
25/02/2025
أصعب مافي عملية العلاج النفسي هي اللحظات اللي بنوري فيها المريض ان اللي عاش عمره كله فاكره حقايق مطلقة ماهو إلا رؤيته هو الشخصية للأمور .
وان الملصقات اللي لزقوها على جبينه وهو صغير هي رأي الآخرين فيه لكن مش حقيقة شخصيته.
مثال: إنتي مش صبورة عشان بتعملي الحاجة ومش قادرة تستني حد يعملهالك لما يفضى.
مع ان ده معناه انك شخصية مستقلة.
أو إنت طفل كئيب عشان بتسمح لنفسك تعبر عن مشاعر الحزن كل ماتحس بيها..
مع ان ده معناه انك شخص بيحترم مشاعره وبيعرف يعبر عنها.
أوقات كمان تبقى القيم اللي المريض فاكرها قيمه هو ماهي إلا توقعاتهم هما منه لكنها مش بتاعته خالص.
مثال: أنا طول عمري نفسي أبقى أستاذة في الجامعة عشان أكسب احترام الاخرين عشان التبجيل عندي قيمة محورية..
وتطلع الانسانة دي introvert اصلا وبيوترها جدا الكلام قدام جمهور، ولا بتحب التدريس ولا بتجيده، لكن بتحب جدا الوظايف اللي مردودها حب وحميمية مش تبجيل وتفخيم.
بس بابا هيحزن لو اشتغلت في حضانة متحاوطة بالأطفال وأحضانهم وكفوفهم الصغيرة، لكن معيدة في الجامعة حاجة تخليه يفخر بيا.
فالتبجيل طلع من قيم بابا مش قيمي..
أوقات كمان يبقى اللي المريض فاكره مفروض ولازم ويجب ولابد ويصح ومايصحش ماهو إلا الطريقة اللي المريض اتربى بيها وكبر عليها.
مثال: ميصحش طبعا اقول لخالتي ان زيارتها ليا بكرة مش هتبقى مناسبة ليا عشان هي أصلا ما اخدتش رأيي هي قالت انا جايالك بكرة..
ويطلع السبب اننا اتربينا في بيت مفيهوش حد بيستأذن قبل مايدخل أوضة حد ومحدش اصلا يقفل الباب عليه حتى لو جوا أوضته والخصوصية عندنا منتهكة ومضروبة بالنار.
مع انه الطبيعي إن شرط من شروط الزيارة الاستئذان.
أوقات كمان تبقى القوالب اللي المريض طول عمره عايش جواها وهو فاكرها الصح والغلط ماهي إلا طريق غير صحية للتكيف على وضع مؤلم.
مثال: أبويا عايزني أدخل هندسة أو أمي عايزاني اتجوز ست لون بشرتها أبيض…
فأنا هروح مع اختياراتهم ليا وهسمي ده طاعة وبر وأدرك جوا اوضة العلاج النفسي ان ده اسمه استسلام .
أو واللي المريض كان فاكره رضا يطلع ماهو إلا خنوع….
أو إن اللي بيعمله وبيسميه قوة هو ف الحقيقة بلطجة….
أو إن ادمانه للشغل اسمه هروب، هروب من اني اقعد مع نفسي أو مع اللي عايشين معايا…
وان اللي كان طول عمره مسميه مابتكلمش مع مراتي عشان متسلطة ومؤذية ومسمي ده اعتزال مايؤذيني يطلع علاقة تجنبية.
أصعب مافي ده كله ان المريض بيبقى عاش سنين طويلة من عمره قبل مايبدأ رحلته العلاجية وهو فاكر ان المرجعية بتاعته هي أصل الأشياء وان اللي اتربى عليه هو الطبيعي والمنطقي والصحي .
فلما تيجي اللحظة اللي يكتشف فيها انه هنا جوا غرفة العلاج النفسي عشان تعبان وعشان كل اللي عاشه ده سبب له ضغط وحزن وخلاه عايش وضع مؤذي مش عارف لايخرج منه ولا يغيره أومنعه يحط نفسه واحتياجاته أولوية…
ساعتها بس بتبدأ رحلة الادراك..
الابصار..
والوعي.
اللي بعدها بيجي الانفتاح على نفسي الحقيقية….
واحترام احتياجاتي والتفكير فيها كأولوية.
ثم قبول الماضي بكل ما حدث فيه…
ثم معركة التغيير وحقي في حرية الاختيار…
ثم تحمل تبعات قراراتي ومسؤولياتي تجاه الأخرين.
وقتها يكون التعافي.