25/08/2025
نون .. حكاية ألم
في 12 من عمرها، كانت نون زهرة تتفتح في ربيع الحياة ، قبل أن يختطف براءئتها قدرٌ قاس
بدأت الرحلة باعراض غامضة من تيبّس في الأطراف و فقدان الإحساس، وفقد النطق وكان التشخيص الأولي "جلطة دماغية". لكن شيئًا في قصتها لم يكن يتوافق مع هذه النتيجة
أعيد النظر في صور الأشعة وأثيرت الشكوك حول مرض آخر يختبئ خلف القناع
تتابعت الخطوا و كُشف المستور انه ( مرض ويلسون )
رحلة بحث مضنية عن علاج باهظ الثمن يأتي من الهند لكن جسدها الصغير لم يكن يستجيب بالسرعة التي كان الجميع يحلم بها الألم هو سيد الموقف والتيبس يفتك بعضلاتها النحيلة ، جرعات عالية من باسطات العضلات لتتنفس قليلًا من الراحة ولا فائدة .
بعد شهرين لاح في الافق خيط رفيع من الأمل حيث تقلّص الألم نسبيا , الحمدلله نون لا تزال تقاتل رغم انها تتغذى عبر أنبوب فموي منذ شهور وعليه تم تركيب أنبوب معدي دائم لكن القدر كان يخبئ اختبارًا آخر !
دخلت نون في انسداد معوي غير مبرر وهبوط حاد في المعادن والبروتينات، حالة تستوجب الدخول للمستشفى ، لكن ضيق حالهم حال دون ذلك و خارج أسوارها قاومت نون بإصرار يفوق سنها بدأت تستعيد وعيها تدريجيًا، وصارت ترسل استجابتها للأسئلة برمشات عينيها، كأنها تقول انا ما زلت هنا
قرر الأهل أخيرًا العودة بها إلى السودان فلا اغلى من تراب الوطن و دفئه
لكن
فجأة ومن دون إنذار انطفأت شعلة الحياة و رحلت نون بهدوء تاركة وراءها قلوبًا مثقلة بالفقد وندبةً لا يمحوها الزمن
رحلت الصغيرة التي واجهت وجع الشهور ببراءة الأطفال كطائر أبيض حلّق بعيدًا تاركًا قلوبا مكسورة على الأرض
رحلت لكنها في قلوب من أحبوها ستظل حيّة طاهرة تنتظر في جنان الخلد إن شاء الله.
وكم من نون مضت و ستمضي فلله الأمر من قبل ومن بعد