الاستاذ الدكتور سامي سلمان

الاستاذ الدكتور سامي سلمان العيادة التخصصية لتشخيص وعلاج امراض المفاصل والفقرات الحارثية شارع الكندي مجاور صيدلية أهل الدواء. للحجز الاتصال بالسكرتير 7715191473

(تنويه): المقال التالي كنت قد كتبته في عام ٢٠١٥.. وارتأيت ان انشره الآن عسى ان يعجبكم.. وسيكون هناك بعض المقالات الأخرى ...
27/07/2025

(تنويه):
المقال التالي كنت قد كتبته في عام ٢٠١٥.. وارتأيت ان انشره الآن عسى ان يعجبكم.. وسيكون هناك بعض المقالات الأخرى عن زيارتي لروسيا

(مترو موسكو .. قصور تحت الأرض)!
الخميس 13 /8 /2015
بعد الغداء اخذتنا دليلتنا العجوز (مارينا) الى أحد اهم معالم موسكو الرائعة... مترو موسكو.. القطارات تحت الارض والتي تعتبر أكبر منجزات العصر الشيوعي السوفيتي....
وحسب الويكيبديا فان هناك حوالي مئتي محطة مترو في موسكو تغطي حوالي ثلاثمائة وسبعة وعشرين كيلومترا من السكة.. تعتبر من أعمق خطوط المترو في العالم حيث يصل عمق بعض الارصفة الى اربعة وسبعين متراً تحت الارض.... ويعتبر مترو موسكو الاكثر ركاباً في اي مكان في العالم (عدا الصين) حيث يركبه أكثر من سبعة ملايين شخص يومياٌ ووصل قمة استعماله الى اكثر من تسعة ملايين يومياً... كل خط من خطوطه معرف برقم ولون واتجاه... اي ان بأماكنك ان تحدد أنك سوف تركب الخط الاحمر (رقمه 1 ) والمتجه الى محطته النهائية المسماة....
هناك اثني عشر خط مترو متجهة من الشمال الى الجنوب واخرى من الشرق الى الغرب وبالعكس ويربط بينها خط دائري هو الخط البني المرقم (6 )...
وهناك صوت يعلن المحطة القادمة ويكون الصوت رجالياُ إذا كان القطار متجهاً نحو مركز المدينة وصوتاً نسائياً عندما نكون بالاتجاه المبتعد عن مركز المدينة...
تم افتتاح اولى المحطات واول الخطوط في عام 1935 ثم استمر العمل على جميع الخطوط بهمة ونشاط ولم تتوقف حتى اثناء الحرب العالمية الثانية واثناء حصار موسكو من قبل الالمان... وتم استعمال محطات المترو كملاجئ ضد القصف الجوي كما انتقلت الحكومة السوفيتية بأكملها الى داخل المترو حيث كان (ستالين) يوجه خطاباته الى الشعب من داخل محطات المترو في كثير من الاحيان... وهناك محطات مجهزة تماما للوقاية من الحرب الذرية حيث لها ابواب مصفحة يصل سمك احداها الى أكثر من متر من الحديد....
ولكن الاعجاز الحقيقي هو الفن الرائع الذي جعل كل محطة مختلفة تماماُ عن الاخرى، ولكنها جميعا مرصوفة بعناية... أرضا وحيطاناً بالرخام وتجد فيها اللوحات الفنية الرائعة والتماثيل الرخامية والنحاسية واللوحات الزجاجية والفسيفساء والاضاءة الرائعة التي جعلت من محطات (مترو موسكو) ما أطلق عليها اسم (قصور تحت الأرض) ... وهي قصور بحق... أدعوكم للاستمتاع بصورها...
كانت (مارينا) تريد التجوال في محطات ثلاثة فقط منتخبة على الخط (2) (الازرق الغامق) ومن بعدها تأخذ الجميع الى شارع (اربات Arbat ) -بناء على طلبات الزملاء- حيث الاسواق الرئيسية لموسكو..
وفعلا فقد نزلنا جميعا مع دليلتنا الى السلالم الكهربائية التي هبطت بنا مسافة كبيرة تحت الارض
ارشدتنا دليلتنا الى ان نتوزع الى مجموعات صغيرة عند الصعود للمترو، كي نتمكن من الصعود جميعا من ابواب مختلفة، ثم ومن بعد محطتين ننزل جميعا.. وذلك لان المترو سريع ولا يتوقف في المحطة الا لفترة قصيرة جداً وان من غير الواقعي ان نصعد جميعا من باب مقصورة واحدة وننزل سوية ... اطعناها وصعدنا..
Ploshchad Revolyutsii ) ثم بعد محطتين نزلنا في محطة المترو الاولى الرائعة والتي تحتوي على 96 تمثالا.. محطة (الثورة)
كان هناك تمثال شهير (الصياد وكلبه)... وقد صار انف الكلب يبرق لمعاناً من كثرة ما يمسح عليه الناس.. اعتقاداً بأن ذلك يجلب الحظ!
في محطة الثورة ومع الزملاء تجولنا في (لمحطة المتحف)... ذات التماثيل النحاسية والخزفية واللوحات الملونة الزجاجية المنتشرة في كل زاوية من المحطة وكل تمثال يحكي قصة مختلفة عن الاخر.. التماثيل تصور جميع نواحي الحياة في الحقبة السوفيتية ابتداءَ بالعائلة والطفل ثم تماثيل للمدرسة والمزرعة والجندي والمصنع والملعب وغيرها ... ولكن التمثال المفضل للسياح هو (الصياد وبجواره كلب صيد سلوقي )... ويبدو ان بمرور السنين قد تكونت اسطورة حول الكلب.. ان من يلمس انف الكلب النحاسي فأنه سيكون محظوظاً طيلة العام... فترى انف الكلب قد صار يتوهج لمعاناً لكثرة ما دعكه المواطنين والسياح ...
بعد محطتين تركت اصحابي ودليلتنا السياحية ... فانا ليس لي اي رغبة في التسوق... رغبتي الحقيقية هي في التجوال في محطات المترو العشرة التي تم انتخابها كأجمل محطات في العالم... تركت رفاقي وركبت المترو ثانية متوجها الى المحطة التالية...
المحطة الاخرى كانت محطة (كييفسكايا Kievskaya ) وتمتاز المحطة بأعمدة جميلة ويحيط بالأعمدة من الاعلى تيجان من السيراميك الجميل واللوحات المذهبة والتي تحكي قصة وحدة روسيا واوكرانيا..

اللوحات الفنية في السقوف وعلى الجدران وفي كل مكان
لوحات من الزجاج المذهب في محطة اخرى
محطة اخرى ...هذه المرة الحيطان مغلفة بالجرانيت الفضي والانارة على شكل اقواس متصلة
محطة (دوستيويفسكي) و الجداريات العملاقة في محطته تحكي عن أشهر رواياته
الكاتب الخالد (دوستويفسكي) كرم بمحطة تحمل اسمه.. وساحة كبيرة.. ومكتبة عامة..
جدران المحطة من الرخام الابيض الناصع والذي يعكس الضوء بشكل رائع محيلاَ ليلها نهاراَ....
المحطة الاخرى التي انتقلت اليها هي محطة (مايكوفسكايا Mayakoviskaya ) وهي احدى روائع الفن, تحبس الانفاس بجمالها..
كنت في كل مرة اطلب من أحد المارة ان يلتقط لي صورة بكاميرتي... فانا من اشد اعداء ال(سيلفي)!.. ووجدت الشباب الروس من أكثر الناس مودة ومحبة للأخرين واستعداداً للخدمة في اي وقت!
بقي ان اذكر ان اسماء المحطات مكتوبة أكثر بلغة (السيريلك Cyrillic) وهي (الحروف الروسية)... صعبة القراءة لمن هو غير معتاد عليها... انا تمكنت من حفظ اسماء بعض المحطات لأنها تعني شيئاُ فالمحطتين القريبتين من فندقي كانتا (تشيخوف سكايا) على اسم الكاتب الرائع تشيخوف... و(بوشكين سكايا) على اسم شاعر روسيا الكبير (الكسندر بوشكين).. كذلك اجمل محطات موسكو (كييف سكايا) على اسم مدينة (كييف) عاصمة اوكرانيا... وهكذا...
قراءة لغة (السيريليك) ليست سهلة، ولكنها لم تكن مستحيلة!!!

مقال من كتابي (خمس سنوات في بريطانيا)(موجود في مطبعة المسلة ومكتبة اطراس)٥-الامتحان السريري       بعد انتهائنا من الغداء...
26/07/2025

مقال من كتابي (خمس سنوات في بريطانيا)
(موجود في مطبعة المسلة ومكتبة اطراس)

٥-الامتحان السريري

بعد انتهائنا من الغداء رجعنا الى المركز الامتحاني كي يعرف كل منّا متى موعد إجراء الجزء الثاني من الامتحان وهو (السريري والشفوي Clinical and Oral) في خلال اليومين القادمين. وكنت أدعو الله, وأصلي في قلبي بكل جوارحي, أن يكون موعد امتحاني في أول يوم (غداً), كي ارجع بسرعة واكون مع ابنتي الصغيرة ومع زوجتي الحبيبة التي تركتها راقدة في المستشفى!.
وبمجرد مجيء السكرتيرة السكوتلاندية ذات اللهجة الثقيلة, حتى نادت بأعلى صوتها على مجموعتنا الغفيرة من الأطباء (العرب والهنود والأوروبيين الشرقيين) القادمين لأداء الإمتحان:
" من منكم الذي اخبرني… انه قد جاء بعد أن ترك زوجته راقدة في المستشفى؟"
لم يتزحزح أحد من مكانه وكنت الوحيد الذي اقترب منها وأجابها صائحاً: "أنا"!!
أمرتني أن أجلس جانباً وأنتظر!!
ثم قامت بقسمة الطلاب الى مجموعتين حسب القائمة التي بيدها… النصف ألأول غداً, والباقين بعد الغد.. ثم استدارت نحوي وقالت:
"بشكل استثنائي، سيكون امتحانك اليوم! وستكون أول طالب في الامتحان السريري والشفوي وسوف يبدأ امتحانك بعد ربع ساعة!"
يا إلهي كم انت رحيم! يارب احمدك واشكرك..
لم اكن ادرك ان الشابة الاسكتلندية قد أخذت الخبر الذي همست في اذنها بمحمل الجد، - وربما توسطت لي- كي يفرغ الأساتذة انفسهما, و يكون امتحاني اليوم… وليس غداً!
بعد انقضاء ربع ساعة, أدخلتني إلى قاعة جانبية, كان في انتظاري رجل نحيف وطويل لهجته انجليزية صرفة.. لا بد أنه قد جاء من لندن, كان يبدو في الخمسينات من عمره, تبدو عليه الطيبة.. ورجل آخر قصير يميل للبدانة. بدا من لهجته انه اسكتلندي!..
حييت الرجلين, وردا التحية…
أول ما فعل الاسكتلندي إن سلمني نتيجة تحليل دم, كان من الواضح من الارتفاع الشديد لأنزيمات الكبد أن المريض مصاب ب (يرقان انسدادي), بعد ان اجبت كان يبدو عليه الارتياح, ثم سلمني تخطيط قلب كان فيه كل التغيرات التي تجدها في المصاب باحتشاء العضلة القلبية (الجلطة).. وهنا أجبته أيضاً بالتشخيص وكان يبدو عليهما من تعابير وجوههما… ان اجابتي صحيحة!..
ثم وضع الاسكتلندي اشعة صدر كبيرة الحجم على جهاز عرض الأشعات كان هناك ما يبدو أنه (ورم) قرب سرة الرئة اليمنى.. وكانت جميع جوانب الورم ملساء غير متشعبة..
وقال لي: "هذا المريض مدخن بإفراط, عمره خمسون عاماً… ماذا تظن مشكلته"؟
سألته: "في بلدك؟…. أم في بلدي"؟
استفزهما سؤالي.. وانتبه الأسكتلندي في جلسته, وعاد ليسألني عن الذي أقصده؟!
أجبت: "في بلدي.. هذا كيس من نوع مرض الأكياس المائية"!
"أما في بلدك…. فهو سرطان الرئة"!
(في تلك السنوات كان مرض الأكياس المائية منتشر بكثرة في العراق)
بدا عليهما الارتياح من جوابي.. وهنا بادرني الشخص النحيف بالكلام حيث قال لي:
"نعم هو سرطان الرئة.. وقد نفذ الى الوريد الأجوف العلوي و تسبب في انسداده, مما جعل أي علاج غير مجدي.. بما في ذلك العلاج بالأشعة العميقة, وربما لن يعيش هذا المريض طويلاً.."!!
ثم أردف قائلاً : "والآن اريد منك ان تتصور انني زوجة المريض, كيف ستخبرني بمصير زوجي"؟
جلست جنبه وأنا أتظاهر بالحزن والجدية.. وقلت له:
"سيدتي يؤسفني أن أخبرك ان الورم لدى زوجك قد نفذ الى أماكن حساسة من صدره ورغم علاجنا فقد اخترق الوريد الرئيسي.. حالته لن ينفع معها إجراء جراحي أو طبي.. سوف نستمر بالأدوية المسكنة للآلام, ونؤكد لك أننا سنبذل قصارى جهدنا في أن لا يعاني زوجك أي آلام وأن نوفر له الأدوية التي تجعله مرتاحاً طوال الوقت.. حتى النهاية"…
مر الامتحان السريري والشفوي على أفضل وجه تمنيته, (لا زلت اذكر كل اسئلتهم وجميع أجوبتي)!. وكنت واثقاً أن أدائي قد أعجب الأساتذة الممتحنين, وبعد نصف ساعة كنت أركض مهرولاً -كالمجنون- في شوارع (گلاسكو)، في طريقي إلى الفندق، كي أحمل حقيبتي وأسرع… إلى محطة القطار!!
وجدتني في الليلة نفسها جنب سرير زوجتي الحبيبة. كان الخبر الرائع الآخر أنهم سمحوا لها بالخروج من المستشفى! وانّ صحتها وصحة الجنين الذي تحمله بحالة جيدة.
ولن انس ما حييت ذلك الموقف الإنساني الرائع للدكتورة (الهام خطاب) ورعايتها لابنتي أثناء غياب زوجتي، وغيابي لأداء الامتحان، جزاها الله عنا خير الجزاء.
حال خروج زوجتي من المستشفى فقد غادرت (الهام) مسرعة عائدة الى (لندن) لانشغالها بأداء امتحاناتها الوشيكة, ولم تشأ أن تخبرني بذلك قبلاً!.
(تخصصت د. الهام خطّاب في الطب النفسي من بريطانيا, وعادت الى مدينتها الموصل حيث تسنمت عدة مناصب من (رئاسة قسم) ثم (عميدة كلية) لعدة سنوات, ولا تزال كما هي، تلك الإنسانة الكريمة التي يحبها جميع من يعرفها, بارك الله فيها وفي عائلتها).

التعقيبات التي وردتني عندما نشرت المقال سابقاً..
د عبدالله اسماعيل
الله يطول بعمر الدكتورة (الهام خطاب) تقاعدت قبل كم شهر بعد أن كانت عميدة كلية نينوى.. وتربطني صلة قرابة بزوجها الدكتور (حازم العكيدي).
د محمد النجار
احسنت بوصفك للدكتورة (الهام خطاب).. انها انسانه راقيه واتذكر جيدا ايام اقامتنا في مدينة الطب وكيف كانت ترعانا كأخوة لها.

الصورة لبناية الكلية الملكية للأطباء في كلاسكو)

صفحة من كتابي (فيض الذكريات-يوميات طالب طب)أنيس خاتوناحد الدروس المتميزة في المرحلة الأولى من كلية الطب - جامعة بغداد كا...
24/07/2025

صفحة من كتابي (فيض الذكريات-يوميات طالب طب)

أنيس خاتون
احد الدروس المتميزة في المرحلة الأولى من كلية الطب - جامعة بغداد كان درس (الفيزياء) ، حيث درسنا على يد شابة هندية اسمها (أنيس خاتون) وكانت تدرِّس المادة بروح حلوة وبإخلاص على الرغم من المنغصّات التي واجهناها بها وكانت كثيرة!
إذ أنّ أرضية المدرجات المخصصة لمحاضراتنا -في بناية الكيمياء- كانت من الخشب، وما أن تمضي خمسون دقيقة من وقت المحاضرة (التي يفترض أن تكون ساعة كاملة) حتى نبدأ جميعاً بركل الأرضية الخشبية بأقدامنا بشدّة فتصدر صوتاً كصوت الطبول! وكلما استمرت المحاضرة كلما استمرّ قرعنا للطبول! وبعد دقائق تضطر المسكينة لإنهاء محاضرتها والمغادرة… دون زعل.
(أنيس خاتون) هذه كانت شابة متوسطة الجمال ترتدي الملابس الهندية (الساري) في أثناء الدروس واحياناً كانت تثيرنا رؤية رداءها (الساري) وقد أظهرت من خلاله جزءاً لا بأس به من بطنها السمراء ومن ظهرها! نحن المراهقين الذين لم نكن قد رأينا ظهر امرأة من قبل.. فكيف ببطنها؟
ربطتني معها صداقة من نوع خاص إذ أنّني دعوتها الى بيتنا في شهر رمضان لتناول الإفطار عندما عرفت أنها كانت..مسلمة.. وصائمة. وفعلاً جاءت يرافقها أخوها الذي كان موظفا في دائرة الكهرباء. وبعد بضعة أيام دعتنا هي بدورها إلى بيتها للفطور وتناول الطعام الهندي وذهبنا كعائلة إلى البيت الذي كانت قد استأجرته في منطقة (العلوية) وتناولنا إفطارنا هناك.
استمرت صداقتي مع (أنيس خاتون) وفي أحد الأيّام استشرتها في قضية كانت تؤرّقني!
فبينما كان زملائي تشغلهم الأحلام بالفتيات والحب أمّا أنا فقد اخبرتها عن أحلامي بأن اُغادر العراق في العطلة الصيفية المقبلة وأن أسافر إلى (اوربا) بمغامرة وبطريقة الرحّالة مشياً على الأقدام والتأشير للسيّارات والانتقال مجاناً بطريقة (الأتوستوب)! وكانت متفهمة لحماسي وقد شجعتني وأبدت إعجابها بالفكرة ونصحتني أن أحاول إقناع والديّ بها.
كانت تلك هي الخطوة الأولى لي لتحقيق ما كنتُ أحلم به حتى منذ كنت طالباً في الإعدادية وهو أن اتنقل في بلاد العالم على طريقة الرحالة (الأتوستوب) وهو ما تحقق لي في صيف ذلك العام عينه! عندما وصلت الى ايطاليا وبالتحديد مدينة العشاق لبندقية)!...
اما في طريق عودتي فقدكانت براً الى دمشق التي زرتها لأول مرة ثم إلى بيروت.. وبعدها إلى أربد حيث كان شقيقي الضابط في كتيبة دبابات خالد بعد حرب حزيران ١٩٦٧ والتي تلقب بحرب الأيام الستة.. ثم من اربدّ عدت بالحافلة إلى بغداد…

(تعقيب من الزميل حسان عاكف بعد نشر المقال على الإنترنت)
تحياتي سامي على هذه الاستذكارات الجميلة...
الرفس بأقدامنا او الشحشطة بها على الأرض الخشبية للقاعة قبل عشر دقائق من نهاية المحاضرة كنا نسميه " حق الفيتو".
عزيزي سامي.. كتبت في مقالك عن الزمن الجميل ((مرت الايام سهلة جدا علينا نحن خريجو (كلية بغداد) وكانت صعبة للغاية بل شبه مستحيلة على زملاءنا القادمين من (الاعداديات الاخرى) إذ عليهم تعلم المصطلحات واللغة الطبية الصعبة)) وفي هذا كُنتَ مُحقّاً تماماً على الأقل فيما يتعلق بي أنا الطالب القادم يومها من (الإعدادية المركزية) في بغداد إلى الكلية الطبية كانت قضية التدريس بالإنجليزية وكذلك المصطلحات جديدة تماماً علينا وكانت كالكابوس في الأشهر الأولى!
أكثر ما كان يزعجني هي القراءة في كتاب التشريح وكانت قراءة صفحة واحدة منه تستغرق مني أكثر من أربع ساعات بين قراءة الجُمل وترجمة كلماتها وإعادة ربط الكلمات المترجمة وتخيل مسار الوريد أو العصب الذي تتحدث عنه والعضلات التي يخترقانها أو يمران بينها وهكذا هذا الأمر كان يدفعني إلى ترك القراءة والهروب الى النوم وحينها أصبح نوم القيلولة ملاذي وملجأي وإدماني وعزائي من كابوس القراءة في كتاب التشريح. علماً أنّي قبل ذلك لم أكن من محبي القيلولة إطلاقا!!
(الصورة الأولى لي مع زملائي في قاعة المحاضرات (أنا بالقميص الداكن)..!!
(الصورة في كلية بغداد قبل الدخول إلى كلية الطب مع مدرسي الأمريكي توم هنسي)

صفحة من كتابي  (فيض الذكريات - يوميات طالب طب)أيامنا الأولى في كلية الطب- جامعة بغداد      ما أن بدأ عامنا الدراسي الأول...
22/07/2025

صفحة من كتابي (فيض الذكريات - يوميات طالب طب)

أيامنا الأولى في كلية الطب- جامعة بغداد

ما أن بدأ عامنا الدراسي الأول في أيلول 1967 و وطأت أقدامنا باحات الكلية الطبية، حتى وجدنا أنفسنا في وسط صراع سياسي شديد!
كان الحكم في ذلك الوقت تحت يد (حركة القوميين العرب) وكان رئيس العراق (عبد الرحمن محمد عارف) شخص طيّب القلب جداً وضعيف جداً و لا يمكن بأي حال أن يحكم بلداً تتصارع فيه القوى السياسية بعنف مثل العراق!
في (نادي كلية الطب) وجدتُ أن هناك مجاميع عدّة من الناشطين تحتل زوايا النادي في تقسيم جغرافي ثابت!
عند المدخل وعلى اليمين كان هناك (الرفاق البعثيون) يحاولون بأي ثمن استقطاب أي طالب مستقل جديد. و في نهاية النادي كان (مقر) القوميون العرب (الناصريون)، وفي الزاوية (اليسرى) كان يستقر الرفاق الشيوعيون (أليسوا يساريين؟؟)… ولا أذكر إن كان هناك زاوية يحتلها (الاخوان المسلمون).
كنا نحن الطلبة الجدد المستقلون محط أنظار واستقطاب لكل هذه القوى! وبالتأكيد بإمكانك أن تحصل على (فنجان قهوة) أو (كوب شاي بالحليب) مجاناً من إحدى هذه المجموعات بمجرد الجلوس معهم وسماع أفكارهم. وكان القاسم الأعظم بينهم كلهم هو تأكيدهم الجازم أن العراق مقبل على تغيير سياسي خطير وفي وقت قريب!'
كان الشيوعيون واثقين بقرب استلامهم السلطة من الحاكم الضعيف طيّب القلب (عبد الرحمن عارف) وكان البعثيون يؤكدون أنهم -وحدهم- المرشحون انتزاع السلطة.
أنا من عائلة عربية مسلمة ولدتُ في محلة (الكرخ) القديمة كان اتجاهنا العام هو (إسلامي- قومي- عربي) وهذا ما انشأني عليه أبي وعائلتي. وحتّى بعد سنوات عدة بقيت مؤمناً بالعروبة وإمكانية الوحدة بين الدول العربية. ولكن إعجابي تحّول أثناء الكلية بشدة نحو (اليساريون) ومنهم (الشيوعيون)!، وفي السنوات الأخيرة من دراستي كانت كل علاقات الصداقة التي تربطني مع زملاء أكثرهم من المحسوبين على الميول الشيوعية!. حتّى أنني لبعض الوقت قد اتهمتُ بها! كذلك فقد كنت أيضاً التقي مع البعثيين اليساريين (أو ما كان يطلق عليهم لقب (المنشقّين)) - وهم ليسوا البعثيين الذين حكموا العراق فيما بعد- وإنما هم يدعّون انهم من (جماعة سوريا) وأن أفكارهم (يسارية- ماركسية) أقرب ما تكون إلى الشيوعية!، وهؤلاء أيضاً رافقتهم لمدّة طويلة واجهتُ فيها من التهديد والوعيد من قبل (بعثيي السلطة العراقية) والذين اتهموني بكونى مؤيد للأشخاص المرتبطين بالبعث السوري وأنذروني أن لا ألتقي بهم مستقبلاً!
ولكني كنتُ أعرف أن صداقتي مع إخوان أعزهم واحترمهم لا يمكن أن تؤثر عليها التهديدات! (أحد هؤلاء الذين هددوني بشدة كي لا التقي مع زميلي (البعثي المنشق) كان (رفيق بعثي السلطة) من جيراني في (حي دراغ) وتوعدني بأنني سوف تتم محاسبتي إذا استمرت رفقتي مع ذلك (البعثي المنشق). هذا الشخص… (بعثي السلطة العراقية) وبعد بدء (الحرب العراقية الإيرانية) في 1980 كان موفداً لبضعة أشهر إلى إحدى الدول الأوروبية وهناك قرر عدم الرجوع الى العراق! وطلب اللجوء هناك ثم علمت أنه عاد لمدّة قليلة منذ بضع سنوات لإكمال معاملة استلام رواتبه اعتباراً من 1980 ولعشرات السنين.. لكونه من (ضحايا) النظام السابق!)
بعد بدء الدوام ببضعة أشهر بدأ شقيقي الكبير الضابط في الجيش يلحّ عليَّ أن أتطوع فى (الطبابة العسكرية) أي الدراسة على نفقة وزارة الدفاع. كان مما شجعه على ذلك كونه صديقاً لأحد الأشخاص المؤثرّين في الجيش وهو المرحوم الدكتور(راجي عباس) وكذلك كون والدي قد توقف عن العمل منذ عدة سنوات، فهو يعمل في القطاع الخاص (مقاول بناء) وكانت الأعمال قد توقفت كليّاً والبلد يمر بكساد شديد وأصابت عائلتي أزمة ماليّة شديدة، ونصحني أخي أنّ دراسة الطب (على نفقة الدفاع) سوف تحلُّ مشاكل عائلتنا.. ومشاكلي المالية!.. وكذلك تؤمّن لي الحصول على الدراسات العليا خارج العراق والبعثات والجاه… إلى آخره من المغريات.
وبناءً على إلحاح شقيقي وجدت نفسي أركب وسائط نقل عّدة للوصول إلى (مستشفى الرشيد العسكري) في (شعبة الطب الفيزيائي) واقفاً على باب رئيس الشعبة المرحوم الدكتور (راجي عباس) بعد أن كان شقيقي الكبير قد حصل لي على موعد مسبق معه. وأظن أن رتبته في ذلك الوقت كانت (مقّدم) أو (عقيد) وبعد انتظار و(مشادّة كلاميّة) مع الجندي (المراسل) الواقف على بابه! دخلتُ عليه فأجلسني وأوصلتُ له تحيّات أخي ورغبتي في الحصول على بعض المعلومات الخاصة بالتطوع على نفقة وزارة الدفاع.
أخذ (المرحوم راجي) يحدثني عن مزايا الدراسة على نفقة الجيش، وكم هي مفيدة لمستقبلي وطموحاتي، حيث ٍسوف استلم راتب شهري مجزِ منذ أول شهر في الكلية، واستلام أثمان الكتب والصدريات ومستلزمات الدراسة، وإلى آخره من المغريات وأغراني بوجود الفرص في المستقبل للحصول على شهادة اختصاص من خارج العراق، وأقنعني ان البعثات و الايفادات هي أفضل في الجيش مما في الطب المدني.
أثناء هذا الكلام كان ثمّة رجلاً يرتدي الملابس المدنية حاضراً في المكان نفسه يستمع إلى حديثنا، وفجأة قاطعنا عندما وجّه الحديث لي مباشرة بقوله:
"إبني.. اسمع نصيحتي.. ولا تربط نفسك بهل مربط! انته شلك بالجيش؟ عمّي ليورطك! هذا سجن طول عمرك! خليك بالمدني هوايه أحسن لك!".
ويبدو من كلامه أنه ضابط متقاعد برتبة عالية جدا! بحيث لم يجرؤ (دراجي عباس) على إسكاته! وكأنني كنت انتظر أحداً ليقول لي هذا الكلام… خرجتُ من مكتب (د راجي) ومن مستشفى الرشيد العسكري ومعسكر الرشيد كله…بنيّة اللا عودة!
وطبعاً ثارت ثائرة أخي الكبير عندما أبلغته بقراري بعدم رغبتي بالتطوع! فقد كان قلقاً جداً بخصوص الوضع المالي الذي كان يمرُّ به أبي وتمرُّ به عائلتنا وكان يخشى ألّا تتمكن من تغطية مصاريفي في أثناء الدراسة (هناك تهويل لكلفة ومصاريف الدراسة في كلية الطب مع أنّ الدراسة في العراق مجّانية والكلف كلها هي عبارة عن شراء الكتب وصدريّة وسمّاعة وهي أمور ليست مكلفة) ولكن أخي وجدني أكثر إصراراً وعناداً مما كان يتصور وهكذا تمسكت برغبتي بالبقاء في الطب المدني، وهو قرار لم اندم عليه ابداً.

هذه صورة طلاب الصف السادس الابتدائي في مدرسة الأشتر النخعي الابتدائية في جانب الكرخ .. التقطت عام ١٩٦٢… أنا الطالب المرت...
20/07/2025

هذه صورة طلاب الصف السادس الابتدائي في مدرسة الأشتر النخعي الابتدائية في جانب الكرخ .. التقطت عام ١٩٦٢… أنا الطالب المرتدي للقميص والرباط ونصف جالس.. (الثالث من اليمين)

صيف ١٩٦٧كان صيف ١٩٦٧ صيفاً حاراً جداً. انتهى العام الدراسي في آخر سنة لي في (كلية بغداد) وكان هناك حفل تخرج وشهادات خاصة...
19/07/2025

صيف ١٩٦٧
كان صيف ١٩٦٧ صيفاً حاراً جداً. انتهى العام الدراسي في آخر سنة لي في (كلية بغداد) وكان هناك حفل تخرج وشهادات خاصة بـ (كلية بغداد) بمعزل عن الامتحانات الوزارية (البكالوريا) الحكومية.. ولكن حصل أمر جديد وخطير.
فما أن باشرنا بالامتحانات العامة النهائية حتى اندلعت حرب الأيام الستة حرب الخامس من حزيران كانت فترة عصيبة والحرب بين مصر تساندها بعض الدول العربية من جهة وإسرائيل من جهة أخرى قد أشعلت الدنيا حولنا الإذاعات والتلفزيون تبث ليلاً و نهاراً أناشيد حماسيّة حربية والعراق أرسل طائراته وقواته البرية للذهاب إلى جبهتي الأردن وسوريا وفي جو مشحون بالحماسة وهيجان المشاعر والخوف والترقب وأنباء متضاربة عن سقوط القدس والضفة الغربية برمتها وجزء من الأردن وجميع سيناء وقناة السويس في يد إسرائيل! هزيمة مريرة حطمت نفسياتنا الشابة.
في ذلك الجو المتوتر كان علينا أن نؤدي امتحانات الصف الخامس اعدادي وهي السنة المنتهية من الإعدادية الغي الامتحان في الكثير من المراكز الامتحانية في بغداد والمحافظات الأُخرى بعد أن هاج الطلاب ومزّقوا دفاتر امتحاناتهم بسبب غضبهم على هزيمة العرب أمام إسرائيل!! وعلى الرغم من أنّ البعض قد فعل ذلك بسبب الروح الوطنية التي يتمتع بها إلّا أنّ الكثير منهم فعلها بسبب الــروح التخريبية الـ متأصلة فــي شعبنا العراقيً!
أمّا بالنسبة لنا طلبة (كلية بغداد) فقد أدّينا امتحاناتنا كما كان مقرراً لنا كنتُ أركب حافلتين يومياً للوصول الى قرب المقبرة الملكية في الاعظمية حيث تقع (دار المعلمين العالية) وفيها كان المركز الامتحان الذي خصص لطلبة (كلية بغداد) ومرّت الامتحانات بالنسبة لنا من دون حادث يُذكر.

الحكومة أعلنت من جانبها أنها سوف تعيد الامتحانات في الدور الثاني لطلبة الثانويات الذين مزقوا دفاترهم! وأنهم لن تتم معاقبتهم أو التأثير على درجاتهم وقد أصابنا بعض القلق والخوف من حصولهم على بعض المساعدة في أثناء تصحيح الدفاتر الامتحانية على أساس أنهم أكثر وطنية منا! نحن طلبة (كلية بغداد الأمريكية!) على كل حال في النهاية ظهرت النتائج وكانت العادة أن تعلن جميع أسماء الناجحين في الجريدة الرسمية وحصدت (كلية بغداد) كدأبها في السنوات السابقة وكما كان متوقعاً أعلى المعدلات في العراق وعندما تم قبولي في كلية الطب كان تسلسلي عالياً جداً على العراق.. وهو أمر رائع لما كانت تمر به عائلتنا وما كان يمر به البلد كله من مشاعر جياشة في ما يخص الحرب على جبهات مصر وفلسطين وسورياالقبول في كلية الطب

في بداية الشهر التاسع من عام ١٩٦٧ ذهبت الى باب المعظم حيث تقع كلية الطب-جامعة بغداد لإجراء المقابلة وهو أمر روتيني كان هناك الدكتور (سعدون خليفة) رئيس فرع الصحة العامة والمرحوم (تحسين معلّة) والذي كان صديقاً قديماً لشقيقي الأكبر وكنتُ قد زرته فور ظهور اسمي على قائمة المقبولين في كلية الطب كانت الزيارة مع شقيقي الذي كان ضابطاً في الجيش وكان الأثنان صديقين منذ مدة طويلة.. ولم يكن هناك أي داع لزيارتي لـ(تحسين معلّة) قبولي في كلية الطب هو تحصيل حاصل ولم تكن المقابلة ستغير منه شيئا!...
المقابلة كانت أمر روتيني أقرب إلى أن يكون سخيفاً!.. السؤال الممل لكل من يدخل الغرفة حيث جلست اللجنة المكونة من ثلاثة من أساتذة الكلية:
"ما سبب دخولك كلية الطب؟"
الجواب الأزلي والأبدي كان كالأسطوانة المشروخة:
"لأن الطب مهنة نبيلة وإنسانية.. وأنا أحبها"!
لا أحد أبداً يعترف ويقول الحقيقة! وهي أنّ والديه أجبراه على دخولها! أو أن أمه قد هددته بالانتحار اذا لم يقدم لكلية الطب!.. أو انه قد اصابه الطمع عندما سمع وعرف أنها مهنة تدّر المال! أو أن التعيين وفرص العمل مضمونه بعد التخرج! واللجنة نفسها -فيما يبدو- لا تعرف سبب وجودها وما هي صلاحياتها!
(فيما بعد -في عام ١٩٨٩ - وبعد مرور اثنتين وعشرين سنة على تلك المقابلة كُنتُ أنا نفسي وبالصدفة عضواً في لجنة مقابلة الطلاب المتقدمين إلى كلية الطب! كان ذلك بعد تعييني كتدريسي في كلية الطب ببضع شهور, بعد أن تم نقل خدماتي من وزارة الصحة إلى التعليم العالي. كنت قد جلستُ مع زميلين آخرين في إحدى الغرف من بناية العلوم الأساسية التي كانت تحوي لجان مقابلة عديدة! إلأ إنّ السؤال هذه المرة كان يأتي من زميلّي -وكان أشد سخفاً مما كان عليه قبل اثنين وعشرين عاماً! - كان السؤال الدائم والأزلي هو:
"هل أنت عضو في حزب البعث العربي الاشتراكي؟"
وفي هذه المرة كان الجواب المؤكد المتوقع من جميع المتقدمين هو: "نعم!"
وهنا يسأله الزميل الآخر: “ما هي درجتك الحزبية؟"
وترى الطالب المسكين يتلعثم وهو يجيب:" أ.. أ.. أ.. مؤيد'!
(المسكين يتصور أنه إذا أجاب بالنفي فقد يؤثر ذلك على قبوله)!
وبما أنّني أنا نفسي لم أكن عضواً في حزب البعث! فيبدو أنّ المعنيين في الكلّية قد اكتشفوا خطأهم وأنّني لستُ الرجل المناسب لتلك المهمة! فقد كانت تلك -المرة الأولى والأخيرة- التي كلِّفتُ بمثل هذه المهمة!
وعودةً الصيف ( ١٩٦٧ ) كان مجيئي للمقابلة فرصة أيضاً للتعرف على الطلاب الجدد المقبولين معي وكان هناك أكثر من مئتي طالبٍ ذكراً وحوالي ستاً وعشرين فتاة!
(حسبما فهمنا فيما بعد أنً الدولة قد أصدرت تعليماتها على خفض نسبة قبول الفتيات إلى أقل عدد ممكن وذلك برفع سقف المعدل للبنات.. لأن الكثير منهن يتخرجن ثم يبقين في البيت بعد الزواج مما يعني خسارة البلد الأموال التي تصرفها الدولة في تدريبهنَ).
كنتُ قد جئت الكلية ولا تزال ترن في أذني الوصايا الثلاثة التي أوصتني بها إحدى قريباتي اللاتي احترم رأيهن كثيراً:
"لا تدخل في علاقة جادة مع أي فتاة"!
"تمتع بشبابك ولا ترتبط بأي بنت طيلة مدّة دراستك في الطبية"!
"عش حياتك! ثم بإمكانك اختيار شريكة حياتك.. بعد التخرج فقط"!
كنت في غيبوبة التفكير بالوصايا الثلاثة.. عندما اقتربت مني احدى الفتيات المقبولات في دورتي وسألتني:
"هل تعرف متى ستبدأ الدراسة؟"
"هل عندك علم متى ستبدأ المحاضرات؟"
و لا يمكنني أن أنسى تلك اللحظة ما حييت! فكأن تياراً كهربائياً من (ألف فولت) قد صعقني! صُعقتُ تماما بطولها وحسنها! كانت غاية في الجمال طويلة نحيفة ذات عيون واسعة كحيلة أنيقة جداً في مظهرها… بأختصار تتفوق على أي حسناء من حسناوات أفلام هوليود! وعُدت الى البيت كـ (الزومبي) لا أنظر ولا أتكلم وأنا مذهول من جمال تلك الفتاة و التي ستكون زميلتي للسنوات الست المقبلة...!
وعلى الرغم من أنّ عدد الفتيات في دورتنا كان قليلا جدا.. (٢٦) فقط!.. إلا أنّ دورتنا اشتهرت بكونها تحوي أجمل الفتيات! مما جعلها إحدى الدورات المفضلة في الكلية! الجميع من زملائنا في الدورات الأخرى يعاملوننا باحترام وتودّد ونفاق! لم لا؟ ونحن.. زملاء.. حسناوات الكلية؟
ابتدأ الدوام بعد المقابلة ببضعة أيام وجدنا نحن القادمون من (كلية بغداد) أن جميع المحاضرات كانت عبارة عن نزهة مريحة أو مجرد لعبة أطفال! فهي إعادة لما درسناه باللغة الإنجليزية في (كلية بغداد) من كيمياء وفيزياء واحياء! دروس سهلة للغاية ولا تحتاج أيّ تعب منا بل هي فترة يمكننا اللعب فيها… والراحة!

(في ساحة كلية طب بغداد .. أنا الطويل فيهم!)

عودة إلى ١٤ تموز ١٩٥٨صباح ذلك اليوم المشهود من تأريخ العراق الذي ينظر له الكثيرون على أنّه كان (بداية النهاية) أو (نهاية...
18/07/2025

عودة إلى ١٤ تموز ١٩٥٨
صباح ذلك اليوم المشهود من تأريخ العراق الذي ينظر له الكثيرون على أنّه كان (بداية النهاية) أو (نهاية البداية) للدولة العراقية الحديثة! وبداية عصر النكبات والدكتاتورية للعراق!.. كان عمري ثماني سنوات إلّا أربعة أشهر كنا نسكن في المنطقة الواقعة بين (العطيفية) و(الجعيفر) في منطقة (الكرخ) قرب ما أصبح الآن (مديرية تربية الكرخ) كنتُ آنذاك قد أكملتُ الصف الثاني الابتدائي وانتقلتُ إلى الثالث وأثناء العطلة الصيفية عائلتي -ربما - كانت الوحيدة في (الدربونة) التي تملك جهاز (تلفزيون اسود وأبيض) (فيليبس) فتوافد الجميع من رجال المنطقة ونسائها الى بيتنا لرؤية ومتابعة (الانقلابيين) على التليفزيون.
أجلسنا النساء في الباحة الداخلية (الهول) من بيتنا وجعلنا الرجال في الباحة الخارجية (الطارمة) حيث نصبنا جهاز التليفزيون ، وكانت النسوة يتابعنَ التلفاز من خلال الشباك الكبير المفتوح (للهول). كان الناس في حالة فرح مع ذعر في آنٍ واحد ولا أحد يتنبأ بالذي سيحدث.
ولأيّام عدة كان الناس يتوافدون الى بيتنا لمتابعة التليفزيون ورؤية (الرؤساء الجدد ) - وجميعهم من العسكريين- الذين أخذوا يطلقون الشعارات الرنّانة التي كان الشعب متعطشاً لسماعها (الحرية، المساواة، القضاء على الفساد، القضاء على المحسوبية و المنسوبية، القضاء على الإقطاع).
أذكر بعد ذلك بيومين رؤيتي لمجموعة كبيرة من الأطفال يقودهم شاب في العشرينيات وهو يرفع عالياً كفاً بشرياً مغروساً على رأس خنجر–علمتُ أنّه كفّ الوصي على العرش (عبد الإله) وكانوا ينادون بأنواع الهتافات الحماسية كان منظر الكف البشري المغروس فوق الخنجر منظراً لن أنساه ما حييت! كفّ (عبدالاله) الشخص الذي كنتُ أمقته بشّدة وكنا نشتمه يومياً في بيتنا! على الرغم من أنني كنتُ طفلاً ولم أكن أعرف عنه أي شيء عدا أن لقبه هو (الوصي)!.
بقي بيتنا يعج بالناس أيام عدّة من الانقلاب وكنا من القلائل الذين نمتلك جهاز (تليفون) فكانت النسوة والرجال يفدون علينا وهم يحملون بأيديهم أرقام هواتف أقربائهم وذويهم، كان وقتاً عصيباً يرغب الناس فيه بالاطمئنان على أهاليهم ممن هم من خارج بغداد وعلى طمأنة أهلهم وأقاربهم على أحوالهم في بغداد!.
كان بابنا يطرق نهاراً وليلاً (بلا زحمة نريد نخابر!) وكان والدي بحكم تربيتنا البغدادية المحافظة قد أخرج جهاز الهاتف (التليفون) من داخل البيت ونصب له قاعدة خشبية صغيرة في الباحة الخارجية للبيت بحيث يمكن للرجال أو النساء من الجيران المجيء واستعمال (التليفون) والتحدث براحتهم من دون مضايقة منا لهم أو التنصت على مكالماتهم أما التلفزيون الذي كنا نمتلكه فقد جعل من بيتنا قاعة العرض المستمرة لكل أهالي المحلة من جيراننا الذين كانوا يتشوقون لمعرفة أخبار الانقلاب ورجالاته ووعود العهد الجديد الذي بدأ العراق به تواً!. كان هناك العقيد (عبدالسلام محمد عارف) و(الزعيم عبدالكريم قاسم) وبعد بضعة شهور فقط دبّ الخلاف بينهما إذ كل منهما كان يريد أن يستأثر بالحكم وينسب لنفسه الفضل والبطولة في نجاح الانقلاب وكانت بداية أهوالٍ ومآسٍ مرّ بها العراق على مدى سنواتٍ عدّة… وبقينا نعاني من آثارها لحد الآن!.

صفحة من كتابي (فيض الذكريات يوميات طالب طب)انا .. و(انور عبدالسلام)     (صيف ١٩٧٢)        في المرحلة السادسة (الاستاجيري...
17/07/2025

صفحة من كتابي (فيض الذكريات يوميات طالب طب)

انا .. و(انور عبدالسلام)
(صيف ١٩٧٢)
في المرحلة السادسة (الاستاجيرية) وهي السنة النهائية من كلية الطب,لم تكن ردهة النسائية والتوليد كافية لتدريبنا بشكل وافٍ على كيفية التعامل الصحيح مع المرضى الراقدين في هذه الردهه و بدقة عالية. ,لذا فقد كان هناك جدول للتدريب لمدة اسبوعين او اكثر في مستشفى (الكرخ للولادة) و مستشفى (العلوية) للولادة المقابل لمستشفى (الطوارئ) في الرصافة.
كان علينا أن نتواجد في صالة الولادة في مستشفى الكرخ للولادة طوال الليل. زميلاتنا من دورتنا كن يذهبن للنوم وكنت أنا وزميلي في النضال (انور عبدالسلام) نبقى مستيقظين طوال الليل,وعندما تصل إحدى الراقدات في المستشفى في صالة الولادة الى مرحلة وضع مولودها بولادة طبيعية مجهدة, كنت انا و (أنور) فقط حولها, إذ ان الممرضة الخفر (السستر) المسؤولة عن التوليد كانت غالباً ما تكون مجهدة من عملها في المستشفى فضلاً عن العمل في المستشفيات الخاصة ايضاً!.. فوجودنا في صالة الولادة كان هبة من السماء بالنسبة لها ولسان حالها يقول:
" اذهبا أنتما و ربكما فقاتلا...(انت.. يا انور ويا سامي)"
امّا انا و(انور) فلم يكن عندنا مانع البتة من تركنا لوحدنا. كنت أساعد في توليد الطفل و(انور) يقوم بتنظيفه ولفه بالقماش وتسليمه إلى أمه بعدها!.وفي مرة من المرات قام بتسمية الطفل ايضاً,فعند انقطاع التيار الكهربائي في صالة الولادة في مستشفى (الكرخ) قمنا بتوليد النساء على ضوء الشموع, وقام (أنور) بتسمية الطفل (ضياء) بمناسبة حلول الظلام الدامس الذي كنا فيه قبل حصولنا على الشمعة اليتيمة التي أجرينا التوليد على ضياءها! كان ذلك بعد أن اعترضت انا وأعلنت الفيتو على زميلي لتسمية الطفل على اسمه هو (انور) لأن هذا سيكون تحيزاً صارخاً الى اسمه هَو!
في النهار كانت الفتيات من مجموعتنا معنا, وكنا أنا و (انور) مسؤولين أيضا عن (الارزاق). شراء وجبة الغداء والذي غالباً عبارة عن وجبة شهية من الكباب العراقي من لحم الغنم المفروم يدوياً بالساطور, ونجلب معه رقيّة (بطيخة) كبيرة. وكان الغداء والعشاء في ذلك المستشفى من الأمور الممتعة لنا فقد كانت احتفالية بحد ذاتها.
بعد أن اكملنا التدريب على النسائية والتوليد في مستشفى الكرخ, انتقلنا الى مستشفى الولادة في (العلوية). في هذا المستشفى كانت معظم المريضات من (مدينة الثورة),حيث كان مستشفى (العلوية) اقرب مستشفى إلى (مدينة الثورة).
في ايام الخميس كانت تصل الى المستشفى حالات عدة من المتزوجات في ليلة عرسهن, يجلبن من قبل ذويهن مباشرةً في (ليلة الدخلة), كن لازلن في زينة وعطر حفل الزفاف,كن مصابات بنزف شديد وتمزق حاد في جدار المهبل نتيجة العلاقة الزوجية العنيفة, حيث العريس يريد ان يثبت (رجولته) بأي ثمن وبأسرع وقت!, يغتصب عروسه اغتصاباً, وكان هناك من يقف خارج غرفة العرس ينتظر(البشارة), ثم ينتهي الأمر بسيارة إسعاف تجلب العروس الى مستشفانا لخياطة التمزقات الشديدة وايقاف النزف. في معظم الحالات كنا نسأل ماذا يشتغل عريسك؟ تقول:جندي.. او.. سائق, أما أسوأ أنواع التمزقات فكانت عندما سألنا العروس عن مهنة عريسها فأجابت: "سائق في الجيش"!
كنا في فصل الصيف, والجو حار والطبيبات (المقيمات) في مستشفى (العلوية) ينمن على اسّرة فوق سطح المستشفى كعادة كل اهالي بغداد, حيث برودة الجو في الليل وتحت ضوء القمر والنجوم. كنا أنا و(انور عبدالسلام) الوحيدين من الذكور في ذلك المستشفى,على الاقل بعد الدوام.
ونفس ما حصل في مستشفى (الكرخ) حصل لنا هنا ايضا!.كلفونا بأن نبقى الليل كله (خفراء) لتوليد النسوة,وكانت الممرضة المسؤولة تترك كل العمل علينا وتذهب لتغّط في نوم عميق, أما أنا و(انور) فنجد متعة في القيام بالمساهمة في مجئ نفس بشرية صغيرة جديدة إلى الدنيا, أنا أساعد في التوليد واضرب المولود على قفاه كي يبكي, و(انور) يتولى مسح المادة اللزجة التي تحيط بالمولود وتنظيفه, ثم لفه في خرقة القماش الابيض وتسليمه الى ذويه, وأحياناً المساعدة وإبداء الرأي في إيجاد اسم له!
كانت هناك الكثير من المتدربات صغيرات السن جئن للتدريب بعد مرحلة المتوسطة مباشرةًليصبحن (قابلات مأذونات), او ممرضات في المستقبل.احدى الممرضات المتدربات صغيرات السن ربما كان عمرها لا يزيد عن الستة عشر عاما عَلقت في مصعد المستشفى, وتوقف وأبوابه مغلقة في منتصف المسافة بين الطابقين وانقطع التيار الكهربائي عنه!. انهارت الفتاة وأخذت تصرخ بشكل هستيري وهي في داخل المصعد المعطل, حاولنا انا و(انور) ان نفتح باب المصعد دون فائدة فقد كان أقوى منا, وطرأت لنا فكرة جديدة.ركضنا إلى سطح المستشفى حيث يقع البرج الرئيسي والمحرك الخاص بالمصعد, و اخذنا ندّور البكرات الخاصة بالمصعد بأيدينا وبقينا ندور بها وفجاءة حصل على مايبدو تماساً مغناطيسياً أو كهربائياً وانفتحت الباب وخرجت الفتاة!.ولعدة أيام بقيت الفتاة تعتبرنا أبطالها (فرسان احلامها؟) حيث كنا نجلس معها الساعات ليلاً نتسامر سمراً بريئاً. ربما (وقعت بحبنا) نحن الاثنان!, وربما احببناها! ولكنه شعور جميل اننا كنا (ابطالاً) في وقتها وانقذنا فتاة كانت في مأزق!. ولحد الان وبعد مرور مايقارب الخمسين عاماً لا زال قلبي غير مطمأن إن (انور) لم يخرج مع الفتاة سراً دون علمي!! فقد كانت له طرقه الخبيثة واحاييله مع الفتيات!!, والتي لم اكن استطع ان اجاريها.
بعد النشر وصلني التعقيب التالي من زميلي (محمد جنيد صلاح الدين)

ذكرتني اخي الفاضل ايام كنت مقيما في النسائية والتوليد في مستشفى اليرموك مع زميلي العزيز (ثامر السعيدي). نتناوب الخفارات. كانت التعليمات حينئذ ان نعمل midlateral episiotomy لكل primigravida . وكانت الممرضة تستدعينا لاجرائها وكذلك نستدعى في الولادات الصعبة. وبعد كل ولادة كنا نسال الام بماذا تسمينه اذا كان المولود ذكرا؟ وليس من الغريب ان تقول: سميه انت دكتور! ايام خفارتي كنت اسميه محمد. وايام خفارة زميلي يسمى ب ثامر!
ودمتم في حفظ الله

(صورة مجموعة السادس انا أحمل كوب الشاي وانور الثالث الى يساري)

Address

Baghdad

Opening Hours

Monday 09:00 - 17:00
Tuesday 09:00 - 17:00
Wednesday 09:00 - 17:00
Thursday 09:00 - 17:00
Saturday 09:00 - 17:00
Sunday 09:00 - 17:00

Telephone

+9647715191473

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when الاستاذ الدكتور سامي سلمان posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Contact The Practice

Send a message to الاستاذ الدكتور سامي سلمان:

Share