23/02/2025
( لقاء مع بعض مؤسسات المجتمع المدني )
مفهوم الذات لدى النساء
من البعد النسوى .
Feminist Psychology :
Karen Horney,
Sep 16, 1885.
Des 4,1952.
كلما خفقت بريق نظرية فرويد للتحليل النفسى، وظهرت مدارس اخرى مثل العلاج المعرفي السلوكى أو العلاج التخطيطى وغيره ،عادت المدرسة الفرويدية مرة أخرى فى الظهور بطرق مختلفة، أحيانآ بالاتفاق معها والدفاع عنها واحيانآ أخرى للإختلاف ونقدها.
كارين هورني محللة نفسية ألمانية، عملت فى الولايات المتحدة الأمريكية خلال مسيرتها المهنية اللاحقة.
اختلفت فى نظرياتها مع بعض آراء فرويد وخاصة التقليدية منها، مثل نظرياتها عن الحياة الجنسية والتوجه الغريزى للتحليل النفسى.
كما يرجع الفضل لها فى تأسيس علم النفس النسوى، فكان لها أفكارها المؤثرة والمختلفة فى هذا المجال.
فعلى عكس نظرية فرويد والتى ترى أن الصراعات النفسية لدى النساء فى مفهومها عن ذاتها يتعلق فيما هو معروف( حسد القضيب) ،وقد رأت هورني أن العوامل الإجتماعية والثقافية المحيطة بالنساء هى التى تلعب دور حاسم و أساسى فى تشكيل حياة النساء وادراكهن لذاتهن وبالتالى تقديرهن لها.
وقد أكدت هورني أن تطور البناء النفسى للنساء يتأثر بالبيئة الإجتماعية التى تنشأ فيها والتى يسيطر عليها الفكر الأبوى .
ورفضت هورني فكرة فرويد والتى تقول أن النساء تعانى من مشاعر النقص والدونية بشكل أصيل فى ادراكهن لذاتهن بسبب عدم امتلاكهن للقضيب ولكنها طرحت بعد آخر مرتبط بمشاعر النقص والدونية لدى النساء بنقص الفرص وتنميط وتقليص قيمتهن فى المجتمع.
فالنساء فى مجتمعاتنا يتم تربيتهن ليكونن رعاة ومربين، وهو ماقد يتعارض مع طموحاتهن ورغباتهن وقدراتهن وامكانياتهن الشخصية.
فالنساء قد يكن أكثر عرضة للصراع الداخلى بين صورتهن عن ذاتهن والتوقعات الإجتماعية التى تدعوهن إلى التضحية بأنفسهن والاعتماد على الآخرين ليحصلن على القبول والرضا من الرجال والمجتمع.
فكم من نساء تمتعن بمواهب وقدرات فارقة فى مجالات مختلفة، وتجد صعوبة بالغة فى إيجاد الطريق للتعبير عن هذه الموهبة او القدرة....
ولكن غالبآ المجتمع يرسل لها رسالة واضحة( رايحة فين، مسيرك لبيتك فى النهاية، لزوجك واولادك )
واحيانآ رسالة اكثر دهاء( استعملى امكانياتك هذه فى بيتك وتربية أولادك )
ولهذا تجد النساء فى مجتماعتنا مشقة فى بناء الوعى لمفهوم ذاتها الحقيقى الناضح والحر والمسؤل.
فعندما يكون مفهوم الذات Self-concept :
هو إدراك الفرد وتصوراته عن نفسه من أفكار ومشاعر وادوار فى الحياة، ويتكون من المعتقدات الراسخة والتى غرزت ونقشت فى صورتنا عن نفسنا فى الجذور ،أى منذ السنوات الأولى من العمر، ومن خلال التجارب الشخصية والتفاعلات مع المحيطين، وحيث يعتبر الوالدين او القائمين بالرعاية هم أول المؤثرين فى تكوين هذه المعتقدات بالتواطىء مع المجتمع من خلال الوعى المجتمعى والفردى ، فلا تجد النساء مخرجآ من هذا الاتفاق على مصيرها الا بالموافقة مرة والتمرد والاحتجاج الآف المرات، والتى يقابله عنف قد يصل الى خسارة حياتها ، احيانآ من أقرب الأقربين خوفآ هو الآخر من مواجهة المجتمع ،وفى احيانآ كثيرة خوفآ على سلطته ومكانته داخل المجتمع، فكلما ازداد الخوف من فقد السيطرة على المرأة زاد فى المقابل التضيق على مساحات حركتها وحريتها، أحيانآ بدعوة التدين واحيانآ أخرى بدعوة الحب والرعاية والإهتمام، وأنها جوهرة مصونة لايعرف قيمتها غير الذكر .
وهنا يحضرنى مثل شعبى أحبه جدآ:
( الفار وقع من السقف، القط قاله إسم الله عليك ،
الفار قاله أبعد عنى وسيب العفاريت تركبنى )
ويطرح داخلنا مفهوم الذات ثلاث أسئلة هامة:
1- أنا شايفة نفسى إزاى؟ وده سؤال مهم جدآ ،لأن أحيانآ نجد شخص على قدر كبير من النجاح ولكنه لايشعر به ولايرى إنه يستحقه .
2- إللى حواليا شايفني إزاى وياترى أقدر البى توقعاتهم أم لا؟ وده أيضآ سؤال غاية فى الأهمية لأننا نسعد برضاء الآخرين بينا( وخاصآ الوالدين ) ولكن إلى متى وعلى حساب إيه بالضبط؟
3- لكن أنا نفسى أبقى ازاى؟ من خبرتى العملية الإجابة على هذا السؤال هو طريق الخلاص من دوامة الأسئلة السابقة.
أحيانآ كثيرة يكون سبب الصراع النفسى الداخلى البحث عن إجابة للسؤالين الأول والتاني، ومحاولة خلق مساحة للمساومة او التوافق فيما بينهم، فالتداخل بينهم كبير ومربك ،فمحاولة تلبية رغبات الذات الخاصة بالفرد وتلبية رغبات المحيطين وتوقعاتهم احيانآ كثيرة تكون متناقضة أو مختلفة.
وهنا تظهر أول ملامح التمرد فى مرحلة المراهقة، ولكن غالبآ يكون تمرد غير ناضج أو غير محدد الهدف ولكنه صحى ،وتلعب البيئة المحيطة دور هام ومؤثر، فإذا احترمت البيئة المحيطة بالفرد هذا التمرد وتم إستيعابه وتفهمه، يجد الفرد مساحة لتتطور الذات الحقيقى والوصول إلى الإجابة عن السؤال الثالث بنضج وتقدير لها.
إما إذا واجه هذا التمرد مزيد من الرفض واللوم والإحباط تظهر الصعوبات الشخصية واحيانآ تصل إلى الاضطرابات النفسية.
وهنا سؤال يطرح نفسه، كيف تستطيع النساء بناء ذاتهم بوعى وإرادة حرة وسط قوانيين بالية مجحفة ومنظومة ثقافية إجتماعية نفسية اقتصادية سياسية عنيفة لاترى حق لهذا الذات فى الوجود إلا بشروطها واحكامها؟!!!