
25/09/2025
مرض التوحد وأطيافه فى الأطفال
Autism Spectrum Disorder - ASD in children
التوحد أو اضطراب طيف التوحد هو حالة عصبية نمائية معقدة تظهر في الطفولة المبكرة، وتؤثر على التواصل، والسلوك، والتفاعل الاجتماعي. يُطلق عليه “طيف” لأنه يشمل مجموعة واسعة من الأعراض والدرجات، قد تكون بسيطة أو شديدة. إزداد الاهتمام بهذا الاضطراب عالميًا في السنوات الأخيرة بسبب ارتفاع نسب التشخيص، والحاجة إلى فهم أعمق لسبل الدعم والعلاج.
ما هو التوحد؟
التوحد هو اضطراب نمائي عصبي يتميز بوجود صعوبات في:
١- التواصل الاجتماعي: مثل ضعف القدرة على فهم لغة الجسد، أو التعبير عن المشاعر، أو تكوين صداقات.
٢- السلوكيات المتكررة: كالحركات النمطية (التأرجح، رفرفة اليدين)، الالتزام الشديد بروتين معين، أو التركيز المفرط على اهتمامات محددة.
٣- الحساسية الحسية: بعض الأطفال قد يكون لديهم فرط أو نقص استجابة للمؤثرات الحسية (الأصوات، الضوء، الروائح، الملمس).
أطياف التوحد
يُصنَّف التوحد إلى درجات مختلفة من حيث الشدة والقدرات، حسب التصنيفات الحديثة في الدليل التشخيصي (DSM-5):
١- التوحد البسيط (الدرجة الأولى):
. يستطيع الطفل التحدث والتعلم بشكل
جيد نسبيًا.
. يواجه صعوبة في التفاعل الاجتماعي أو
فهم التلميحات غير اللفظية.
. يحتاج إلى دعم محدود في بعض
المواقف.
٢- التوحد المتوسط (الدرجة الثانية):
. صعوبات واضحة في التواصل اللفظي
وغير اللفظي.
. سلوكيات نمطية متكررة ملحوظة.
. يحتاج إلى دعم كبير في الحياة اليومية
٣- التوحد الشديد (الدرجة الثالثة):
. ضعف شديد في التواصل أو انعدامه.
. صعوبة كبيرة في التأقلم مع أي تغيير في
الروتين.
. يحتاج إلى دعم مكثف طوال الوقت.
الأعراض المبكرة للتوحد عند الأطفال
يمكن ملاحظة علامات التوحد منذ عمر سنة إلى ثلاث سنوات، ومن أبرزها:
. تأخر في الكلام أو عدم الكلام.
. عدم الاستجابة عند مناداة الاسم.
. عدم التواصل البصري بشكل طبيعي.
. فقدان مهارات مكتسبة سابقًا (مثل
التحدث أو التفاعل).
. الانعزال عن الآخرين أو اللعب وحده.
. تكرار أفعال معينة بشكل مفرط.
أسباب التوحد
حتى الآن، لا يوجد سبب محدد واحد للتوحد، لكن الأبحاث ترجّح أن هناك عوامل وراثية وبيئية تتداخل، مثل:
. الاستعداد الوراثي (وجود تاريخ عائلي
للتوحد أو الاضطرابات العصبية).
. اختلافات في بنية الدماغ أو وظائفه.
. العوامل البيئية (مثل مضاعفات الحمل
أو الولادة، أو التعرض لبعض المواد أثناء
الحمل).
ملاحظة مهمة: لا يوجد دليل علمي على أن اللقاحات تسبب التوحد، وهذه خرافة شائعة وخاطئة.
التشخيص
يعتمد التشخيص على ملاحظة سلوك الطفل ونموه، وليس على تحليل دم أو أشعة. الأدوات الأكثر استخدامًا تشمل:
. مقابلات الأهل لمعرفة تاريخ الطفل.
. اختبارات التقييم السلوكي مثل مقياس
(ADOS-2).
. تقييم قدرات التواصل، اللغة، والتعلم.
العلاج والتأهيل
لا يوجد علاج نهائي للتوحد، لكن التدخل المبكر يساعد على تحسين مهارات الطفل بشكل كبير. أهم طرق الدعم تشمل:
١- العلاج السلوكي (ABA - Applied
Behavior Analysis): يساعد الطفل على
اكتساب مهارات اجتماعية وسلوكية.
٢- علاج النطق واللغة: لتحسين القدرة على
التواصل.
٣- العلاج الوظيفي: لتنمية المهارات
الحركية الدقيقة والحياة اليومية.
٤- العلاج الدوائي: ليس لعلاج التوحد
نفسه، بل للتحكم في بعض الأعراض
المصاحبة مثل فرط النشاط أو القلق.
٥- الدعم الأسري: تدريب الأهل على كيفية
التعامل مع الطفل في مختلف المواقف.
التعايش مع التوحد
. التقبل: أول خطوة هي فهم أن الطفل
مختلف وليس “أقل”.
. التعليم الخاص: دمج الطفل في مدارس
داعمة أو فصول خاصة حسب حالته.
. الدعم المجتمعي: التوعية تساعد على
تقليل التنمر والعزلة الاجتماعية.
. تنمية المواهب: بعض الأطفال لديهم
قدرات استثنائية في مجالات مثل
الرياضيات، الموسيقى، أو الفنون.
اضطراب طيف التوحد ليس مرضًا يجب الخوف منه بقدر ما هو طريقة مختلفة لرؤية العالم. الأطفال المصابون بالتوحد يحتاجون إلى الحب، الفهم، والتدخل المبكر كي يتمكنوا من عيش حياة كريمة مليئة بالإنجازات. كل طفل على هذا الطيف هو حالة فريدة، تستحق الدعم والرعاية الخاصة التي تناسب قدراته.