07/08/2025
اضطراب الشخصية الحدية وعلاجها_ הפרעת אישיות גבולית_ Borderline Personality Disorder
يُعد اضطراب الشخصية الحدية (Borderline Personality Disorder – BPD) واحدًا من أكثر الاضطرابات النفسية تعقيدًا وتشابكًا، لما له من تأثير بالغ على جوانب متعددة من حياة الفرد، سواء على مستوى العلاقات، الهوية الذاتية، أو التنظيم الانفعالي. ويتصف هذا الاضطراب بنمط عام من عدم الاستقرار في العلاقات الشخصية، والصورة الذاتية، والانفعالات، مع اندفاعية ملحوظة تؤثر سلبًا على الأداء العام.
أولًا: التعريف والتصنيف
وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، يُصنّف اضطراب الشخصية الحدية ضمن اضطرابات الشخصية في "المجموعة ب"، إلى جانب اضطرابات الشخصية النرجسية والمضادة للمجتمع والهيستيرية. ويتميز بالخصائص الآتية:
تقلبات شديدة في المزاج.
سلوكيات اندفاعية (مثل الإنفاق الزائد، الجنس غير الآمن، إيذاء النفس).
علاقات غير مستقرة تتراوح بين المثالية والعداء.
مشاعر مزمنة من الفراغ.
خوف شديد من الهجر، سواء كان حقيقيًا أو متخيلًا.
اضطراب الهوية وصعوبة الحفاظ على تصور ثابت للذات.
ثانيًا: الأسباب والعوامل المساهمة
لا يمكن عزو اضطراب الشخصية الحدية إلى سبب واحد بعينه، بل هو نتاج تفاعل معقد بين عوامل بيولوجية ونفسية واجتماعية، أبرزها:
1. العوامل البيولوجية
اختلالات في وظائف الدماغ، خصوصًا في الجهاز الحوفي (مثل اللوزة الدماغية) المسؤول عن معالجة الانفعالات.
تغيرات في مستويات السيروتونين والدوبامين.
2. العوامل النفسية
أنماط التعلق غير الآمنة في الطفولة.
اضطرابات في تنظيم المشاعر.
ضعف المهارات التكيفية للتعامل مع الضغوط.
3. العوامل البيئية والاجتماعية
التعرض لصدمات نفسية في الطفولة مثل الإهمال، الاعتداء الجنسي أو الجسدي.
نشأة في بيئة أسرية مضطربة تفتقر للثبات والدعم العاطفي.
ثالثًا: السمات السلوكية والنفسية
علاقات غير مستقرة ومتأرجحة بين التعلق الشديد والنفور العنيف.
استخدام آليات دفاع بدائية مثل "التقسيم" (Splitting): رؤية الآخر إما جيدًا تمامًا أو سيئًا تمامًا.
سلوكيات إيذاء النفس أو التهديد بالانتحار كرد فعل على الإحباط أو الخوف من الهجر.
صعوبة تحمل الوحدة أو الفراغ الداخلي، مما يدفع الشخص إلى الانخراط في سلوكيات اندفاعية ضارة.
رابعًا: التشخيص الفارق
من المهم التفرقة بين اضطراب الشخصية الحدية واضطرابات أخرى مثل:
اضطراب ثنائي القطب: يتميز بنوبات مزاجية أكثر تمايزًا ووضوحًا.
اضطراب ما بعد الصدمة المعقّد (C-PTSD): يتشارك بعض الأعراض، لكن يختلف في السياق السببي والتطوري.
اضطراب الشخصية النرجسية: يشتركان في الحساسية المفرطة للرفض، لكن النرجسي يفتقد للتعاطف ويتسم بالكبر المفرط.
خامسًا: العلاج النفسي
يُعد العلاج النفسي حجر الأساس في علاج اضطراب الشخصية الحدية، ولا سيما:
1. العلاج السلوكي الجدلي (DBT)
وهو العلاج الأكثر فاعلية حاليًا، وقد طورته "مارشا لينيهان". ويركز على:
تنظيم الانفعالات.
تحمل الضيق.
تحسين العلاقات.
تنمية مهارات اليقظة الذهنية.
2. العلاج المعرفي السلوكي (CBT)
يساعد في تعديل أنماط التفكير المشوهة والسلوكيات التدميرية.
يركز على تحديد الأفكار السلبية، واستبدالها بأنماط أكثر واقعية وتكيفًا.
3. العلاج القائم على العقلنة (MBT)
يُساعد المريض على فهم الحالات العقلية لديه ولدى الآخرين، وتحسين قدرته على تفسير الدوافع والسلوكيات.
4. العلاج الدوائي
رغم أن الدواء لا يُستخدم لعلاج اضطراب الشخصية الحدية مباشرة، إلا أنه يُستخدم لعلاج الأعراض المصاحبة مثل:
مضادات الاكتئاب للقلق والمزاج.
مضادات الذهان للهلاوس أو الشكوك الشديدة.
مثبتات المزاج لتقليل الاندفاعية والتقلبات المزاجية.
سادسًا: دور الأخصائي النفسي
يقوم الأخصائي النفسي بدور محوري في:
بناء علاقة علاجية آمنة قائمة على القبول غير المشروط.
المساعدة في تنمية مهارات التنظيم الانفعالي.
تقديم التثقيف النفسي للمريض وأسرته حول طبيعة الاضطراب.
تعزيز الهوية الذاتية وتعديل الأفكار غير المنطقية.
خاتمة
اضطراب الشخصية الحدية ليس حكمًا بالإعدام النفسي، بل هو تحدٍّ علاجي يمكن تجاوزه. ومع توافر التدخلات النفسية الفعالة، والدعم العلاجي المستمر، يمكن للفرد أن يحقق تحسنًا ملحوظًا في جودة حياته النفسية والاجتماعية. والمفتاح الأساسي هو الصبر، والتفهم، والعلاج المتكامل الذي يراعي كل أبعاد الشخصية والبيئة.
للحجز والاستفسار 0737265680