبل همِّ الوظيفةِ، ويستشعرون أن الكلمةَ التي يزرعونها في عقلٍ صغيرٍ قد تُثمر صلاحًا لأمةٍ بأكملِها.

والمعلم الذي يقوم بدورِه في التربيةِ والتوعيةِ إلى جانب التعليم هو -في الحقيقة- صانعُ رجالٍ ونساءٍ قادرين على مواجهةِ تحدياتِ الحياةِ بوعيٍ وإيمانٍ.

فتحية طيبة مباركة لكل معلم يعي دوره ويقوم بواجبه تجاه أجيال إما نعز بها من بعد ذل، أو تذهب بنا إلى انسلاخ كامل عن الدين والأعراف والأخلاق..

20/09/2025

#تابع٠مسألة٠كبرى٠في٠تحقيق٠الأخبار٠والآثار٠في٠علم٠الاعتقاد

20/09/2025

الفساد الأسري تحت وطأة المسلسلات والأفلام ومنصات التواصل..

الحمد لله الذي أمر بحفظ الأمانات، وجعل الأسرة ميدان التربية الأولى، وصلى الله وسلم على نبينا محمد القائل: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته».

أولاً: خطر الإعلام المرئي الحديث على البيوت.

لم يعد الخطر مقتصرًا على المسلسلات والأفلام، بل جاء ما هو أوسع أثرًا وأسرع انتشارًا: منصات التواصل واليوتيوب. فقد فتحت هذه الوسائل نوافذ واسعة إلى كل بيت، يحمل من خلالها الأبناء شاشاتهم الصغيرة حيث شاءوا، بلا رقيب ولا حسيب.

ففي دقائق معدودة، يتعرض الطفل لمحتوى يطبع في ذهنه صورًا من العنف أو الانحراف الأخلاقي.

وتُقدَّم له شخصيات شهيرة على «يوتيوب» أو «تيك توك» باعتبارها قدوات، بينما هي في الحقيقة نماذج للتفاهة أو الانحراف.

كما تُضخ عبر هذه المنصات حملات مدروسة لخلخلة القيم، وتشويه الهوية الدينية، وإضعاف الانتماء للأسرة والمجتمع.

ناهيك عن أصحاب الأجندات و الأيديولوجيات الذين يندسون أو حتى ينشئون الحسابات والصفحات لتخريب العقول وتشتيت الكلمة ونشر الإشاعات وتخريب الأوطان..

ثانيًا: النتائج المترتبة على الأبناء.

- تفكك القيم الأسرية.

- ضياع الوقت.

- تشوه الهوية.

- انكسار الرقابة الذاتية.

وغيرها من آثار تابعة..

ثالثًا: مسؤولية الأسرة والوعي المطلوب.

الأسرة اليوم أمام امتحان جديد، أصعب من ذي قبل، لأن الشاشة صارت في جيب كل ولد وبنت. ولا سبيل إلا بوعي يقظ:

1. المتابعة الذكية: لا تقوم على التجسس، بل على فتح حوار دائم ومراقبة مهذبة.

2. تقديم البدائل: قنوات يوتيوب تعليمية نافعة، منصات إسلامية هادفة، قصص وسير من التراث.

3. تنمية المهارات: إدماج الأبناء في أنشطة واقعية تغنيهم عن العالم الافتراضي.

4. غرس الوازع الديني: أن تكون علاقة الابن بربه هي الرقيب الحقيقي على اختياراته.

-----

وهنا يجب التنبيه أن انشغال الآباء بجلب الرزق أو الانغماس في أعمالهم لن يعفيهم أمام الله من مسؤولياتهم تجاه أبنائهم؛ فالأبناء أمانة، ومن ضيّع الأمانة فقد خانها. وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6].

وجاء في الحديث الشريف: «ما من عبدٍ يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته، إلا حرّم الله عليه الجنة» [رواه البخاري ومسلم].

فهذا وعيد شديد يذكّر الآباء أن التقصير في رعاية الأبناء وتربيتهم لا يُغتفر بمجرد الانشغال بتوفير المال.

رابعًا: الحلول العملية والفاعلة.

- إنشاء ميثاق أسري لاستخدام الأجهزة، يحدد أوقاتًا وضوابط للمشاهدة والتواصل.

- تخصيص جلسات أسرية للحوار حول ما يشاهده الأبناء، لتصحيح المفاهيم الخاطئة.

- دعم المبادرات التي تنتج محتوى نقيًا ونافعًا، وتشجيع الأبناء على متابعته.

- ربط الأبناء بالمساجد والمراكز التربوية، ليجدوا مجتمعًا حقيقيًا يوازن حياتهم الرقمية.

-----

خاتمة.

إن الفساد الذي ينفذ إلى بيوتنا عبر المسلسلات والأفلام ووسائل التواصل واليوتيوب أخطر مما يُظن، لأنه يتسلل بهدوء، ويُغيّر القلوب قبل أن يُغيّر السلوك. والمسؤولية تقع أولًا على الأسرة، ثم على المجتمع، في أن يُحصّن أبناءه بالوعي، ويقدّم لهم البدائل، حتى يخرجوا إلى الحياة وهم محصّنون من الداخل، أقوياء أمام تيارات التغريب والانحراف.

وإهمال كل ذلك بالتهوين أو حتى التسويف لن يعود على مجتمعاتنا إلا بكل ما هو شر، لا يرضي إلا أعدائنا الطامعين في بلادنا ومقدراتها، وقد تكالبوا كما أخبر المعصوم صلى الله عليه وسلم.

فهل من مستجيب لهذا النذير..

هذا مستوى فهم و (ذكاء) الذين يدعون الناس إلى نبذ السنة والاكتفاء بالقرآن!.أقول: إذا كنتم لا تدركون أبجديات الفهم، فكيف ت...
19/09/2025

هذا مستوى فهم و (ذكاء) الذين يدعون الناس إلى نبذ السنة والاكتفاء بالقرآن!.
أقول: إذا كنتم لا تدركون أبجديات الفهم، فكيف تريدون فهم القرآن دون السنة وهي شارحته؟!.

ملحوظة: تم اخفاء اسم الأخ رفعا للحرج..

19/09/2025

تقديم النص القرآني على السنة بين الإشكال والجواب..

الحمد لله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان، وجعل سنة نبيه صلى الله عليه وسلم بيانًا له وشرحًا، وصلاة وسلامًا على المبعوث رحمة للعالمين، القائل: «ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه».

يُثير بعض الناس إشكالًا حول السنة النبوية، يقولون فيه: إن الإشكال ليس في إنكار السنة بالكلية، وإنما في أن النص القرآني مقدم على جميع النصوص مهما كان مصدرها، لأن بعض الأحاديث نُقلت مع التحريف أو النسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بغير حق، بل وربما ظهر فيها ما يخالف القرآن.

وزادوا على ذلك أن اعتماد العلماء على علم الجرح والتعديل، الذي يختص بالرواة والأسانيد، دون النظر الكافي في المتون، قد جعل الباب مفتوحًا لدخول ما ليس من السنة.

وهذا القول -وإن كان يحمل حرصًا على القرآن- إلا أنه في الحقيقة مبني على سوء فهم لمنهج العلماء، وغفلة عن الجهود العظيمة التي بُذلت لحفظ سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

ويمكن الجواب عنه في ثلاث نقاط رئيسة:

أولًا: القرآن والسنة وحيان متكاملان.

القرآن هو أصل الأصول، وهو المهيمن على ما سواه، والسنة الصحيحة جاءت مبينة له وشارحة ومفصلة، كما قال تعالى:
﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: 44].

فليس في الاحتجاج بالسنة مزاحمة للقرآن، بل هي من تمام العمل به، إذ لا سبيل لفهم كثير من أحكامه إلا ببيان النبي صلى الله عليه وسلم. ومن زعم الاكتفاء بالقرآن وحده فقد أعرض عن هذا البيان الذي أنزله الله معه.

ثانيًا: خصوصية علم الجرح والتعديل.

لقد تفرّدت هذه الأمة بعلوم لحفظ السنة لا نظير لها عند غيرها من الأمم. ومن أعظمها علم الجرح والتعديل، الذي يعنى بفحص أحوال الرواة؛ من حيث صدقهم وضبطهم وأمانتهم. فدُوّنت تراجم آلاف الرواة، ورُصدت دقائق حياتهم، وعُرف الثقة من الضعيف، والصادق من الكاذب، حتى صار عند المسلمين ميزان دقيق يميّز الصحيح من السقيم.

وليس في ذلك ما يُخشى منه، بل هو ضمانة قوية ضد التحريف والدسّ، وسبب في نقاء السنة وبقائها حجة خالدة.

ثالثًا: عناية المحدثين بالمتون.

ليس صحيحًا أن المحدثين وقفوا عند الأسانيد وحدها، بل جعلوا للمتون نصيبًا وافرًا من الدراسة والتمحيص. ومن أجل ذلك نشأت علوم جليلة، منها:

- علم علل الحديث: يختبر المتن بدقة، ويكشف الشذوذ والاضطراب.

- علم مختلف الحديث: يزيل ما يبدو من التعارض بين الأحاديث أو بينها وبين القرآن.

- علم مشكل الحديث وغريب الحديث: يعتنيان بفهم المعاني وتوضيح المبهم.

بل القاعدة عندنا أن الحديث إذا ثبتت صحته من حيث السند، ثم ظهر في متنه ما يخالف القرآن مخالفة صريحة لا يمكن الجمع بينها، فإنه يُردّ. وهذا أبلغ دليل على أن المتن أساس معتبر.

رابعًا: تميّز كل علم بضوابطه الخاصة.

ومضافًا إلى ما سبق، فإن لكل علم من علوم الشريعة تحقيقه الخاص وضوابطه الدقيقة. فعلماء العقيدة -على سبيل المثال- ينظرون في الأحاديث بصرامة أشد من غيرهم، ويضعون معايير خاصة عند القبول والرد، ومن ذلك مسألة قبول خبر الآحاد أو رده فيما يتعلق بأبواب العقائد.

ومن أدوات التحقيق التي اعتمدها العلماء كذلك: التمييز بين الحديث المتواتر والحديث غير المتواتر، فالمتواتر يفيد العلم واليقين، أما غيره فيحتاج إلى مزيد تمحيص وتحقيق قبل العمل به في مواضع مخصوصة.

وقد بسطتُ القول في ذلك في كتابي حُجّة المتذمّم في مسألة خاصة، فليراجَع هناك لمن أراد مزيدًا من التوسع.

---

خاتمة

يتضح لنا أن هذا الإشكال ناشئ عن عدم معرفة بمنهج المحدثين. فالقرآن أصلٌ محفوظ بحفظ الله، والسنة الصحيحة وحي شارح ومبيّن، وقد قيّض الله لها علماء نبهاء وضعوا مناهج دقيقة في نقد الأسانيد والمتون معًا.

ومع ذلك، فإنه من الواجب إدراك الفارق بين منزلة القرآن ومنزلة السنة، فلا تُجعل مساوية له في الرتبة أبدًا، انجرارًا وراء العصبية المضادة للقرآنيين الذين ينكرون السنة بالكلية؛ بل تبقى السنة -وإن كانت وحيًا- ظنية الثبوت في مجملها، تحتاج إلى التحقيق والتدقيق، بخلاف القرآن الذي هو قطعي الثبوت.

فالقول بتقديم القرآن لا يعني إهمال السنة، بل الحق أن يُعمل بهما معًا، على الوجه الذي سار عليه السلف الصالح. ومن ترك السنة بزعم الاكتفاء بالقرآن، فقد أعرض عن البيان الذي أُمرنا بالأخذ به، ووقع فيما خشي أن يفرّ منه.

نسأل الله أن يبصرنا بالحق، وأن يرزقنا اتباع كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، على فهم السلف، برفق وهداية.

18/09/2025

القرآنيون -معتزلة العصر- / وهم الاكتفاء بالقرآن دون السنة.

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتمّ علينا النعمة، وجعل هدي نبيه صلى الله عليه وسلم بيانًا لكتابه، وصلاةً وسلامًا على المبعوث رحمةً للعالمين.

إن من سنن الله الجارية أن الحق لا يزداد رسوخًا إلا بظهور الباطل في مقابله، وأن النور لا يتجلّى إلا إذا اشتدّ الظلام من حوله.

وهكذا فإنّ من خصائص هذا الدين أن خصومه أنفسهم -بقصد أو بغير قصد- يبرزون عظمته، ويؤكدون حاجة البشرية الدائمة إلى هديه.

لقد أنزل الله كتابًا محفوظًا إلى يوم الدين، وجعل معه سنّة نبيه صلى الله عليه وسلم شارحةً له ومبيّنةً لمعانيه؛ فالقرآن هو الأصل الجامع، والسنة هي البيان المتمّم.

ومع وضوح ذلك، ظهر في زماننا من يزعمون الاكتفاء بالقرآن الكريم وترك السنة بالكلية، وهم الذين سمّوا أنفسهم "القرآنيين". وإذا كان معتزلة الصدر الأول قد قدّموا بدعتهم على حياء، فإن هؤلاء قدّموها اليوم في ثوب أكثر فسادًا، حتى غدت نسخةً مشوّهة من ضلالٍ قديم.

غير أنّهم -من حيث لا يشعرون- رفعوا من مكانة السنة، إذ لا سبيل إلى فهم القرآن، ولا إلى إقامة أركان الإسلام من صلاة وزكاة وصيام وحج، إلا ببيان النبي صلى الله عليه وسلم.

ولهذا جاء القرآن نفسه آمرًا باتباع الرسول، فقال: ﴿وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول﴾، وقال: ﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله﴾، وقال: ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا﴾.

ولم يترك النبي صلى الله عليه وسلم الأمر دون تنبيهٍ سابق، بل أخبر الأمة وحذّرها من هذه الفرقة، فقال: «ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه…».

وهو نصّ صريح في أن السنة وحي من عند الله، يجب اتباعها كما يُتبع القرآن.

بل هو خبر إعجازي يكشف عن مآلات قادمة، كما حذّر أيضًا من الذين يقرأون القرآن لا يتجاوز حناجرهم، في إشارة إلى النصوصيين الحرفيين.

(وهكذا اكتمل المشهد بين انحرافين متقابلين).

----

خطر هذا الفكر على المسلمين..

إن الاكتفاء بالقرآن وترك السنة لا يعني التيسير ولا التخفيف كما يتوهّمون، بل يعني هدم الدين من أساسه.

فمن نتائج ذلك:

- ضياع الفهم الصحيح للقرآن.

- تحكيم الأهواء في الدين، فيصبح كل فريق مذهبًا قائمًا بذاته.

- اندثار معالم العبادة الصحيحة، فلا تبقى صلاة ولا زكاة ولا شعيرة كما أمر الله بها.

ولهذا فإنّ خطر القرآنيين لا يُرى إلا حين ندرك أنه يقف على الضفّة الأخرى من انحرافٍ مقابل.

----

فساد الأضداد: القرآنيون والنصوصيون..

كما أنّ هؤلاء غلوا في إقصاء السنة، فقد غلا "النصوصيون الحرفيون" في الجمود على ظاهر الألفاظ وحروف النصوص، حتى جعلوا الدين أحكامًا بلا روح، وقيودًا بلا حكم، ونصوصًا بلا مقاصد.

وبذلك قدّم كلا الطرفين -من حيث لا يشعران- الدليل على أن الدين لا يستقيم إلا بمنهجٍ وسط؛ منهجٍ يجمع بين نصوص الوحيين وفهمها على ضوء مقاصد الشريعة وروحها.

----

التمسك بالوحيين هو النجاة..

ولأجل ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله وسنّتي». فهذا هو الطريق المستقيم، وهذا هو الصراط الذي من تمسك به نجا.

ومن هنا فإنّ الواجب على المسلمين أن يلزموا غرز نبيهم صلى الله عليه وسلم، وأن يقابلوا هذه الدعوات المنحرفة بالبيان الهادئ والحكمة والرحمة. فليس المقصود مجرّد ردّ الشبهة، وإنما بيان أن الخير كل الخير في اتباع الوحيين، وأن الخسران كل الخسران في الإعراض عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

----

وخلاصة الأمر..

إن ظهور القرآنيين والنصوصيين معًا ليس إلا شهادةً على أن الدين لا يعتدل بطرف دون آخر، وأن الحق لا يتجلّى إلا بالجمع بين نصوص الوحيين وفهمها في ضوء مقاصدها.

وهكذا يزكّي الأضداد بعضها بعضًا، ليبقى الحق أوضح من الشمس في رابعة النهار: ﴿فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم﴾.

(لمن أراد مزيدًا من التفصيل في شأن هذه الأضداد ومآلاتها، فقد بسطت القول في ذلك في كتابي "حُجّة المتذمّم"، فليراجعه من شاء بسطًا وإيضاحًا).

17/09/2025

آداب النشر على مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما أثناء الابتلاءات..

في زمنٍ صارت فيه مواقع التواصل الاجتماعي ميدانًا رحبًا لتداول الأفكار والمشاعر، أصبحت الكلمة المكتوبة أمانة ومسؤولية، خصوصًا حين تحيط بالأمة ابتلاءات عامة من فتنٍ أو حروبٍ أو أزماتٍ مؤلمة.

ولأنّ القلم أحيانًا أبلغ أثرًا من السيف، صار لزامًا على المسلم أن يتأدب بآداب الشرع عند النشر، حتى تكون كلماته سببًا في نصرة الحق وتثبيت القلوب، لا في إشاعة الفوضى واليأس.

فأولًا: استحضار النية.

المسلم متعبد لله في كل أحواله، حتى فيما يكتبه وينشره. فليقصد بكلماته وجه الله ونصرة دينه وتبصير الناس بواجبهم، لا التفاخر ولا حب الظهور ولا طلب الشهرة.

وثانيًا: التثبّت من الأخبار.

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾. كم من إشاعة أضاعت جهودًا، وأوهنت عزائمًا، وأدخلت الرعب على قلوب المسلمين. فلا يُعاد نشر أي خبر أو مشاركته إلا بعد التثبت من صحته ومصدره، وخاصة في زمن الفتن.

وثالثًا: ترك المزاح واللغو.

الأوقات العصيبة ليست موضعًا للسخرية والنكات. إن المزاح المفرط أو تداول المقاطع الهزلية وقت نزول المصائب يُعد استخفافًا بآلام المكلومين، وقسوةً على قلوب المستضعفين.

(لا يُمنع الترويح المشروع عن النفس، لكن لكل مقام مقال، ولكل زمان حال).

ورابعًا: اجتناب نشر ما لا يليق.

من المؤسف أن ينشغل بعض الناس بنشر صور أو عبارات تخالف الحياء والأدب، في وقت تراق فيه الدماء وتستباح الحرمات. وهذا لون من الغفلة والاستهانة بمصاب الأمة، بل هو مما يزيد القلوب قسوة والأنظار انشغالًا عن الواجب.

وخامسًا: تجنّب بثّ اليأس.

من أشد ما يضر الأمة وقت المحن أن يتسابق البعض إلى نشر عبارات الإحباط والاستسلام، وكأن لا رجاء في نصر الله. المؤمن مأمور بحسن الظن بربه، وبث الأمل في رحمته، قال النبي ﷺ: "بشّروا ولا تنفّروا ويسّروا ولا تعسّروا".

وسادسًا: التزام الأدب والرحمة في الخطاب.

الفتن تمزّق الصفوف إن لم يتأدب المسلمون في خطابهم. فلا مكان للسباب ولا للتجريح ولا لتبادل اللعنات. الواجب أن يُراعى حال الأمة، وأن تُبنى الكلمات على الرحمة واللين، جامعةً للصف، مثبّتةً للقلوب.

وسابعًا: تقديم النافع على المكرر.

الإغراق في نشر الصور الدامية والمشاهد القاسية قد يورث التبلّد، بينما نشر ما يذكّر بالدعاء، أو يوضح سبل الدعم، أو يبثّ قصص الصبر والثبات، أبقى أثرًا وأنفع للقارئ.

وثامنًا: جعل المنصات وسيلة للدعاء والنصرة.

من لم يستطع نصرة إخوانه باليد أو المال، فليجعل قلمه ولسانه عونًا لهم. كلمة دعاء صادق أو تذكير بفضل النصرة أو حث على البذل قد تفتح أبواب خير لا يعلمها إلا الله.

وتاسعًا: الاقتصاد في الكلام.

كثرة الكلام بلا فائدة تُضيع صوت الحق بين الضوضاء. فليكن المسلم قليل الكلام، كثير النفع، موزون العبارة، رزينًا في الطرح.

----

خاتمة:

إنّ آداب النشر في زمن الابتلاء ليست قضية شكلية، بل هي عبادة ومسؤولية. فالكلمة أمانة، إما أن تكون نورًا يبدّد العتمة، أو سهمًا يزيد الجراح. فلنجعل أقلامنا جندًا في صف الحق، ودواءً للقلوب المكلومة، ووسيلة لجمع الكلمة وتثبيت الصفوف، علّ الله أن يجعل بركة كلماتنا سببًا في فرجٍ قريب ونصرٍ مبين.

17/06/2024

Address

Ismailia
8332601

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when كتاب "حجة المتذمم" الجامع لمسائل الاعتقاد من البداية إلى النهاية. posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Share

Share on Facebook Share on Twitter Share on LinkedIn
Share on Pinterest Share on Reddit Share via Email
Share on WhatsApp Share on Instagram Share on Telegram