الاستاذ الدكتور سامي سلمان

الاستاذ الدكتور سامي سلمان العيادة التخصصية لتشخيص وعلاج امراض المفاصل والفقرات الحارثية شارع الكندي مجاور صيدلية أهل الدواء. للحجز الاتصال بالسكرتير 7715191473

‎صفحة من كتابي (طييب تحت التدريب)متوفر حالياً في مكتبة المسلة- شارع المتنبي- هاتف التوصيل0771 055 2939 مكتبة أطراس- الدو...
07/12/2025

‎صفحة من كتابي (طييب تحت التدريب)
متوفر حالياً في
مكتبة المسلة- شارع المتنبي- هاتف التوصيل
0771 055 2939
مكتبة أطراس- الدودي- شارع التانكي هاتف التوصيل
0 770 476 8313

سكران.. يعالج سكران!
كان من المقدّر لي أن اُحب إختصاص (الجراحة), فقد كانت مدّة دوامي في مستشفى (الطوارئ الجراحية في الرصافة) مدّة تعلمت فيها الكثير جداً من المهارات الجراحية, ومنها كيفية خياطة الجروح وإتمام العقُدة المُزدوجة للخيط الجراحي باستعمال يد واحدة فقط ودون الاستعانة بأي شئ آخر,أنواع خياطات الجروح المكشوف منها والمخفي, وكيفية عمل قص الوريد وغيرها من المهارات الأساسية في (الجراحة).
في الاسبوع الثاني او الثالث لي في مستشفى (الطوارئ) سمعت شخصاً يناديني بإسمي, نظرت فإذا به الجراح الاختصاصي (سامي لورنس ) وهو يقف خلف جزء من باب صالة العمليات بعد أن فتحه, لأنه كان بكامل ملابس العمليات ولا يجوز له الخروج بها الى الممر, سمعته يناديني "تعال سامي" سألته "نعم دكتور؟" وأمرني أن أغيّر ملابسي وارتدي ملابس العمليات فوراً كي اُجري العملية للمريضة المستلقية على سرير العمليات. وبسرعة ارتديت ملابس العمليات المعقمة والكمامة والقفازات الجراحية وغسلت كفّي و ذراعي جيداً, وطلب مني أن أبدأ بشق جدار البطن!. كنت قد شاهدته سابقاً وهو يجري العمليات وساعدته في تنفيذ بعضها, لذا كنت واثقاً من إمكانية إطاعة إرشاداته. ابتدأت بشق جدار البطن, ووقف (سامي لورنس) طوال العملية يساعدني, وانا واقف مكان الجراح الرئيسي. كانت تلك أول مرة اجري فيها عملية استئصال (زائدة دودية), أو كما تسميها أم جواد (بلندكس), أجريتها (من الجلد الى الجلد) وكان الإحساس بنشوة النجاح لايوصف!.
)سامي لورنس) رحمه الله, كان جراحاً رائعاً انساناً طيباً بمعنى الكلمة. كان يحب جميع الاطباء المقيمين, ويحاول أن يساعدهم بكل قوتّه, وكنا نحبه كثيراً ونشعر انه قريب منا بل كنا نحكي له كل اسرارنا و حتّى حياتنا العاطفية ومشاكلنا الشخصية!.
في إحدى المرات جاءت سيارة الإسعاف تحمل شابّاً مصاباً بحادث إنقلاب سيارة بعد ارتطامها بشجرة. كان يبدو عليه فاقداً للوعي بسبب حالة السكُرُ الشديدة التي هو فيها. حاولت إسعافه لكن ضغط الدم كان في تناقص متسارع كما إن نبض قلبه كان في تزايد مستمر مؤذناً بوجود نزيف داخلي.
إتصلت بالجراح الخافر في ذلك اليوم وقد قاربت الساعة منتصف الليل ولم يكن عنده رغبة حقيقية في المجيء حيث أخبرني أن عنده ضيوف و(مناسبة عائلية خاصة)!.. وبعد الحاحي بأن المصاب قد يفقد حياته، لم يتمكن من التملص من تلك المهمة, وافق الجراح على مضض على أن أرسل له سيارة الإسعاف لجلبه من بيته, لأنه- لأسباب خاصة- لا يتمكن من قيادة سيارته تلك الليلة!.
بعد دخوله الصالة قمت بالتهيؤ لمساعدة الجّراح في العملية, كان واضحاً عندي إن الجراح هو الآخر في حالة سُكُر شديدة!.. تمت عملية استكشاف البطن وترقيع أجزاء ممزّقة من أحشاء المصاب والتي كانت السبب في النزف الداخلي .. وطوال الوقت وأنا اساعد في تلك العملية كنت أسبح في غيمة كثيفة من (الروائح).. رائحة (الهالوثين) غاز التخدير المستعمل, ورائحة (الزحلاوي) المنبعث من فم المريض ورائحة (الويسكي) المنبعث من فم الجرّاح الذي يجري العملية!.. كنت أضحك في داخلي.. فقد كنت اليقضان الوحيد في ذلك المكان آنذاك! خرجت من العملية وأنا (أترنح) و رأسي ثقيل بدون خَمرَة!.. لكنني أنقذت حياة ذلك المصاب, والذي تماثل للشفاء بسرعة بعدها!.
في يوم آخر كنت أساعد في إحدى العمليات لأحد المصابين في حادث سيارة آخر. اثناء تلك العملية التي استغرقت طويلاً توجب ازالة طحال ممزق والتعامل مع تمزق في الكبد وفي الأمعاء, كنت كعادتي دوماً (أسترق) واتفحص الأفعال الحيوية للمصاب بين حين وآخر رغم وجود الطبيبة المخدّرة والتي كانت مستغرقة في ضخ الهواء في أنبوب تنفس المريض بواسطة كيس (امبوAmbu bag ) فجأة انتبهت الى إن المريض لم يكن عنده اي نبض.. وتسللت كفي الى أجفان المريض وفتحت عينيه, فحصت البؤبؤ لأجد علامات (لاتقبل الشك) بكونه قد فارق الحياة، وربما منذ مدة ليست قصيرة!, تلك العلامات التي صرت خبيراً بها في الأشهر المحزنة التي قضيتها في مستشفى الحميّات!.
بهدوء أوصلت الخبر للجراح:
" سيدي... أظن أنك تشتغل على شخص ميت!"
لم يكن على الإطلاق تصوري لوقع الخبر على الجراح.. إذ فجأة أشعرني بأنه قد إنهار! ألقى بالأدوات التي في يديه وصرخ بالطبيبة المخدرّة مؤنّباً إياها على استمرارها بالعمل على ضخ الهواء ل(شخص ميت)! دون أن تنتبه قبل حصول ذلك! شعرت لوهلة بأنه سوف يقتلها!..
المفاجأة كانت بعد ذلك.. إذ يبدو أن هناك سياق متعارف عليه في هذه المستشفى!.. ركضت (المعينة) البدينة الى خارج صالة العمليات ثم عادت راكضةً بقنينة أوكسجين وهي تخبر ذوي المصاب المتجمهرين خارج صالة العمليات, أن المصاب قد تدهورت حالته فجأةً!.. ثم خرجت راكضة ثانية من صالة العمليات لتجلب شيئاً آخر! وفي كل مرة تخبر ذويه أنه في حالة حرجة (كل هذه في ما يبدو لتهيئة أذهانهم لتقبل الخبر المشؤوم).. بعدها وضعناه على نقالة وابقينا المغذي معلقاً في وريده و قناع الأوكسجين على الوجه و أخرجناه الى الردهة ونحن نركض به في تمثيلية محكمة السيناريو، وخلفنا المعينة تقول بأنه في حالة خطرة!.. في الردهة قمنا بعدة محاولات لإنعاش القلب.. كنا نعرف جيداً أنها بلا جدوى, وفات أوانها، إلّا أنها كانت ضرورية جداً لتهيئة ذوي الشاب للخبر المفجع!.. وبعد ربع ساعة خرجنا وقد علت وجوهنا الكآبة والحزن وأخبرنا أهله بأننا بذلنا جهدنا لكن المنية سبقتنا له و توفاه الله.. حفظت فيما بعد الدرس.. إن اسوأ ما يمكن أن يواجه الجراح هو أن يموت المريض على طاولة العمليات, فذوي المريض لن يرحموه مهما حاول إقناعهم، وسوف يكون متهّماً بالتقصير وإن كان بريئاً، لكنهم يتقبلون فكرة ان مريضهم قد توفي في سريره، في الردهة، لا على طاولة العمليات!!
خفارات (العيادة الخارجية) كانت مضنية في هذه المستشفى!.. فجرحى المشاجرات والسكارى والمصابين بحوادث السيارات وغيرها كانوا يتوافدون بسيارات الإسعاف طوال ساعات الليل. ورغم وجود سرير وفراش وثير في العيادة الخارجية, إلا أنني كنت مؤمناً إنني يجب أن اكون يقضاً مرتدياً صدريتّي وجالساً على كرسي العيادة خلف الطاولة عند سماع صفارة سيارة الإسعاف وهي تقترب من المستشفى وقبل دخول المصاب الى عيادتي. ومما زاد من المعاناة أنّ العيادة الخارجية لمستشفى (العلوية للولادة) كانت مقابل عيادتنا الخارجية تماماً.. وفي كثير من الأحيان كنت أقفز من فراشي وأرتدي صدريتي وأجلس بكل إنتباه في الساعة الثانية أو الثالثة بعد منتصف الليل, لأجد انه (إنذار كاذب), إذ تتوقف الإسعاف على الجهة الثانية من الشارع عند مستشفى الولادة، جالبة نسوة لا تحلو لهن الولادة إلا بعد منتصف الليل, لتضاعف من معاناتي أثناء (الخفارة(!
لو توقف الأمر فقط على (سامي لورنس) لصرت بالتأكيد جرّاحاً, ولكن كان هناك جراح اخر اكثر قدماً من (سامي لورنس), (وأكثر سطوةً ونفوذاً لدى المسؤولين ووزيرالصحة), هذا الجراح رأيته بأم عيني, أثناء الجولة الصباحية في الردهة, يسحب المريض من سريره ويلقيه على الارض وهو يؤنبه بعصبية, كل ذلك لأنّ المريض قد راجع نفسه وعدل عن إجراء العملية التي كان يفترض أن تُجرى له ذلك الصباح!. ورأيت اناساً كبار السن وهم يُهانون على يديه ويلقى بهم خارج الردهةً. كان سر قوته هو انه صديق لوزير الصحة وصديق لمدير المستشفى الذي كان يخشاه و يتملق له.
ورغم ان بقية الجراحين لم يكونوا بهذه (الشراسة), وكانوا يمتازون بالطيبة والخلق في تعاملهم معنا ومع المرضى, إلا أن هذا الشخص نَفّرني من (الجراحة) وكرهتها بسببه, عندما رأيت اُناساً بعمر والدي يهانون ويعتدى عليهم كلامياً ويُلقى بهم خارج أسرّتهم, وخشيت أن الجراحة ستعني لي صراعاً مستمراً. ورغم المثال الجميل للجراح الملتزم الذي كنت أراه في بقية الجراحين, إلا أنني احسست في داخلي بأن هذا الاختصاص (ليس ثوبي)!
وفيما بعد صار تدريبي فى (الطب الباطني) في (مدينة الطب) عند (فرحان باقر) وفريقه, صارت عندي قناعات جديدة تماماً في ما يمكن ان اتخصص فيه وهذه المرة بإتجاه (الطب الباطني), حيث أحببت هذا الاختصاص وأحسست أنه ينسجم مع قناعاتي الشخصية. وبعدها انتقلت الى (مستشفى الكرامة) وعملت في (طب الأطفال) الذي عشقته!, كيف لا وقد كان (محمود البحراني) ذلك الطبيب الرائع معلمي وقدوتي. تعلمت منه مبادئ (طب الأطفال), ولكن الأمر الاهّم أني تعلمت كيف أكون (طبيباً) بحق. و(طب الأطفال) و(الطب الباطني) اختصاصان متداخلان لا يختلفان كثيراً عن بعضهما, أحببتهما وشعرت انني ربما مقّدر لأن اختّص بأحدهما.

التعقيبات
الاستاذ الأديب فاروق سلوم
نحن كقراء نحتاج الى هذا النوع من السير والمذكرات تقربنا اكثر مما تنطوي عليه حياة البشر وماترويه سيرة الطبيب وحياة الاطباء ودمت مبدعا في الطب والكتابة

د عباس عبدالله حسين
مقالة رائعة لواقع الطب في العراق وما يمكن ان يمر به الطبيب من مشاكل ومنغصات بمجال عمله
انا ايضا تركت الجراحة ولجات للباطنية ولكن لموقف رايت فيه الجراح بموقف لا يحسد عليه وهو يتصبب عرقا ووجهه قد اصفر واحمر وهو يجري عملية الغدة الدرقية والجرح لايتوقف من النزف وكان اقد اعطى المريض ٣ وحدات من الدم عندها تركت صالة العمليات وكنت طالبا في الصف السادس وانا اشاهد كم القلق الذي تعرض له الجراح فمات حب الجراحة بقلبي.

د مها سليمان
ممتعه وواقعية ، احدى نظريات فرويد أن من يتجه للجراحة او تكون هوايته الصيد هو عنيف اصلا ويفعل هذا as sublimation وضع ما يرفضه المجتمع في مسار مقبول ، انا نفرت أيضا من الجراحة في الإقامة الدورية وبدلت شهر من ٣ شهور لجراحة الاذن والأنف والحنجرة لان المقيم الاقدم (الخلفة) استدعي لخدمة الاحتياط، أجريت عملية رفع اللوزتين واستخراج ما يدخل في الأنف والاذن بواسطة الملقط الخاص, ،وازعجهم هو استخراج عظم سمك من حنجرة ، حينها عرفت كيف تكون راءحة الكحول زائداً بعض القيء!

د هاله سلوان
طبعا فعلا حب الاختصاص يكون من خلال الاخصائيين.. طول عمري اكول نهايتي لو نسائيه لو اطفال حالي حال اغلب البنات الطبيبات بس من دخلت فرع الطب الباطني وتعرفت ع دكتور ايهاب سعيد اخصائي الجهاز الهظمي عاملني كفرد من الفريق مالته وجان من يشوفني هو يبدي السلام وبوجه بشوش وعلى الرغم من اخطائي المستمره جان دائما يصححلياها بنيه تعليم ليس توبيخ او استنقاص مثل اغلب الاساتذه.. من خلاله صار هدفي الطب الباطني وبالاخص الجهاز الهظمي

د عادل الخفاجي
اتابع بشغف كل ما تنشره على مدونتك ويجتذبني اسلوبك الساحر في الكتابة , السرد السهل الممتنع. اتمنى ان تنتج سلسلة طبيب تحت التدريب كمسلسل تلفزيوني بنفس العنوان لما فيه من أحداث و( اكشن ) وتوثيق لمرحلة من تأريخ العراق وعرض لحياة المجتمع البغدادي اليومية . فمعارك الشمال و دعم ايران للتمرد وانهيار معنويات البيشمركة بعد اتفاقية الجزائر تؤرخ لتلك الفترة وانعكاساتها على المواطن والطبيب. وسرية البغال وحمال الشورجة السكران وكثير من اللقطات التي سجلتها في ذاكرتك الفولاذية (ادامها الله ) تضفي على المسلسل مفاجئات مثيره للمشاهد. هناك مسلسلات عالمية عن النشاط اليومي للاطباء ولكنها لا تحتوي مشاهد انسانية تلامس الخاطر مثل حلقات (طبيب تحت التدريب). أليس انتاج مثل هذا المسلسل سيحصد رضا وارتياح المشاهد العراقي اكثر بكثير من مسلسل (العرضحالجي) البائس !!!
حين تكتمل حلقات هذه المدونة اقترح ان ترسلها الى المشرف العام على ام بي سي عراق او قناة الشرقية واي مخرج سيقرأ حلقاتك سيطير فرحاً بالمواضيع التي كتبتها ويصرخ ( وجدتها) .

د راجح الحلي
دكتورنا العزيز الغالي كتاباتك أصبحت حلقات من مسلسل أحبه وانتظره كما كنا في السبعينات فهي قصص ودروس وأحداث وسير ذاتيه إنها في الحقيقة شاملة لكل مايمر به الطبيب من أحداث ومعانات ودروس إنه لكتاب جميل بيد ساحرة في طريقه السرد واختيار الموضوع فانت كما قال مارسيل بروست في روايته العملاقه،(البحث عن الزمن الضائع)، لقد كتبت كل شئ ووضعت اسسا لكل شئ وبلغت عمق جزيرة لايمكن الوصول إليها.. عاشت الايادي.

صفحة من كتابي (دموع ودماء على جبال كردستان) وهو يتحدث عن خدمتي الإلزامية في الجيش، أثناء الحرب ضد (الملا مصطفى البارزاني...
04/12/2025

صفحة من كتابي (دموع ودماء على جبال كردستان) وهو يتحدث عن خدمتي الإلزامية في الجيش، أثناء الحرب ضد (الملا مصطفى البارزاني) للأعوام ١٩٧٤-١٩٧٦
المتوفر في (مكتبة المسلة - ش المتنبي)
٧٧١٥٥٠٢٩٣٩
و(مكتبة أطراس- ش التانكي- داوودي)..
٧٧٠٦٧٤٣١٣٨

سَريّة البغال

لم أهنأ طويلاً في (وحدة الميدان الطبية الخامسة) في أربيل, فقد وصلت برقية عاجلة بأن يتم تكليف طبيب بالالتحاق بمفرزة طبية مع (الفوج الثاني اللواء الثالث الجبلي) (ف٢ل ٣) لاستبدال الطبيب الموجود هناك, تم إبلاغي إن الفوج المذكور يربض في الثلوج, على قمة جبل (زوزك) الشاهق. كان الفوج متمركز في اعلى قمة جبل (زوزك) الوعر و الشاهق المطل على مضيق (جنديان), كما ويطل على مدينتي (ديانا) و(راوندوز) الاستراتيجيتين. وعليه يجب أن أتسلق الجبل الى القمة, وإن هناك سرية (بغال) تعود للفوج, متمركزة في وادي (ديانا), وهم مكلفون بمهمة مساعدتي في الالتحاق بمقر الفوج على قمة الجبل
يجب أن أعترف أن مشاعري كانت تحمل قمة التناقض.. فبين الخوف الشديد من خطورة تسلق الجبل العتيد والذي مازالت الثلوج تغطي قمته,رغم كوننا الآن في بداية شهر (آذار) شهر الربيع, وأنا الذي لم يسبق لي أن تسلقت جبلاً بهذا العلو الشاهق, وبين الشعور بنوع من النشوة من الإقبال على مغامرة وفرصة قد تكون الأولى في حياتي, وتجربة مثيرة جديدة أريد أن اضيفها بلهفة الى تجاربي السابقة!
توجهت بعد الغداء الى سيارة ال (واز قيادة UAZ) وهي سيارة صغيرة تشبه ال(جيب) الأمريكية التي إستعملت في الحرب العالمية الثانية.. سيارة متينة خفيفة.. يصل هيكلها الحديدي الى منتصف جسمها, والباقي من النسيج السميك!.. عندما كنا نركبها, كانت بالنسبة لنا كما لو كنا نركب أعظم سيارة فى الدنيا.. (مازيراتي او فيراري أو كاديلاك)!
وصلت القاعدة السفلى للفوج قبل الغروب.. استقبلني ضابط برتبة ملازم أول, ورحب بي. قدموا لي طعام العشاء.. واخبروني ان أتهيأ للركوب على البغل الذي سيخصص لحملي.. ضمن (سرية بغال) من حوالي الثلاثين بغلاً يقتادها أفراد جنود السرية صعوداً ونزولاً بعد منتصف كل ليلة, عدا تلك الليالي الخطرة التي يكون فيها القمر بدراً..أو أقرب للبدر.. حاملين السلاح والعتاد والأرزاق والماء والوقود و معهم يحملون الضباط ومتاعهم, وهي ميزة يتمتع بها الضبّاط دون الجنود المساكين الذين يتوجب تسلقهم الجبل على الأقدام, مهما كانت لياقتهم البدنية, عند نزولهم في إجازاتهم الدورية أو التحاقهم منها..
كانت المنطقة تحت قصف مدفعي مستمر من الجبال المحيطة بها, والتي لاتزال تحت يد (العصاة) , وقد دخلت وحدات مدفعية ايرانية الى جانبهم. كما كان هناك قناصة أكراد في الكهوف.. والتي يطلق عليها ال(إشكفتات).. (مفردها (إشكُفتَه)).. هؤلاء يطلقون النار بدقة على كل من يتحرك في تلك الوديان الوعرة أو يلمحونه على سفح الجبل أثناء تسلقه, وقد ذهب ضحية القناصة العشرات من الجنود والضباط. لذلك كان التحاقي بمقرالفوج يستدعي أن أتحرك بعد منتصف الليل على ظهر البغل! ضمن قافلة البغال التي تحمل امتعتنا وعتادنا وارزاقنا وماءنا. ونبدأ بتسلق الجبل كي نصل الى القمة قبل بزوغ الفجر وذلك تفاديا لإطلاق النار علينا من قبل المدافع وبنادق (القنّاصة) الاكراد.
ابتدأت رحلتي على ظهر أحد البغال كانت تلك اول تجربتي في الركوب على ظهر أي حيوان! لا بغل ولا حمار ولا حصان كنت قد ركبته قبل هذا اليوم!. وما إن تحركت قافلة البغال حتى تحركت معها مطيتي, مررنا بأرض مستوية لمدة حوالي الثلث ساعة, ثم وصلنا الى نيسم يرتفع تدريجياً عن ألوادي. أخذ البغل يتسلق بي بخفة ورشاقة وصار يصعد ويصعد, أحياناً بنياسم ضيقة جداً وشديدة الإرتفاع بحيث تبدو كما لو كانت حائطاً عمودياً!, وبدأنا نصل الى حافات صخرية حادة جدا ومطلة على واد سحيق للغاية. وعندها بدأت حوافر البغل تزّل عن الحافة وكاد يوشك على السقوط بي إلى هاوية سحيقة. في كل مرة كانت تزل حوافره بإتجاه الوادي, كان قلبي يزل معه!. الأمر الذي أرعبني جداً,وجعلني أتخذ القرار الشديد الخطأ بالنزول عن ظهره, وإكمال صعود الجبل على الأقدام, وتسلق حافات صخرية كانت كأنها الحائط القائم.
ولم يكن ذلك سهلاً ابداً!, فقد كان هناك الكثير من الريح البارد يضرب وجهي بالإتجاه المعاكس والوفر الثلجي الذي تحس به كالمثقاب عندما تستنشقه يثقب أنفك ورئتك. وبسبب عدم وجود اللياقة البدنية فقد صرت في آخر القافلة, واختفى موكبها عن أنظاري, وصرت أزحف على بطني من شدة التعب في المراحل الاخيرة من التسلق, وإبتهال الى الله وصلاة في قلبي أن أرى أي بشر.. أو أصل إلى أرض منبسطة, أو يتوقف هذا الريح المتجمد من دخول أنفي ورئتي. صلاة وابتهال وخوف وإعياء.
بعدها والحمد لله جاء الفرج عندما وصلت الى إحدى الخيام تعود الى الربايا الأمامية في قمة الجبل. إستلقيت عند مدخل الخيمة على بطني لا أقوى على الدخول وأنا غير مصدق إنني قد نجيت!. قدم لي الجنود في ال(رَبيّة) التي وصلتها الشاي الحار بعد أن رأوني موشكاً على التجمد, حثني الجنود على الاسراع بالاستمرار بالتسلق قبل انبلاج الفجر.. وبعد إستراحة لم تزد عن الربع ساعة أكملت الصعود, ووصلت قبل ضوء الفجر إلى قمة (زوزك)!.
وجدت أن الأمر هناك هو من الضباط الاشداء من اهالي الموصل, عسكرياً محترفأً, برتبة (مقدم ركن) لا اذكر الان اسمه طبعاً. كما كان معظم ضباط الفوج من الموصل وجزيرتها. ووجدت طبيب الفوج جالساً في انتظاري لتسليمي (المفرزة الطبية). كان ذلك زميلي وإبن دورتي الطبيب الأرمني (نوبار آرام), وبقي معي ذلك اليوم, حيث دلّني على مكان مقريّ اليومي ومكان النوم, وقام بتعريفي على بقية الضباط الذين تناولنا الفطور والغداء معهم, فهو كان قد أمضى الشهور الماضية جميعها في هذا الفوج. أوجز الدكتور (نوبار) لي معلومات مهمة عن ما أنتظره من واجبات في هذا الفوج, عن الضباط ومزاجهم وكيفية التعامل معهم. منهم الطيب الذي يتحتم الإحسان له ومَن اللئيم منهم الذي يجب اتقاء شرّه. أثناء جلوسنا لتناول الشاي عصراً أخذ بقية الضباط يحكون لي بالتفصيل عن مامعنى (الأفواج الجبلية) و الفوج الحالي واحداً منها.
الأفواج الجبلية هي التي تستقر وتقاتل على الجبال مهما كانت وعورتها وارتفاعها. وبما إن معظم تلك الجبال لم تكن عليها طرق ممهدة تصلح لأي نوع من الآليات, فإن حياتها ومصيرها يرتهن بإحدى سراياها.. تلك هي (سرية البغال)!. حكى لي الضباط إن الجيش العراقي يستورد المئات وربما الألوف من البغال, عادة أقرب مصدر هي (جزيرة قبرص). تصل تلك البغال وهي (خام) ليس عندها أي ضبط عسكري!.. كل (بغل) يختم برقم تسلسل على شفته السفلى من داخل الفم. وهذا الرقم يحتفظ به في سجل خاص هو سجل ال(كنية) وهي قاعدة البيانات الخاصة.. عمره بالاشهر, متى جلب الى السرية, أي علامات فارقة, أي ملاحظات عن طباعه وسلوكه!.. تلك ال(كنية) التي يلفظها الجنود (كوونية).. هي تماماً مرادفة لتلك التي للجنود من البشر!.
وفي أسابيعها الأولى يتم ترويضها من قبل مروضين ماهرين من عرفاء السرية. يعلمونها أن تذعن تماماً لحمل الأثقال وأن تطيع مدربها اينما يسير بها.. والويل كل الويل لل(بغل) الذي لا يذعن للأمر!. يتم تقديمه ك(مذنب) حاله حال أي جندي قد تمرد على الأوامر, ويحاكم ويُحكم عليه بالضرب بالعصا او السوط بعدد مناسب من الجلدات, ويقطع عنه الطعام!.. ويدون ذلك في محضر رسمي يوشر على سجل قاعدة بياناته... ال(كووونيه)!..
و مع تكرار التجويع والجلد.. ومع المكافأة والإطعام عند حسن السيرة, فإن ال(بغل) المسكين سرعان ما يتعلم الضبط العسكري! ويصير مطيعاً لكل الأوامر, وعندها يكون عضواً فعالاً في (سرية البغال).
حكى لي الكثيرون فيما بعد إن ال(بغل) له إحساس بالظلم والمهانة.... وإن البعض منها يصل الى مرحلة الإحباط والكآبة فيرمي بنفسه مع ما يحمله من أثقال وأمتعة من أعلى الجبل الى الوادي منتحراً ومتخلصاً من حياة العذاب!. أنا شخصياً رأيت بعيني كيف تصل البغال الى السرية أول ماتصل وحجم كل واحد منها بحجم الحصان تقريباً.. سمينة معافاة.. ثم وبعد عدة أشهر يصير حجمها صغيراً بحجم الحمار الصغير من شدة التعب والإعياء والتجويع والإهانة!.. وهي حيوانات ذكية وتعرف وتختبر راكبها وربما كان البغل الذي ركبته قد عرف من طريقة تحركي وجلوسي على ظهره, اني (غشيم) وأمتطي دابة لأول مرة في حياتي, ف(إفتعل) التزحلق وانزلاق حوافره كي يخيفني ويجبرني على الترجل عن ظهره, ونجح في حيلته الخبيثه معي!..

صفحة من كتابي ( طبيب تحت التدريب) متوفر في مكتبة المسلة-009647710552939  مكتبة أطراس- الدودي- هاتف07704768313تقدير درجة ...
02/12/2025

صفحة من كتابي ( طبيب تحت التدريب) متوفر في مكتبة المسلة-
009647710552939
مكتبة أطراس- الدودي- هاتف
07704768313

تقدير درجة السكر!
ربما لم يكن مقدّراً لي أن أمارس ما تعلمته أثناء دراسة مادة (الطب العدلي) في الصف الرابع أبداً لولا مشيئة الله والصدفة أن يكون تعييني في (مستشفى الطوارئ-الرصافة) في (العلوية), أثناء مدّة الاقامة الدورية.
كان ذلك في بداية شتاء 1973 تلك التجربة العملية الحقيقية لما تعلمناه على يد استاذنا الرائع (أحمد عزت القيسي). كان مستشفانا لايبعد كثيراً عن مجمع البارات والنوادي الليلية والملاهي في بغداد, وكنا في أيام الخميس (وهو يوم السكر والعربدة عند مرتادي البارات والملاهي الليلية) نملأ دفتراً كاملاً من استمارات تقارير قضايا الشرطة (الدفتر هو مئة صفحة مزدوجة كاملة). يوم الخميس كان يوم شرب الخمور ويوم المشاكل والمعارك عند (البغداديين الأصليين), فالمشاكل تكثر والمشاجرات والضرب بالهراوات والسكاكين وحوادث المرور تقع تحت تأثير المسكرات.
في الأسبوع الأول لي في مستشفى الطوارئ في الرصافة وفي بداية تعلمي كيفية ملء إستمارة الطب العدلي أو ما يسمونه (دفتر قضايا الشرطة). كنت اجلس لصيقاً بالزميل المقيم الدوري الذي كان يسبقني بسنة, والذي يوشك ان ينفك للإلتحاق بالخدمة العسكرية, يعلمني (ببعض التباهي)!, بعضاً من خبرته التي اكتسبها طوال العام الذي سبقني فيه, كيفية التعامل مع قضايا الشرطة!.
جاءنا شخص بصحبة شرطي ومعه كتاب من أحد مراكز الشرطة يطلب منا القيام بفحصه و(إعلامنا) إن كان تحت تأثير الخمر, وما هي درجة الُسُكُر لديه ( بضم السين والكاف أي درجة تأثير المُسكرعليه)!. بدأ زميلي تعليمه لي بأن ناولني القلم وسلمّني دفتر التقارير العدلية, وبعد ان دونت اسم الشخص ومعلوماته الشخصية طلب صاحبي من الشخص ان يقرّب فمه مني وينفخ ملء صدره في وجهي! شممت رائحة قوية تشبه رائحة الخل, قال لي صاحبي -بلهجة المعلم الخبير- اكتب :
"تشم رائحة الخمر من فمه"
دونت ذلك, ثم طلب صاحبي منه ان يمشي على الخط المستقيم على الأرض (وهو الخط المتكون من رصف البلاط– الكاشي-على الأرض). لدهشتي واستغرابي تمكن الشخص من المشي على الخط مع ترنح بسيط الى اليمين واليسار. تصورت أن صاحبي سيطلب مني أن أكتب شيئا ما ولكنه لم يفعل, بل طلب من المشتبه به ان يرفع ذراعيه إلى الأعلى ويجلس القرفصاء (يكنبص) ! ثم ينهض دون الاستناد الى الحائط, لدهشتي تمكن الشخص من فعل ذلك!. طلب صاحبي من الشخص ان يرفع ذراعيه للاعلى ثم يقف على قدم واحدة ثم يقرفص على قدم واحدة فقط وينهض!.وتمكن الشخص من فعل ذلك!وهنا قال لي صاحبي: اكتب:
" درجة سكره شديدة"
احتججت على ذلك, وقلت له:
"حرام عليك يااخي! الرجل تمكن من عمل كل ما طلبته منه؟!"
أجابني صاحبي:
" خاصّةً الحركة الاخيرة, ... هذه لا يستطيع فعلها إلا إذا كان سكراناً"!.
لكنه بعدها شرح لي ان في بعض الأحيان يكون من الأرحم كتابة تقرير مؤداه أن الشخص كان تحت تأثير المسكرات لاسيما في حوادث الاعتداء والمشاجرات لأن عقوبته قد تكون مخففّة بعكس الذي يعي ما يفعل!.
وفي أحد المرات جيء بشخص ضخم الجثة, وفي هذه المرة كان يقوده اربعة من افراد الشرطة, ولأول مرة أرى شخصاً مكبلاً بالسلاسل حول ذراعيه وقدميه!. رفضت فحصه محتجاً على تلك القيود التي تكبله شفقة مني عليه وصعوبة فحصه وهو بهذه الحال!, قال لي أفراد الشرطة متوسلين:
"دكتور ارجوك, الخاطر الله, افحصه مثل ما هو"!.
إنتبه صاحبي الطبيب الأقدم مني, والذي كان يشاركني نفس الغرفة رغم انشغاله بفحص مريض آخر, وهمس في أذني:
" سامي.. افحصه كما هو!, أنا أعرف هذا الشخص, هو (كردي فيلي), يعمل حمّالاً في سوق (الشورجة), وعندما يسكر فإن هوايته المفضلة العراك, وإذا تدخلت الشرطه فانه يتمكن من ضربهم جميعاً ضرباً مبرحاً مهما كان عددهم ثلاثة او اربعة أو ستة ولا يمكنهم القبض عليه الا بشق الانفس وتكبيله بكل هذه السلاسل كما ترى! وبمجرد ان نرخي هذه السلاسل فانه سوف يضربهم جميعاً (وربما نحن معهم) ولن يتمكنوا من السيطرة عليه!"
عندها اضطررت لفحصه كما هو, مخافة ان يحشرني مع أفراد الشرطة في هوايته الأسبوعية!.
وفي مرة من المرات جاءني أمر من (ضابط تحقيق) في (مدينة الثورة) قطاع (...) يطلب مني فحص الموقوف (فلان الفلاني) و(إعلامنا النتيجة). كان فلان قد جلبه شرطيان, مكبل اليدين بالأصفاد يدفعه المعين وهو على كرسي مدولب (wheel chair). ابتدأت بتدوين أقواله حيث تأكدت من اسمه وعمره وتفاصيل التعرف على هويته, ثم ابتدأت بالفحص (كسر الترقوة اليمنى), (كسر الترقوة اليسرى), (كسر كلتا عظمتي الساعد الايمن), (آثار عضّه بشريّة) حيث آثار الأسنان واضحة على (رقبته), عضّة بشرية اخرى على (كتفه), آثار عضات عديدة على (فخذيه وساقيه), كدمات على كتفيه ونزف تحت الجلد في كتفيه و فخذيه وساقيه. رفعت رأسي لاتفحصه إن كان فعلاً على قيد الحياة بوجود كل هذه الإصابات!. كان الشخص (مدشّدش) من رأسه إلى قدميه!.
"مالذي حصل؟"
وجدتني أسأل بدافع الفضول, علماً ان ذلك لا أهمية له عند كتابة التقرير الطبي الذي أتممت كتابته, حيث يفترض أن تكون تقاريرنا محايدة ولا نسأل عن حيثيات وأسباب القضايا.
قال لي وهو ينتحب بالبكاء:
" دكتور آني... حرامي! راقبت احد البيوت في مدينة الثورة وتأكدت ان الرجال جميعا كانوا قد خرجوا الى تشييع متوفى الى النجف, و تسلقت سور البيت, وحال نزولي الى داخل باحة البيت, فجأة استيقظت (ام البيت) ورأتني وصاحت (حرامي)! واذا بها وبثلاث كنّات (زوجات أبنائها) يهجمن على ب(التواثي) (الهراوة-عصا غليظة), ويضربني بكل قوتهن وعلى كل جزء من جسمي, حاولت أن اتسّور الجدار مرة ثانية لاهرب ولكنهن استلمنني هذه المرة بالعضّ كما ترى!, لم يتركن مكانا من جسمي دون عضه أو ضربه بتوثية!. والله يادكتور لولا رحمة الله في انقاذي ووصول الشرطة اذ ينتزعونني من بين أيديهن واسنانهن كنت ميتاً لا محالة "
شعرت بالاسى عليه, كمية الأصابات التي كان مصاباً بها والكسور والعض والكدمات اقنعتني فعلاً ان (الشرطة في خدمة الشعب)! إذ لولا مجئ الشرطة وإنقاذه من بين أيديهن, لكن قضين عليه!.
ثم همست في اذنه "ما الذي أوقعك بيد هذه الغولة وزوجات أبنائها!"؟.
أجابني وهو ينتحب...
"حظي المصّخم!"

التعقيبات
د محمد المحمود
فعلا رجعتنا ٤٦ سنة تاريخ ، اول دفتر شرطة استلمه كان في مستشفى الكرامة ، وهو ثاني مستشفى لي بعد اطفال الثورة ، والذي لم يكن يستقبل قضايا شرطة طبعا ، المهم : كان هناك موظف متخصص بقضايا الطب العدلي ، موجود رسميا صباحا، وهو يرفع العبء عن كاهلنا ، ولكن بعد ذلك تبدا (المغامرات )، استدعاني فجرا ، لكتابة شهادة وفاة متوفي ، وقد جلب ابناءه جنسيته وهو بعمر ٨٠ سنة تقريبا ، وعندما وصلت للطب العدلي : كان قد هيء كل الاوراق ، بإستثناء توقيعي....والجثمان....فقلت لهم : انزلوا الجثة اكشف عليها : هنا بدات الاعذار : دكتور ، الله يخليك نريد نروح ندفنه ، و هو فوق السيارة المارسيدس ٣٠ راكب ، والناس تنتظر ،....الخ ...فاصررت اصرارا عجيبا : لو اشوفها لو ماكو شهادة وفاة....ولكون العيادة الخارجية دوما مزدحمة و انا الطبيب الوحيد الخافر ، عدت اليها لمعالجة المرضى الاخرين...في انتظار انزال الجثمان، طال انتظاري و حضر الطبيب الصباحي الساعة ٨ بداية الدوام واستلم مني ، وعند ذهاب مستفسرا للطب العدلي : لم اجد احدا ، فسالت الموظف المسؤول : اين الربع ؟ جاء الجواب صاعقا : ( المتوفي) لازال حيا في بيتهم ، وهو تاجر كبير واولاده ملوا الانتظار ، فقرروا استخراج شهادة وفاة . حتى يقتسموا الارث......والسلام عليكم
د مها سليمان
جميل تذكرني لأول يوم خفارة ٢٤ ساعة لي في الإقامة الدورية أيضا الشرطي يصحب موقوفا لحادث سيارة ومطلوب تقدير درجة السكر وكما علمني من سبقني ان اشم رايحة الخمر من فمه بعد أن ينفخ في وجهي ولم اشم سوى راءحة بصل لاني لا أعرف كيف تكون راءحة المشروبات الكحولية ولم ارها ابدا في بيت الأهل وكتبت في التقرير ليس بحالة سكر لكن الممرض المصري قال لي (ده سكران طينة) واعدت كتابة الفقرة بناء على تشخيص المضمد

د عبد الرضا العباسي
ضحكت كثيراً هذه المرة ياسامي وانا اقرأ في مدونتك عن السكر ودرجاته؛ وسبحان الله فكما ذكرت لك سابقا في تعليق لي بالتشابه الكبير بين مسيرتينا الطبية في الاقامة والعسكرية، فقد ذكرتني بهذا السكير الضخم المكبل بالحديد وبحراسة العديد من الشرطة، فأنا اعرفه جيداً (ك. س)، وقد جلبوه لي لاكثر من مرة في خفاراتي الليلية في مستشفى الكرامة وكالعادة مكبلاً بالحديد، ويعرفه العديد من زملائي الذين خدموا معي في تلك المدّة ؛ استغربت من سكره في منطقتكم / الرصافة وجلبه الى طوارئ الرصافة؛ فهو من زبائن (مايخانة حَبّي) في الكرخ والقريبة من مستشفى الكرامة، وهو معروف بعربدته وعدوانيته، والجميع يتجنبونه. ويبدو ان طلب الشرطة من الطبيب لفحص وتقدير درجة السكر ليس في محله، اذ لايوجد مقياس لهذا الغرض، والامر احياناً يعتمد على المزاج والحدس والى موازنة الامر من قبل الطبيب ان كان يضر كثيراً بالمتهم؛ واذكر مرة جلب الشرطة في خفارتي اثنين من الشباب لتقدير درجة السكر، وقد رأيتهما: شابان مرتبان ومؤدبان، نظيفي الملبس ومتأنقان، وقد قدما نفسيهما لي بأنهما طالبان جامعيان، وقد كانا يحتسيان البيرة في بار حبّي، وقد حدثت معركة بين بعض الزبائن وجاءت الشرطة فاخذت الجميع وهما معهم، فهل يرضيك ان نتبهدل يادكتور ونحن لامنها ولا عليها!!؟؛ فكتبت فوراً انهما لم يتناولا خمراً- تعاطفاً معهما-، وهكذا اطلق الشرطة سراحهما؛ ان هذه الاجراءات غير دقيقة وغير قانونية، وتخضع كثيرا للخطأ والصواب وللمزاج احيانا؛ ولابد من الاستعانة بجهاز فحص درجة السكر؛ وان من يعربد ويعتدي ويتشاجر هم السوقة وبعض الاشقياء، وليس بقية الناس، فصاحب المزاج الاصيل لايشاكس غيره ابداً.

صفحة من كتابي (أوتوستوب) متوفر في مكتبة المسلة-009647710552939  مكتبة أطراس- الدودي- هاتف07704768313– الرقص تحت المطرهام...
01/12/2025

صفحة من كتابي (أوتوستوب) متوفر في مكتبة المسلة-
009647710552939
مكتبة أطراس- الدودي- هاتف
07704768313

– الرقص تحت المطر
هامبورغ – المانيا 22 آب 1969
بعد الفطور خرجنا أنا و(خورخي) و(هوزيه) واحد الإسبان إلى مقرنا الدائم وهو المحطة! ‥ حَيثُ قضينا شطراً كبيراً من الوقت فيها … ثُمَّ التقينا بالعصابة الفرنسية من الـ (الهيبيين – البيدنكز) فاخبرونا ان شيئا مهولاً قد حصل! ‥
فقد قبض البوليس الدولي على رئيس العصابة (جان لوي) وأعادوه مرغماً إلى فرنسا لأنه لا يزال دون السن القانونية … (قاصر)! وان اهله ابلغوا الشرطة الدولية بفقدانه وطلبوا منهم اعادته! … تبين ان عمره الحقيقي هو سبعة عشر عاماً فقط! ‥ كان ذلك الخبر مثيراً جداً … أن يكون قائد المجموعة والمنضّر لها … والعقل المدبر … قاصراً!
ثُمَّ التقينا بـ (بربارة) التي طلقت حديثاً‥ بدأت تحكي لنا عن ليلة البارحة الرائعة التي قضتها مع الحشيش ومع صاحبها!!
في حوالي الثانية عشرة التقينا بفتاة رأيناها صباحاً في نفس الدار الذي نسكنه … و تعرفنا بها على أنها (آنه) وأنها من الدانمرك‥ كانت ذاهبة إلى إسبانيا‥ لكنها أنفقت كل نقودها لذا فهي تريد الاشتغال أسبوعين أو ثلاثة في هامبورغ لتوفر ما يكفي لها لمتابعة السفر …
هنا بدأ (خوزيه) و(خورخي) بـترديد الأسطوانة القديمة (القايش) المعتاد عن (لماذا العمل في خدمة البرجوازية؟) ‥ (انك تستطيع الحياة والاستمتاع بها بدون عمل وتعب!) ‥ (عش عاطلاً.. تعش سعيداً)! …
كنا اصلاً ذاهبين للغداء فدعونا (آنه) للغداء معنا‥ إلى مطعم الطلبة … وتخلف عنا (خوزيه) و(خورخي) لانهما لم يكونا يملكان مبلغ الغداء الذي هو زهيد جداً‥ لذا فقد استوقفا فتاتين بدينتين‥ وتمكنا من الحصول على بعض المال منهما! … كانت نظرية (خوزيه) هي من قاعدة واحدة: ابحث دوماً عن فتاة بدينة! ‥ ان الفتاة البدينة طيبة القلب وكريمة النفس بعكس الفتاة النحيفة‥ والتي تكون لئيمة وبخيلة! ‥ وحكى لنا كيف انه احتاج إلى المال ذات يوم‥ فجلس إلى فتاة بدينة في أحد المطاعم‥ حَيثُ دعته إلى تناول الطعام على حسابها‥ لكنه عندما اخذ يقص عليها كيف انه قد ترك المكسيك بعد ثورة الطلاب، وهاهو قد استنفذ آخر فلس عنده من المال الذي ارسلته له أمه‥ وإذا بالفتاة تجهش بالبكاء حزنا لمعاناته..واستمرت عندها نوبة البكاء! … بينما كان (خوزيه) يهون عليها ويخبرها ان الامر ليس بالسوء الذي تعتقده! … وان الإفلاس ليس بمشكلة‥ ثُمَّ حصل منها على مبلغ من المال انفقه في يومين أو ثلاثة!!‥.
في طريقنا إلى مطعم الطلبة تحدثت مع (آنه) بشتى المواضيع لاكتشف ان عندها فراغاً ثقافياً هائلاً‥ هذه الفتاة لا تعرف أي شئ … هي غبية وسطحية! ‥ لكنها جميلة جداً… وهذا وحده يكفي! …
في مطعم الطلبة حصلنا على وجبة رائعة نحن الأربعة ثُمَّ بعدها المشروبات … ونحن نتحاور في شتى المواضيع في كيفية إصلاح العالم!! ‥
خرجت مع (أنه) إلى ساحل بحيرة (الستر Ulster) حَيثُ جلسنا نتفرج على المراكب الشراعية وهي تمخر عباب البحيرة‥ وإلى البط الجميل الذي كان يقترب منا دون خوف …
ثُمَّ بعدها عدنا إلى محطة القطار الرئيسية‥ الـ (هوبت بانهوف) مقرنا الدائم … حَيثُ افترشنا الارض بمجموعة من الصحف‥ وجلسنا عليها…
يبدو ان الشرطة قد وصلتها بعض الشكاوى من الناس‥ عن المراهقين الفرنسيين الذين كانوا يحتلون زاويتهم المفضلة من محطة قطار هامبورغ (هوبت بانهوف) ‥ فما ان جلسنا انا والفتاة الدانمركية (آنه) في إحدى زوايا المحطة … حَتى جاء شرطيان وكلمانا بالالمانية … لم نفهم منهما مايريدان منا‥ وانصرفا!
بعد دقائق عاد الشرطيان ثانية‥ وفي هذه المرة طلبا منا النهوض عن الأرض التي كنا جالسين عليها مفترشين بعض الصحف‥ لم ندرك ماذا كانا يريدان منا‥ فقد قالا بضعة جمل بالالمانية وانصرفا‥ ضحكنا انا و(آنه) وقلت لها (يبدو انهما يحسدانني عليك!)
قالت « لا‥ انا فهمت ماذا ارادا‥ لقد قالا بأنهما قد طلبا منا سابقاً مغادرة المحطة‥ فلماذا لم ننفذ ذلك؟ » « انني أخشى ان يلقوا بنا في التوقيف‥ لنخرج من المحطة‥ هيا يا سامي‥ لنغادر المحطة ولا نخلق لأنفسنا المشاكل »
قلت لها بغرور صبياني ورغبة في المشاكسة:
« وبأي حق يطلبون منا ان نغادر المحطّة؟ انها ليست ملكاً لأي أحد منهما‥ أنهما يحسدانني عليك لأنك بهذا الجمال‥ ليس إلّا‥ كلا لن نغادرها‥ إن مثلنا مثل الألوف من الناس الموجودين في المحطة‥ »
توسلت بي « ارجوك‥ لاتعاندهما فقد يضعاننا في التوقيف بلا داع‥ لماذا نعاند‥ هيا نخرج »
قلت « لا‥ لن نخرج‥ وعلى كل حال لماذا أنت خائفة من التوقيف؟ ان هناك طعام مجاني وسرير ومبيت مجاني أيضاً‥ فحياة السجن ليست سيئة كما تتصورين! ‥ لقد كان لنا جار في بغداد اسمه (ابو سمرة) كلما يخرج من السجن يعود إليه ثانية‥ وكان قوله المأثور (السجن طعام ومبيت‥ بلاش) ‥ وعليه لا تخافي يا عزيزتي‥ طعام وفراش مجاناً »
وقهقهت (آنه) بالضحك للفكرة‥ والتصقت بي بسعادة‥ واخذنا نضحك كالاطفال ضحكاً متواصلاً لاينقطع‥
بعد دقائق جاء الشرطيان ثالثة‥ وهذه المرة كانا في أشد حالات الغضب‥ طلبا مني ومن صاحبتي الوقوف فوقفنا ونحن لا نزال نضحك‥ مما جعل الشرطيين يستشيطان غضباً‥ قال أحدهما (جوازاتكما!) فهمنا هذه واعطيناه الجوازات‥ ونحن سعيدان باللعبة التي صارت مثيرة ومضحكة حقاً‥ اخذا الجوازات وقالا (رجاءً‥ تفضلا معنا) ‥ وتبعناها‥
وضعت (آنه) فمها في أذني وهي تقول « ها يا سامي‥ سيتحقق حلمك‥ طعام وفراش مجاني‥ أليست هذه أمنيتك؟ ‥ إذاً ستحصل عليهما لاحقاً بالتأكيد » ‥ واغرقت بضحك طفولي‥ إن الإنسان يحس بسعادة كبيرة عندما يتحدى الشرطة! ‥ وهذا ما كنت احس به! ‥ فإنها ما إن أسرت بكلامها في اذني حَتى انفجرت مقهقهاً بصوت عالٍ‥ مما جعل الشرطيين يستشيطان غضباً لأنهما ظنا اننا نضحك عليهما! ونسخر منهما‥ وقد بلغ الغضب بأحدهما حداً جعلني أتصور انه قد جن جنونه وسوف يقتلنا! ‥ ولكني لم اكن اتمالك نفسي ولا صاحبتي من الضحك‥
دخلنا مركز الشرطة ونحن نضحك‥ وطلب منا الضابط باللغة الإنكليزية ان نجلس‥ وجلسنا على اريكة وثيرة وكنا لا نزال نوشوش أحدنا في أذن الآخر‥ وتستغرق بالضحك‥ لا ادري هذا الضحك الهستيري الذي انتابني فجأة وبدون ان نتمكن من السيطرة عليه‥ حَتى إنّ الضابط بقي ينظر إلينا مستغرباً‥
قال لي « لماذا لم تطيعا الشرطي عندما امركما ان تتركا محطة القطار؟ »
أجبت: « ليس له الحق في منعنا من التواجد بمحطة القطار‥ نحن لم نرتكب جرماُ‥ كما إنّنا لا نعرف اللغة الالمانية ولم نفهم ما يقول! »
صمت الضابط قليلاً‥ ثُمَّ كتب على ورقتين وطلب مني التوقيع على إحداهما ومن (آنه) ان توقعّ على الثانية‥
قال: « هاتان الورقتان فيهما إقرار منكما بان لا تدخلا محطة قطار هامبورغ بعد الآن! ‥ وان دخلتماها ثانية سيكون مصيركما الإبعاد من البلاد! »
اخذنا جوازاتنا وخرجنا‥ وما إن غادرنا المركز حَتى ذهبنا لمحطة ثانية‥ توسلت (آنه) بي قائلة:
« ارجوك‥ لا اريد ان يعيدونني إلى الدانمرك ثانية‥ أنني لا أريد ان أعود إلى بلادي ثانية‥ وهم إذا رأوني في المحطة فلن يسمحوا لي بالبقاء في المانيا‥ ارجوك ياسامي‥ لا اريد ان نخلق لأنفسنا مشاكل أخرى »
ذهبنا سوية إلى دائرة البريد لأرى ان كانت قد وصلت رسالة من أهلي‥ لم يكن هناك رسالة!‥
ركبنا الـ (اوبان UBahn) إلى (سانت باولي) ‥ تمشينا في (سانت بأولي) … وكان هناك مرقصاً كبيراً قد رأيته البارحة مملؤاً بالهيبيين الداخلين مجاناً‥ لكني وجدته اليوم وقد وضعوا خارجه شباك تذاكر وصاروا يتقاضون مبلغاً عن الدخول … تركناه وذهبنا إلى مطعم صغير‥ حَيثُ تعشينا واشتريت لـ (آنه) علبة سجائر لانها مدخنة‥ تمشينا بعدها ونحن متلاصقان‥ في شوارع (سانت باولي) … عندما جئنا البارحة كان هناك مكان مكتوب عليه مركز الإثارة (Eros Center) أثارت العبارة المكتوبة انتباهي لكن لم تسنح لي الفرصة البارحة لمعرفة ماهية هذا المركز ومايجري فيه! ‥ أما اليوم فقد رغبت في الدخول إليه بدافع من فضولي للتعرف عليه من الداخل‥
دخلنا أنا و(آنه)‥ كان المكان عبارة عن ساحة كبيرة وضعت في وسطها بعض الديكورات التي تشبه الجدران وأعمدة النور القديمة‥ تحت كل عمود نور وقفت (مومس) وهي في احلى زينتها وقد أظهرت مفاتنها من صدر وسيقان‥ وقفت ملاصقة لعمود النور أو في زاوية من الجدار المصطنع … وكل منهن تدخن أو تمضغ اللبان … تمشينا سوية ونحن نتفرج على (حديقة الحيوانات البشرية) الجديدة هذه‥ فشارع (ديفيد شتراسه) فيه مومسات مع الغرف والاسرة التي ينمن عليها‥ أما هنا فهي لأصحاب الشقق أو المنازل الذين يودون اصطحاب الـ (بغي) معهم إلى منازلهم‥ كان منظراُ مزرياً بالنسبة لي ومعي (آنه) التي كانت تنظر مدهوشة‥
ويبدو ان إحدى المومسات قد أغضبها منظر فتاة (شريفة) تتجول مع صديقها للتفرج عليهن وتنظر إليهن بازدراء! ‥ وشعرت بالإهانة وإهدار كرامتها! ‥ ولا ادري أي كرامة تحس بها تلك التي جعلت من جسدها سلعة للبيع بابخس الاثمان‥ فجأة هجمت على فتاتي من الخلف وركلتها بقدمها الضخمة في عجزها من الوراء‥ وانتابني الغضب وهجمت على البغي وضربتها‥ ثُمَّ هجمت عليها ثانية‥ وامسك بي بعض الناس‥ وامسكت بي (آنه) وهي تتوسل وتبكي أن أترك البغي وشأنها‥ وأن ننصرف خارجاً‥ خرجنا وانا ارتجف غضباً‥ ولكن (آنه) كانت تبكي وتتوسل ان نترك البغي لحالها …
تمشينا في (سانت بأولي) وانا لا ازال في حالة غضب … ثُمَّ اقنعتني (آنه) بالدخول إلى أحد المراقص حَيثُ قضينا الوقت وسرعان ما نسيت غضبي مع وجود فتاتي الحسناء جنبي‥ والتي كنت احس ان فيها شيئاً غامضاً لا أزال لا أعرف تفسيراً له! …
في حوالي العاشرة والنصف ليلاً تذكرنا ان دار الشباب يغلق ابوابه في العاشرة ليلاً‥ امسكت بيد (آنه) وهرولت راكضاً عبر الشارع الرئيسي إلى ان وصلنا إلى محطة الـ (اوبان UBahn) ونحن نلهث‥ كانت تلك أول مرة في حياتي امسك فيها بيد فتاة! ثُمَّ ومن محطة القطار ركضاً إلى دار الشباب‥ لايمكن تصور روعة شابين ممسكان يدهما بالآخر وهما يهرولان بسرعة فائقة‥ كانت (آنه) شجاعة ورياضية وذات قدرة ممتازة على الركض‥ الناس كانوا يرون شاباً في الثامنة عشرة من عمره ممسكاً بيد فتاة في السادسة عشر وهما يركضان تحت المطر‥ أما انا فقد كنت ارانا نرقص تحت اعذب معزوفة‥ رقصة شباب تحت المطر … فرحانين جذلين مثل طفلين صغيرين‥ قلوبنا وارواحنا كانت تخفق وترقص‥ عند الباب الزجاجية الخارجية للدار أخذنا نطرق بشدة‥ فقد كانت مغلقة‥ ووقفنا ننتظر إلى ان فتح الباب‥
كان (جيل) الذي ادعى بأنه فلسطيني يفتح لنا الباب‥ رغم انه لاشئ يوحي بكونه فلسطينياً‥ لا اسمه‥ ولا رسمه!
دخلنا وتبادلنا تحية المساء‥ دخلتُ القسم المخصص للذكور‥ ودخلت هي في مخدع الإناث‥ سألت من اعرفهم عن (خوزيه) ‥ لكنه لم يأت! ‥ ولم يره أحد‥ أحسست بالقلق عليه وأخذت اطوف ابحث وافتش عنه…
« ياناس‥ الم تروا (خوزيه)؟ »
كل الذي عرفته ان هناك من رآه مع (خورخي) (الأرجنتيني – العربي)! ‥ بصحبة فتاتين‥! قاتل الله (خورخي) هذا‥ فقد سيطر على (خوزيه) سيطرة تامة حَتى صرت لا اجده‥ رباه ارجو ألّا يكون قد اصابهما مكروه‥ أين ياترى قد باتا الليلة؟ … وبت ليلتي وأنا قلق على صديقي الحبيب (خوزيه) ‥ وعلى صاحبه الشيطان المريد‥ (خورخي) … ذو الجدّة اللبنانية‥ والجدّ النابلسي! …

التعقيب التالي وصلني من شقيقتي (مدرسة اللغة العربية) والتي تساعدني بتصحيح الاخطاء اللغوية في مقالاتي:

يا الهي كم هو جميل استرسالك وحديثك عن رحلاتك تلك … وانا ايضا اتساءل كم واحد من أصدقائك ومعارفك وقارئيك قد أدمن مثلي قراءة مدونتك هذه وأُجبره اسلوبك الرائع في السرد القصصي الذي يحسدك عليه كتاب السيرة … كم واحد أجبره صدقك و استرسالك بهذا الأسلوب القصصي الممتع أن يعيش تفاصيل تلك الرحلات وهو في قمة الاستمتاع واجمل الحديث أصدقه … لقد صرت اخاف ان افتح هاتفي فلا اجد زادي ودوائي من هذه اللحظات الممتعة التي اقضيها في قراءة ومتابعة رحلاتك …
واني اقترح عليك ان تجعلها في كتاب تنشره تقرأه حَتى الأجيال اللاحقة فأنت قدوة رائعة ومثال جميل ربما لجيل صغير من الشباب وبذلك تكون بالإضافة إلى افضالك في الطب تكون ان شاء الله بعد عمر طويل قد خلدت اسمك على مدى أزمنة وسنوات وصرت القدوة التي يحاول الكثير من الشباب ان يحذو حذوها … بوركت اخي الحبيب وفخري عزتي وشموخي …
انا مستعدة ان أقدم كل جهدي ومعرفتي المتواضعة في اللغة على صب كل جهودي في تدقيق وتمحيص الكتاب ان فكرت ان تجمع مدونتك الرائعة هذه في مجموعة واحدة … لاتبخل على الناس بمتعة قراءتها وهي أيضاً جزء من عملك الإنساني ثق أنها تبعث القوة والسعادة في النفس … وهذا شاعرنا الدكتور إبراهيم ناجي خير مثال … نسي الناس عمله على مدى ستين عاما في مجال الطب و خلدته قصيدة الاطلال … دمت اخي وحبيبي وافتخاري وعزتي …
ا ارجوك اخي تنهض بالشباب النائم وايقظهم … خذ بأيديهم وعلمهم كيف يسعدون أنفسهم ويتعلموا من تجاربهم … انا اعرف ان الرحلات ماعادت سهلة وان الحصول على التأشيرات بات أمرا في غاية الصعوبة لكن لا زال هناك بريق من الضوء في نهاية النفق … دعهم يجربوا … اكتب لهم لا تبخل عليهم اجمع مدوناتك‥

Address

Alharthia
Baghdad

Opening Hours

Monday 09:00 - 17:00
Tuesday 09:00 - 17:00
Wednesday 09:00 - 17:00
Thursday 09:00 - 17:00
Saturday 09:00 - 17:00
Sunday 09:00 - 17:00

Telephone

+9647715191473

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when الاستاذ الدكتور سامي سلمان posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Contact The Practice

Send a message to الاستاذ الدكتور سامي سلمان:

Share

Share on Facebook Share on Twitter Share on LinkedIn
Share on Pinterest Share on Reddit Share via Email
Share on WhatsApp Share on Instagram Share on Telegram