27/04/2025
*** قلق الانفصال عند الأطفال:
حين يتحول الحب الزائد إلى قيد نفسي
كل أم تحلم أن يكون طفلها متعلقًا بها، يحبها، يحتاجها...
لكن في كثير من البيوت، يتحول هذا التعلق إلى خوف مرضي، قلق دائم، وبكاء هستيري كلما غابت الأم عن ناظريه.
طفل يرفض الذهاب للحضانة،
يصرخ عند النوم وحده،
يلحق بأمه حتى في الحمام،
ويتخيل أن مكروهًا سيصيبها إن اختفت عن عينيه لحظة.
هذا ليس "دلالًا" ولا "تعلقًا طبيعيًا"...
بل علامة على مرض اسمه: قلق الانفصال.
---
أخطاء شائعة تقع فيها الأمهات وتصنع هذا القلق:
1. الحماية الزائدة والخوف الدائم عليه
الأم التي تمنع طفلها من اللعب بعيدًا، من التعامل مع الناس، من الذهاب للروضة، وتخيفه دومًا بـ:
> "خلي بالك! هتتخطف!"
"ما تبعدش عني أبدًا!"
"أنا لو بعدت عنك هتضيع!"
تصنع في عقل طفلها فكرة أن العالم خطر… وأن الأمان الوحيد = حضن الأم.
---
2. التعلق المرضي من الأم نفسها
بعض الأمهات لا تحتمل أن يُبعد طفلها عنها لحظة.
تبكي عند أول يوم حضانة، أو تُلاحقه بتوتر، أو تُشعره بأنه لا يستطيع فعل شيء دونها.
النتيجة: الطفل يشعر أنه "لا يستطيع" النجاة دونها فعلًا.
---
3. استخدام التخويف أو التهديد بالغياب
مثل:
> "لو ما سمعتش الكلام... سوف اتصل بالشرطة"
"لو مسمعتش الكلام .. حجيبلك الكلب "
"لو عملت كده أنا مش هكلمك تاني!"
هذه العبارات البسيطة تزرع خوفًا داخليًا من الفقد والانفصال.
---
4. الاستجابة المبالغ فيها لبكاء الطفل
كلما بكى لأنه ابتعد عنكِ، تُلغين الخروج، أو تتركين العمل، أو تُعيدينه إلى حضنك فورًا.
فيتعلم أن البكاء = السيطرة عليكِ.
وبالتالي لا يتعلم أبدًا كيف يتحمّل غيابك الطبيعي.
---
كيف أقي ابني من قلق الانفصال؟
1. دربيه على الاستقلال مبكرًا
دعيه ينام في سرير خاص.
اتركيه يلعب في مكان مجاور دونكِ.
لا تلحقيه في كل لحظة.
2. هيئيه لأي انفصال مسبقًا
قبل دخول الحضانة، احكي له كيف ستكون التجربة،
طمئنيه بأنك ستعودين،
واجعلي وقت الوداع قصيرًا وهادئًا.
3. أظهري ثقتك فيه
قولي له:
> "أنا عارفة إنك شجاع وتقدر تستمتع وتكون بخير لحد ما أرجع."
هذه الثقة تنتقل إليه وتشجعه على الثبات.
4. لا تعاقبيه على خوفه... لكن لا تضعفي أمامه
لا تسخري من بكائه، ولا تصرخي عليه،
لكن لا تتراجعي في قراراتك، واثبتي على موقفك بهدوء وحنان.
---
وماذا لو ظهرت الأعراض فعلاً؟ (العلاج)
ابدئي بالتدريب التدريجي على الانفصال.
اتركيه لدقائق، ثم نصف ساعة، ثم ساعات، وهكذا.
كوني قدوة في الهدوء.
لا تظهري له أنك قلقة عليه طوال الوقت.
شجعيه على تكوين صداقات وأنشطة خارج البيت.
استخدمي القصص واللعب لشرح فكرة "أنا أذهب وأعود".
وإذا استمر القلق بشكل مزمن:
توجهي لاختصاصي ، فربما يحتاج لجلسات علاج معرفي سلوكي.
---
كلمة أخيرة لكل أم:
> الحب لا يعني الحبس، والاحتواء لا يعني السيطرة.
ابنك يحتاج قلبك، لكن يحتاج أيضًا جناحين يطير بهما دون خوف.
لا تجعليه يظن أن العالم مرعب، ولا أنكِ وحدكِ سبب وجوده.
ربّيه على أن يحبكِ ويشتاق لكِ... لا أن يخاف الحياة بدونكِ.