الاستاذ الدكتور سامي سلمان

الاستاذ الدكتور سامي سلمان العيادة التخصصية لتشخيص وعلاج امراض المفاصل والفقرات الحارثية شارع الكندي مجاور صيدلية أهل الدواء. للحجز الاتصال بالسكرتير 7715191473

صفحة من كتابي (اوتوستوب) المتوفر في (مكتبة المسلة - ش المتنبي)+964 771 055 2939 و(مكتبة أطراس- ش التانكي- داوودي)..+964 ...
18/09/2025

صفحة من كتابي (اوتوستوب) المتوفر في (مكتبة المسلة - ش المتنبي)
+964 771 055 2939
و(مكتبة أطراس- ش التانكي- داوودي)..
+964 770 476 8313

(أتممت السنة الثانية من كلية الطب- جامعة بغداد.. وعند بدء العطلة الصيفية، غادرت العراق بمغامرة فريدة حيث حملت (حقيبة ظهر) تحتوي على (خيمة) و(كيس نوم).. وانطلقت في رحلة في أوروبا .. يرافقني شاب من المكسيك في نفس عمري اسمه (خوزيه)).

الثلاثاء ١٢ آب ١٩٦٩

قررنا انا و(خوزيه) ان نفترق في اليومين القادمين … إِذ انا على موعد مع صديق طفولتي (عماد) ‥ حَيثُ كنت قد اتفقت معه حَتى قبل ان اغادر العراق … ان امر بالمدينة التي يسكنها (اشفنبورغ) وكان قد أعطاني رقم (هاتف أرضي) للاتصال به عند وصولي‥
أما (خوزيه) فقد كانت عنده خطط أخرى!‥ اخبرني ان هناك خدمة في (امريكان اكسبريس) المنتشرة في جميع مدن أوروبا … حَيثُ بإمكانه ترك رسالة لي تحدد لي أين هو.. وأين سنلتقي‥ واتفقت معه انني سأفترق عنه مؤقتاً للقاء صديقي … ثُمَّ وبعد لقائي بصديقي سوف اذهب إلى (فرانكفورت) حَيثُ سأبقى فيها يومان أو ثلاثة في (دار الشباب) وهناك سيكون حتماً.. مكان لقاءنا! …
ابتدأت بالتأشير للسيارات من أطراف المدينة … وبعد تأخر وبعض العراقيل وجدت المساء قد حلّ عندما وصلت إلى المدينة التي يسكنها (عماد) … طلبت من الرجل الكريم الذي اوصلني بسيارته ان ينزلني في محطة القطار الرئيسية‥ لايمكن ان انسى اللهفة الواضحة من صوت (عماد) عندما عرف أنني أنا المتكلم على الهاتف!‥ وانني قد وصلت مدينته … وبعد دقائق كان لقائنا … لقاء احبة افترقا منذُ عام في بغداد‥ وهاهما يلتقيان.. في المانيا!
الخميس ١٤ آب ١٩٦٩
غادرنا أنا و صديق الصبا (عماد) شقته في الصباح‥ تمشينا إلى خارج المدينة الصغيرة‥ انا أحمل حقيبة الظهرالثقيلة‥ وهو بمتاع خفيف‥ ثُمَّ وقفنا على محل خارج المدينة مناسب للتأشير للسيارات … تأخرنا كثيراً‥ ولم تتوقف لنا اي سيارة!..
وجدنا غابة من اشجار للتفاح البري قريبة منا اخذنا نقطف منها ونأكل! … كانت لذيذة.. ثُمَّ توقف لنا شاب حملنا بسيارته إلى (فرانكفورت) اهم مدن المانيا والعاصمة المالية والتجارية لها‥ فيها مقر المصرف الوطني الألماني (دويتشه بانك)‥
طلبنا من الشاب ان ينزلنا في محطة القطار الرئيسية‥ حَيثُ تناولنا طعام الغداء … ثُمَّ تمشينا إلى مكتب (امريكان اكسبريس) في المحطة, بحثت عن رسالة تصلني من (خوزيه) ‥ لم يصل شئ‥ عدنا ثانية إلى محطة القطار حَيثُ تسكعنا ونحن نفكر فيما سنفعله من خطط …
كان المساء قد حل عندما وجدنا انفسنا امام المبنى الضخم ل(دار الشباب) في (فرانكفورت) ‥ لكن (إدارة الدار) رفضت ايوائنا إلّا إذا أصدرنا الهوية الرسمية ل( دور الشباب العالمية) ‥ وليس (هوية الطلبة العالمية) التي نحملها!..
وافقنا على الفور واعطيتهم صورتي حَيثُ أصدروا لي الهوية بمبلغ (عشرة ماركات) … أما (عماد) فلم يكن يحمل معه صورة.. وبالتالي خرجنا نفتش عن محل تصوير! … بعد أن صورّنا (عماد).. وتسكعنا.. وضيعنا الوقت! وصلنا (دار الشباب) في وقت قارب العاشرة ليلاً وهو الوقت الذي يغلق الدار أبوابه ولا يسمح بدخول أي شخص بعد هذا الوقت! … رفضوا إصدار هوية لعماد بسبب تأخرنا!‥ وبالتالي سمحوا لي بالبقاء للمبيت.. لكنهم طلبوا من (عماد) مغادرة المكان كي يقفلوا الباب الرئيسي!‥
في هذه الاثناء وفي الدقيقة الأخيرة.. وصل صديقي المكسيكي الحبيب.. (خوزيه)!.. كان لقائنا حميماً.. اخبرته بمشكلة صديقي (عماد)، وكيف انهم لم يسمحوا له بالرقود الليلة‥
ووجد (خوزيه) له حلاً وعلى الفور!‥ (خوزيه) يجب ان يلقب ب (حلال المشاكل)!.. فقد دخل معه الشاب الذي اوصله بسيارته كي يبيت الليلة - هو الآخر- في دار الشباب‥ كان الشاب في طريقه إلى (هولندا) وقد ركن سيارته على الرصيف المجاور للدار.. وافق الشاب على الفور أن يبيت (عماد) في داخل سيارته هذه الليلة‥ وقام بتسليم مفاتيح سيارته من خلال فتحات السياج الخارجي للدار!.. وهكذا كان ذلك حلاً يسعد الجميع‥!! فإن يبيت صديقي (عماد) داخل السيارة وعلى مقعدها الدافئ والمريح خير له من أن يبيت على مصطبة في حديقة عامة.. في هذا الجو البارد!!

صفحة من كتابي (اوتوستوب) المتوفر حالياً في مكتبة المسلة ومكتبة أطراس..(عندما أتممت السنة الثانية من كلية الطب- جامعة بغد...
13/09/2025

صفحة من كتابي (اوتوستوب) المتوفر حالياً في مكتبة المسلة ومكتبة أطراس..

(عندما أتممت السنة الثانية من كلية الطب- جامعة بغداد.. وعند بدء العطلة الصيفية،غادرت العراق بمغامرة فريدة حيث حملت (حقيبة ظهر) تحتوي على خيمة وكيس نوم.. وانطلقت في رحلة في أوروبا .. بعد مغادرة (تركيا) صار يرافقني شاب من المكسيك في نفس عمري اسمه (خوزيه)).

تشيكوسلوفاكيا
صيف براغ
الثلاثاء ٥/ ٨ / ١٩٦٩
استيقظت وصديقي (خوزيه) في الصباح من داخل خيمتنا الصغيرة في المخيم السياحي في (فيينا) في النمسا …
بعد تناولنا الفطور جلست ارتق الفتوق الكبيرة في بنطلوني, بعد أن استعرت إبرة وخيطاً من عائلة المانية في الخيمة المجاورة … بينما ذهب رفيق سفري (خوزيه) لكتابة رسائل إلى أهله طالباُ منهم إرسال المزيد من المال.. فقد أوشك على الإفلاس الحقيقي …
تعرفت برجل متزوج وله أطفال ثلاثة ينزل في الخيمة المقابلة لنا‥ اسمه (هارولد) وهو (صيدلي -بريطاني) من أحد ضواحي مقاطعة (ويلز)‥ بدأ حديثنا عن الاشتراكية …
سأل : لماذا تريدون الاشتراكية؟
أجبته : لتوفير العدالة وضمان حقوق العامل والمواطن.. وحمايته من الاستغلال !
قال هارولد : ماذا إذا كانت هذه الأمور متوفرة في دولة رأسمالية مثل (بريطانيا)؟ إن النظام عندنا يكفل حماية الشخص ضد البطالة, حَيثُ لا يحق لأي مؤسسة الاستغناء عن أي عامل فيها إلّا بعد تعويضه بمبلغ يعينه وعائلته على الحياة، كما إنّ النقابة تدفع له اجوراً ما دام عاطلاً عن العمل, ويتولى مكتب الاستخدام مهمة إيجاد عمل مناسب له، وطالما كان عاطلاً عن العمل فهو يستلم رواتب تعينه على العيش‥ كما إنّ العلاج الطبي والرعاية الاجتماعية مكفولة له، وإن معظم مؤسسات الدولة المهمة ومصالحها الحيوية مؤممة كلياً من قبل الدولة‥ فعلام الاشتراكية؟ وأي شئ تقدمه الاشتراكية لشعوبها خير مما نقدمه نحن؟!
تلعثمت عندما حاولت اقناعه ببعض الأمور … والتي لم اكن افهمها انا أيضاً! ثُمَّ لم اجد بداً من الهرب!!
ودعناه وحملت حقيبتي وخيمتي وسرت مع (خوزيه) إلى خارج المخيم‥
اوصلتنا فتاة أمريكية بسيارتها إلى خارج المدينة‥ ومن هناك ركبنا (ترام) إلى نهاية الخط‥ وبعدها بدأنا بالتأشير للسيارات‥ (الاوتوستوب)! ‥ كانت حالة (خوزيه) الصحية سيئة جداً.. ولا يزال يعاني من الزكام الشديد وبعض الحمى!‥
ركبنا عدة سيارات‥ أحدها كانت ل(قس بروتستانتي) دعانا -بكرم وسخاء- للغداء.. بعد أن أوصلنا بسيارته من نوع (اوبل)‥ ثُمَّ في حوالي الثامنة والنصف مساءً وصلنا الحدود النمساوية التشيكوسلوفاكية…
في دقائق تمت إجراءات ختم المغادرة للنمسا… وصلت مع صديقي في السفر‥ المكسيكي (خوزيه) إلى الحدود التشيكية‥ ومنطقة الحدود مع النمسا هي فريدة من نوعها! لأنهما بلدتان متجاورتان تماماً … بل هي بلدة واحدة شطرت نصفين‥ نمساوي وتشيكي!‥
دخلنا دار الجوازات التشيكي‥ كان جميع الموظفين منهمكين بمتابعة برنامج مسابقات شيق يبدو انه مثل (من سيربح المليون) على التلفاز! … تأخرنا كثيراً في مكتب الجوازات‥ وعندما وجه لنا الضابط السؤال عن المبلغ الذي نود تصريفه من البنك الخاص بالمركز الحدودي؟ ‥ أجبناه: 21 دولاراً لكل منا‥ بعد استلام إيصال بالتصريف, قام الضابط بشطب التأشيرة الشهر و منحنا تأشيرة لسبعة أيام فقط‥ إِذ يسمحون بثلاثة دولارات (تصريف رسمي) عن اليوم الواحد‥
غادرنا مكتب الجوازات في التاسعة والنصف ليلاً … تمشينا في المدينة الحدودية والتي اسمها (تشكوفالانس) وهي مدينة صغيرة جداً … كنا جائعين كثيراً‥ كما إنّ حالة الزكام عند صاحبي (خوزيه) كانت قد تطورت إلى حمى عالية.. وشبه هذيان‥ وكان البرد شديداً جداً …
قلت لـ (خوزيه): " اننا وحالتك الصحية هذه.. وهذا البرد الشديد, لن نتمكن من أن نخيم الليلة.. ونبيت في الخيمة‥ لأن ذلك سيزيد في مرضك … يجب أن نبحث عن فندق دافيء ننام فيه الليلة !"
كانت هناك مجموعة من الشباب المراهقين الذين في عمر الخامسة عشر‥ يرتدون بنطلونات أمريكية (جينز).. كانوا يعزفون (الجيتار) ويغنون وهم متحلقون حول نار موقدة, ومعهم فتاتان رائعتا الجمال‥
بعد أن انتبهوا لوجودنا بشكلينا الغريبين أنا و(خوزيه)‥ سألناهم أن يرشدونا إلى فندق … اقتادونا إلى الفندق الوحيد في تلك المدينة الحدودية‥ وهم يتبارون طوال الطريق في الصياح بصوت عال ب(اللغة التشيكية).. بشتائم!! كانوا يشتمون الرئيسين الروسيين (بريجينيف وكوسيجين) … يمررون أيديهم على حناجرهم.. ويصيحون: "بريجينيف كابوت … كوسيجين كابوت" ‥ فهمت أن (كابوت) تعني (الموت)‥ سنقتلهم‥ ثُمَّ يصيحون ما فهمنا انه: " تسقط روسيا … وتحيا أمريكا!! ‥ يعيش دوبتشيك "!‥
(دوبتشيك) نفسه كان شيوعياً‥ كان رئيس وزراء تشيكوسلوفاكيا المنتخب‥ إلّا أنه حاول العام السابق (صيف 1968) التمرد على الاتحاد السوفياتي والخروج رسمياً من فلكه‥ فما كان من الدبابات الروسية إلّا أن تسحق الجماهير المحتفلة بالحرية في شوارع (براغ)، الجماهير التي كانت تعبر عن ابتهاجهم وفرحتهم بالخروج عن الهيمنة الروسية …
سحقت الجماهير بمنتهى الوحشية‥ و بألوف من الدبابات التي دخلت ساحة التظاهرات في (براغ)‥ حَتى تم القضاء على تمرد (دوبتشيك) واعيدت تشيكوسلوفاكيا إلى حظيرة روسيا ليس بالإقناع وإنما بالحديد والدم!
ولغاية وصولنا إلى الفندق كان المراهقون يكيلون الشتائم للرؤساء الروس. وبالصدفة فإن يوم الغد يصادف (الذكرى السنوية) لدخول القوات الروسية مدينة براغ!‥
كان الفندق يبدو انيقاً‥ دخلنا بوابته الجذابة وكان الطابق السفلي الذي دخلناه (مطعم كبير و بار) يغص بالمواطنين التشيك من أهالي المدينة … جلسنا إلى إحدى الموائد‥ ألقينا بحقائب الظهر الثقيلة على الأرض‥ وكان ذلك المشهد مثيراً للفضول واهتمام كل الجالسين الذين التفتوا وهم ينظرون إلينا باستغراب ودهشة‥ (كنت لم أحلق لحيتي منذُ تركنا يوغسلافيا قبل حوالي شهر‥ إِذ عقدت النية على أن أطلق لحيتي .. وشاربي!) ‥
جاء النادل فطلبنا منه (مرقة كولاش) وهي أكلة هنغارية‥ الأكلة الوحيدة التي نعرف اسمها في هذه البلاد.. ونعرف انها لذيذه‥ وهي عادة مرقة (هبيط لحم بقر) تعد ببصل وماء وبهارات ومطيبات كثيرة‥ جاءنا الـ (كولاش) ‥ فأخرج كل منا الخبز الأسمر (الذي يباع بالكيلوات) الذي كنا محتفظين به في حقائبنا‥ (ولكم أن تتصوروا غرابة منظرنا ونحن نخرج الخبز من حقائبنا وكأننا صائمين وجدوا طعاماً بعد جوع وشوق له!) ‥ وكانت هناك الكثير من العيون تنظر إلينا… وتتفحصنا ونحن نأكل!
بعد الانتهاء من الطعام ذهبت إلى موظف استقبال الفندق‥ وهو نفسه النادل الذي يخدم في المطعم! ‥ وسألته إن كانت تتوفر لديه غرفة نوم لنفرين … فأجابني بالإيجاب‥ انها بسعر (160 كرونا) (الدولار كان 16 كرونا) ‥ بالنسبة لنا كان ذلك مبلغ مرتفع جداً! قلت للرجل ان 160 كرونا هو مبلغ كبير جداً.. ونحن سواح كما ترى تنتقل بطريقة الاوتوستوب، ولن نتمكن من دفع هذا المبلغ! … لذا نطمع بأن يقلل لنا من السعر!
أجاب -بأدب واعتذار-: "كان بودي مساعدتك ولكن الفندق حكومي وهذه تسعيرة الدولة‥ وهي مسؤولية لا يمكن تجاوزها! "
(كان كلامي معه خليط من الإنجليزية وبعض الكلمات الالمانية التي تعلمتها في المركز الثقافي الألماني – معهد كوته – في بغداد عندما كنت طالباً في الصف الثالث متوسط! … أما هو فكان يتحدث الألمانية بطلاقة وبعض الكلمات الإنكليزية … وبذا تمكنا من الوصول إلى بعض الحلول الوسط في التخاطب!) ‥
قلت له: "إننا لن نستطيع دفع مثل هذا المبلغ الضخم، ونحن مضطرون إلى المبيت هنا، فصاحبي مريض كما ترى‥ وهو محموم ويسعل بشدة‥ ارجوك‥ جد لنا حلاً … ففي الأحوال الطبيعية كنا سنبيت في خيمتنا في الحديقة العامة! …
لم يستطع الرجل ان يقول اكثر مما قال‥ فالأمر ليس بيده‥ وهو موظف حكومي‥ تركنا الرجل جالسين، وذهب لعمله في خدمة بقية الزبائن‥
بعد دقائق جاءنا بقدحان من الشراب!.. قيل لنا ان "ذلك الشخص البدين قد دفع ثمنها!" … كان شخصاً ضخماً شديد البدانة جالساً مع أربعة او خمسة رجال على مائدة مقابلة لنا‥ كنت قد لاحظت سابقاً أنه كان لايكف عن الضحك طوال الوقت والتنكيت والمزاح, (صفة عامة لمن كان بديناً!)‥ دعانا إلى أن نجلس معهم وترك مكاننا!…
حييتهم ونحن نهم بالجلوس: "كوتن آبند "… (مساؤكم سعيد)
ثُمَّ جلسنا معهم … سألونا عن جنسياتنا … تعارفنا … ثُمَّ سألونا عن مشكلتنا؟‥ كان من الواضح ان البدين قائدهم‥ يتحدث الالمانية بطلاقة كما لو كان المانياً … (وربما كان فعلاً المانياً.. فجنوب تشيكوسلوفاكيا مقاطعة (السودن Suden) كانوا من القومية الألمانية)..
كنت اجيبه بصعوبة، (ندمت في وقتها على اني لم أطور معرفتي باللغة الألمانية أكثر من تلك الكلمات القليلة التي كنت اعرفها‥)
قالوا: "لماذا لا يبيتون في محطة القطار؟"
حاولت أن اقنعهم ان محطة القطار هي أيضاً باردة‥ فهي غير مدفأة‥ وان صاحبي بحاجة لمكان دافئ هذه الليلة.. بسبب الزكام الذي يعاني منه !…
جرى بينهم حوار طويل … كان واضحاُ لي انهم يتناقشون في إيجاد حل لمشكلة مبيتنا‥
أخيراً قال لي البدين الطيب:‥ " حسناً إن صاحبي هذا"‥ وأشار إلى أحد الجالسين معه … " صاحبي هذا… زوجته راقدة في المستشفى للولادة‥ بإمكانكم المبيت الليلة في ضيافته في شقته! … "
شكرناه كثيراً على هذا الكرم‥ كان البدين طيباً جداً‥ مرحاً … قضى معظم الوقت الباقي وهو (ناصب) على أحد الجالسين -الذي كانت تبدو عليه البساطة- حَتى جعله عصبياُ موشكاُ على الانفجار … !!
بعدها خرجنا مع صاحبنا الذي تبرع باستضافتنا، بعد ان ودعنا الجميع كما لو كنا اصدقاء نعرف بعضنا منذُ زمن!.. حمل لنا زميلنا بعض الأغراض‥ وتوجهنا نحو مسكنه‥ وكان شقة في بناية عالية‥
وصلنا شقته والتي كانت في غاية الاناقة والنظافة … وبشكل يثير الدهشة لشدة أناقتها‥ بعد استحمام رائع بماء ساخن … كنا بحاجة له بشدة!.. جلسنا نحن الثلاثة نتسامر ونتحدث … بدأنا في البداية نتحدث في امور عامة‥ لمجرد التعارف والإحماء … ثُمَّ انطلق مضيفنا يحكي لنا:
" يدعي الروس أن سبب احتلالهم لبلادنا كان هو ابتعادنا عن الاشتراكية‥ كيف لنا ان نبتعد عن الاشتراكية؟ كلا‥ كلا‥ فلا عيب في الاشتراكية‥ بل ان كل شعبنا يريد الاشتراكية!‥ ولكن العيب في روسيا، لا أحد منا يريدها، لانريد أن ندور في فلكها، أننا نريد أن تكون لنا سياستنا الخاصة الحرة.. بأسلوبنا الخاص في معالجة أمورنا‥ لانريد ان نكون مجرد تابعين مطيعين للروس!، اننا تقدمنا تكنولوجياً واقتصادياً إلى درجة تمكننا من ان نستغني عن خدمات الروس -ومنهم- علينا! … "
"لقد طالبنا بأن تتحسن اوضاعنا وان نقضي على البيروقراطية في بلدنا … بيروقراطية الحزب الشيوعي … ان نفوسنا أربعة عشر مليوناً ولايزيد أعضاء الحزب الشيوعي عن ربع المليون‥ ولكن هؤلاء متميزون بكل شئ.. وبشكل واضح عن الباقين‥ فإذا كان العامل في المصنع أحد أفراد الحزب الشيوعي‥ فهو يتمتع بكثير من الامتيازات كالإجازات والعلاوات والإكراميات والتقدير دون غيره من العمال‥ وحين توزيع الوحدات السكنية فإن المواقع المفضلة المطلة على الشارع العام‥ والجيدة تعطي لأفراد الحزب الشيوعي! (رغم انني رأيت ان شقته هو.. كانت في غاية الروعة!) ‥ إن المميزات التي يتمتع بها الشيوعيون تشكل مظهراً صارخاً في هذا البلد‥ كل هذه تجعلنا نطالب بتحسين الأوضاع والتقليل من هذه الامتيازات وبأن تسود نوع من العدالة‥ فماذا حدث؟ احتلال تشيكوسلوفاكيا العام الماضي، ودخول 40 ألف جندي روسي بحجة الخوف من التحول الرأسمالي في هذا البلد.. ومنع تغلغل النفوذ الإمبريالي عبر ألمانيا الغربية‥ وحماية المكاسب الاشتراكية! »
تحدث صاحبنا كثيراً جداً وتناقشنا كثيراً ثُمَّ شعرت بالتعب والنعاس الشديدين‥ لذا فقد اعطانا صاحبنا الكفاية من المخدات والاغطية .. وتمنى لنا ليلة سعيدة.. وذهب للنوم في غرفته …

التعقيب التالي وردني من الاخ العزيز المهندس علي الدباغ:
الحرية مطلب انساني.. قد أيّد الطلبة (دوبتشيك) في مطالبته بالتحرر من (الاستعمار) الروسي (متأثرين بما فعله الطلبة في فرنسا بإسقاط ديغول) فسحقهم الروس بالدبابات كما فعلوا مع ثورة المجر في بودابست … والانگليزي الذي تبجّحَ أمامك في المخيّم النمساوي بنظام العدالة الاجتماعية في بريطانيا – لو كان لا يزال على قيد الحياة – سيرى أن بريطانيا (وفرنسا) تخلّتا عن نظام (العدالة الاجتماعية) و(خصخصت) ما أممته سابقاً ك(السكك الحديد مثلاً) بعد سقوط المعسكر الشيوعي.
هذا في السياسة, ولكن تبقى الإنسانية في موقف (القس) الذي دعاكما للغداء في النمسا, وموقف الرجل التشيكي السمين في البار.. وتأثيره في الرجل الذي دعاكما للمبيت في داره كما كان دور الناس الطيبين في كل الدول التي مررتم بهم.. فتركوا لديكم اطيب الذكريات! …
مدوّنتك ترسم وبشكلٍ مجسّمٍ هائل ملامح أعمق الفلسفات الإنسانية في صعداتها و نزلاتها التي تشبه رسوم منحنيات الجيب والجيب التمام في الرياضيات! … فحياك الله يا (فيثاغورس البغدادي) على هذا السرد السيمفوني لرحلة البحث عن الذات … فأنا اسمع انغام (شتراوس) الراقصة على إيقاع الڤالس.. وعنفوان مارشات بيتهوڤن.. وناي (الصَبا العراقي) الحزين يخاطب القلوب ثُمَّ العقول فينا …

صفحة من كتابي (اوتوستوب) المتوفر في (مكتبة المسلة- ش المتنبي)+964 771 055 2939 و(مكتبة أطراس- ش التانكي- داوودي)..+964 7...
10/09/2025

صفحة من كتابي (اوتوستوب) المتوفر في (مكتبة المسلة- ش المتنبي)
+964 771 055 2939
و(مكتبة أطراس- ش التانكي- داوودي)..
+964 770 476 8313

(عندما أتممت السنة الثانية من كلية الطب- جامعة بغداد.. وعند بدء العطلة الصيفية،غادرت العراق بمغامرة فريدة حيث حملت (حقيبة ظهر) تحتوي على (خيمة ) و(كيس نوم).. وانطلقت في رحلة في أوروبا .. بعد مغادرة (تركيا) صار يرافقني شاب من المكسيك في نفس عمري اسمه (خوزيه)).

ليالي الأنس… في فيينا!
الأحد ٣ آب ١٩٦٩
تناولنا الفطور في المخيم‥ تعرفت بشاب هولندي اسمه (هانز) كان يدرس الطب وكان لطيفاً جداً معي وعلمني بعض الكلمات التي قد نحتاجها باللغة الألمانية …
نزلنا نحن الثلاثة إلى مركز المدينة أنا و(خوزيه) و(هانز) … وركبنا القطار الذي يسير تحت الأرض لأول مرة في حياتي … أصبت بخيبة أمل كبيرة‥ فقد وجدته يشبه القطار العادي! ‥ ولكنه نظيف وانيق وهناك صوت مذياع ينادي باسم كل محطة دقائق قبل التوقف فيها…
ذهبنا إلى الحديقة العامة (كارلز بلاتز) حَيثُ هناك الحدائق الغناء‥ والنافورات الرائعة وفرقة البلدية السيمفونية التي تعزف لكبار الموسيقيين النمساويين موزارت وشتراوس وهايدن وبيتهوفن.. حفلة مجانية على الهواء الطلق.
جلسنا (أنا و خوزيه) على أحد المصاطب نستمع للموسيقى ونتحدث، عندما اقتربت إحدى العجائز النمساويات منا‥ ولدهشتنا أخذت تصيح بنا بغضب وترفع يدها وهي تهددنا! وفهمنا ما كانت تريد … انها تهيننا لأننا كنا جالسين و أحذيتنا البالية كانت مرفوعة على المصطبة ومتجهة (عفوياً) نحو كنيسة بعيدة .. تبعد نصف كيلومتر عنا!! هي كنيسة (سانت اصطيفان) ‥ أهم كنيسة أثرية في فيينا!
طبعاً كال لها (خوزيه) الصاع صاعين وقابلها بالمثل، بوابل من الشتائم.. وصرخ في وجهها وقد احكم قبضته.. ونعتها بالعنصرية و بالنازية! ‥ وكان من الواضح لنا ان بعض النمساويين لا يحبون الغرباء … وفي هذه المواقف .. (حط خوزيه على يمناك) !!
بعد الظهر كانت الفرقة الموسيقية قد عادت وبدأت بعزفها‥ واستمعنا إلى اروع معزوفات ل(يوهان شتراوس)‥ الموسيقار المبدع والايقونة النمساوية‥ طبعا عادت و عزفت (الدانوب الازرق) والتي الفها خصيصاً لـ (فيينا) ‥
بدأت الفرقة بعزف ألحان (رقصات الفالس)‥ وبدأ الراقصون والراقصات بالرقص على أنغامها وهم وهن يرتدون الزي الوطني النمساوي … كل هذه ونحن جلوس على مقاعد الحديقة.. فعاليات مختلفة مجاناً!
ذهبنا إلى أحد المراقص المخصصة للشباب والتي تعزف الأغاني والحان البوب الامريكية (pop music) ولكن لم يسمحوا لنا بالدخول … لأنني و(خوزيه) كنا نلبس (النعال)! … (منذُ وصلت النمسا تمزق حذائي فألقيته في صندوق قمامة واكتفيت بلبس النعال.. اسوة بما فعله صاحبي ورفيق سفري خوزيه !).. ثُمَّ ذهبنا إلى مرقص للبلأي بوي Pl***oy … وهي أول مرة ادخل فيها مرقصاً! ‥ كان تحت الأرض‥ (سرداب) مكتظ بشكل مزعج بالشباب من الجنسين وخصوصاً أن اليوم هو يوم أحد! ‥ الجو كان خانقاً يعج برائحة السجائر ورائحة المشروبات الكحولية … وكانت الموسيقى شديدة الصخب‥ والأضواء خافتة ومضطربة‥ والراقصون من الجنسين‥ الكل يرقصون بجنون وكأنهم صعقوا بتيار كهربائي! وكانت هناك مقاطع من أفلام تعرض على أحد الحيطان‥ بدت لي الافلام سخيفة! … اخيراً رأينا أن المكان لا يطاق‥ وشعرت بان هذا الجو لا يستهويني ابداً‥ وغادرنا المرقص إلى الخارج! …
كنا في أشد حالات الجوع‥ لذا فقد ذهبنا إلى مكان اكلنا فيه (كولاش Golash) وهو نوع من (هبيط) اللحم بالخضروات‥ ما ان انتهينا من العشاء حتى وجدنا أن الترامات والقطارات تحت الارض وجميع المواصلات الأخرى قد توقفت لأن الساعة حينها كانت الواحدة بعد منتصف الليل لذا فقد اضطررنا إلى استئجار سيارة اجرة إلى المخيم السياحي والذي كان خارج المدينة …

الاثنين ٤ آب ١٩٦٩
في الصباح قضينا اليوم كله في استكشاف قلعة هوفبورغ (Hofburg) وهي قلعة اثرية كبيرة للاباطرة النمساويين … وفي داخلها متحف ودار أوبرا …
ثُمَّ بعدها ذهبنا إلى (سان ستيفان)‥ وهي كنيسة في وسط المدينة.. من أعرق الكنائس وأجملها, مبنية على الطراز القوطي (Gothic style) جلسنا بعدها في الـ (ستات بارك statpark) (وترجمتها حديقة المدينة) ‥ للاستماع إلى الموسيقى تعزفها الفرقة السيمفونية للبلدية، حيث عزفت الحان الموسيقار النمساوي الرائع (موزارت) لكنا لم نبق كثيراً حَيثُ كان (خوزيه) مصاباً بالزكام الشديد والشعور بالإعياء أوشك فيه على الإغماء… مما جعلنا نسارع بالعودة للمخيم لعل مرضه يتحسن بالراحة والنوم…

صفحة من كتاب (دموع ودماء على جبال كردستان ) كنت قد نشترها قبل خمس سنواتبعنوان (عليك ان تختار: بم..ززز أم ززز..بم). أرجو ...
07/09/2025

صفحة من كتاب (دموع ودماء على جبال كردستان ) كنت قد نشترها قبل خمس سنوات
بعنوان (عليك ان تختار: بم..ززز أم ززز..بم). أرجو أن تروق لكم.

تــنــويــه:

الصفحة التالية –على خلاف المعتاد- لم أكتبها أنا, فهي قد ارسلها لي زميلي الطبيب المختص بفحص وظائف القلب د(حارث بلال).

(د حارث) كان زميلي في الإعدادية في (كلية بغداد) 1962-1967 ثم في (كلية الطب جامعة بغداد) 1967-1973 وبعد خدمة الإقامة الدورية تم تسويقنا سوية للخدمة العسكرية في (مدرسة الطبابة العسكرية) حيث تلقينا تدريب عسكري بدائي في معسكر الرشيد ثم زجنا في حرب شمال العراق عام 1974.
زميلي (حارث) ارسل لي ما كتبه عن ذكرياته في الخدمة في الشمال, ووجدت الانسب ان افرد لها صفحة كاملة لوحدها.. لأنها تستحق ذلك, أرجو أن تروق لكم.
ملاحظة ثانية: حاولت أن اترك النص كما أرسله أخي د حارث دون تصحيح, وذلك حفاظاً على أمانة النص.

كتب د حارث:
٢٧ / ١٢/ ١٩٧٤
عند وصولي إلى مستشفى اربيل العسكري وكخطوة أولى في الوصول إلى وحدتي العسكرية المنسب لها وهي (الفوج الثاني اللواء الثالث الفرقة الثامنة)، اول شيء سألته للموجودين هو:
" أين وحدتي العسكرية" دون أن أحصل منهم على جواب!.

في هذه الأثناء جاء من الخارج الطبيب (محمد السامرائي) لابساً (بسطال) ومعطف طويل وغطاء الرأس الصوفي المسمى (كليتة), وهو من الدورة السابقة لنا (خريج ١٩٧٢). تلقوه جماعته وصرخوا:
"انت لايؤثر فيك..لاقصف.. ولاهجوم!. أخبرنا ماهي الأخبار في الجبهة".

أجاب دكتور محمد "والله اليوم القصف شديد جداً... وبدون توقف".

وأراد أن يكمل حديثه, لكن أحد جماعته أسكته وقال:
"عيني محمد.. على كيفك.. لأن الدكتور (وأشاروا علّي) هو بديلك"!.
نظر محمد لي وقال "حارث؟.. لاااا!.. مع الأسف!".
دكتور (محمد السامرائي) كنا قبل فترة قصيرة التقينا في الكلية وكان يحكي لي عن ضروفه في الحرب, ولم اركز على كلامه, ولم أعلم أني سأكون بديله!. هنا فقدت اعصابي وقلت له:
"اني لا اتحمل المزيد.. إخبرني ما هو الموضوع؟".
أجابني:
"ماذا أقول لك؟ ان مكانك هو خط الصد الأول على الجبهه, وقصف علينا مستمر ليلاً ونهاراً. وكل كم يوم يهاجموننا. لكن المهم أن الآمر (محمد جدوع) هو إنسان متفهم ويحترم الطبيب. وانا قد صلحّت الملجأ التي ستكون فيه. وحظك عدل, السيارة التي جئت بها مازالت موجودة تحت.. حتى يأخذك للفوج!."
خرجت من مستشفى اربيل العسكري وركبت السيارة الجيب (كاز قيادة) التابعة للفوج وكان جالسا فيها (نائب ضابط استخبارات) إضافة إلى السائق. أخبرني السائق اننا سنذهب أولاً إلى مقر الفوج الدائم في داخل (معسكر اربيل العسكري) كي يسلموني سلاح. وفعلا عند وصولنا المبنى الذي كان شبه فارغاً.. سألني مدير المشجب (مخزن السلاح):
"ماذا تريد دكتور مسدس.. او رشاش.. أو اثنينهم؟"
أجبته:"انا طبيب، ماذا سأفعل بالرشاش؟ بعدين انا سأذهب وإعالج الجرحى, لا أريد أن احتار بالرشاش واخاف أن افقده وتحدث لي مشكلة"!.
اجابني: "انت ستحس بالوحدة.. بدون الرشاش"!.
قلت له : "اعطني مسدس فقط".
أخذت المسدس وركبت السيارة وبدأت الرحلة إلى الفوج المنتشر في الجبهة. في الطريق وعند وصولنا إلى قرية ( كورة) قال النائب ضابط "هنا جرح الدكتور فلان بطلقة".. واستمر على طول الطريق يحكي قصة تقدم الفوج. وصلنا إلى مضيق ( كلي على بيك) ونظرت الى الوادي جنب الشارع. خلصّنا الكلي وطلعنا إلى سهل مدينة اسمها (ديانا) وهي مهجورة من قبل أهلها المسيحيين بسبب العمليات العسكرية. سمعت صوت انفجار قوي مع صداه بين الجبال العملاقة المحيطة.. ورأيت عمود دخان. قال النائب ضابط: "ضرب"!
سألته: "ماذا تقصد؟"
اجابني "يعني يقصفنا".
اجبته: "هناك عمود دخان على اليمين وعمود على اليسار, يعني نحن ضمن مجال القصف"؟
اجابني: "نعم.. ولهذا ترى السائق قد زيّد السرعة حتى نصل إلى تلك البناية قبل أن يصيبنا"!.
وفعلا وصلنا إلى البناية المحصنة والتي كانت في الاصل مدرسة. ونظرت إلى السقف ورأيت انهم قد شيدّوا سقفاً ثانوياً من الخشب واكياس الرمل.
هناك التقيت بضابطين وكانوا لم يحلقوا وجوههم لمدة عدة أيام خلافا للقوانين العسكرية. أحدهم قال لي وهو ينظر لي:
"عندي لك مسدس وسترة.. وبسطال".

عرفت من كلامه إنه مسؤول عن التجهيزات.
انا في هذه الأثناء تسائلت في نفسي: "هل انا سأعيش في هذا المقر الخطر"؟ وفي تلك اللحظة سمعت انفجارا قويا وقريبا. قالوا لي وهم غير مهتمين للانفجار:
"دكتور لاتخاف.. هذه تابعة لنا. ( يقصد مدفعيتنا)".
وبعد فترة قصيرة سمعت صوت انفجارأضعف.
ظهر الخوف على وجوههم وقالوا: " هذه تابعة لهم"! يقصدون مدفعية العدو!.
سألتهم: "كيف تميزون بين الاثنين"؟.
اجابوا: "إذا تسمع ( بم.. ززز) يعني مدفعيتنا". !!
وإذا سمعت "( ززز.. بم) يعني مدفعية العدو, بس انت لا تقلق دكتور... لأن القنبلة التي ستقتلك لن تسمع صوتها".
بهذه الأثناء جاء اتصال هاتفي اجابه الضابط الآخر وهو يقول:

"نعم سيدي.. نعم سيدي".

استدار نحوي بعد غلق التلفون وقال: "هذا كان السيد الأمر وسأل عنك، هل وصل الدكتور؟، ارسلوه لي!".

أجبتهم "لماذا أذهب الى الأمر؟ أين هو الأمر؟" حيث إنني طوال الوقت كنت أظن إن أحدهم هو الآمر!.

أجابوني "هو في المقر المتقدم للفوج".

سألتهم بتعجب: "لكن.. ماذا يكون هذا الَمقر"؟.

أجابوني: "هذا مقر الفوج الخلفي".

تسائلت بقلبي "إذا هذا المقر الخلفي يتعرض للقصف باستمرار، كيف سيكون القصف على المقر المتقدم الذي سأذهب له؟".
ركبت السيارة من المقر الخلفي للفوج في قرية ديانا في حوض راوندوز متجها إلى المقر المتقدم في أعالي الجبال في منطقة جبل ( تاتان المكون من ست قمم) وجبل ظهر السمكة. ( سمي هكذا لأنه يشبه الحوت) وبعد وصولي إلى منطقة عبارة عن شارع ترابي ضيق قال لي السائق:

" وصلنا سيدي"

قلت له " لكني لا أرى شيئاً!"

قال: "هذا ملجأك. وهذا ملجأ المفرزة الطبية التابعة لك".

دخلت الملجأ الخاص بي وكان عبارة عن صفيحة معدنية فوق اربع صخور. والسقف واطىء جدا، والطول بطول جسمي. تعرفت على مفرزتي الطبية المكونة من سائق الإسعاف (فوزي) ومن نائب ضابط مضمد ومن مراسل.

قالوا لي" السيد الأمر يريدك"

سألتهم " أين"؟

أجابوا "فوق"!.

صعدت جبل صغير وممره يكفي شخص واحد، وإذا عثر يقع في وادي. وصلت إلى الأعلى. استقبلوني جيدا وجلست معهم. كانوا ستة ضباط ولكنهم قلبوا رتبتهم حتى لا يشخصهم قناص الأعداء الذي يستهدف الضباط. لم أعرف من هو الآمر حتى انتبهت أن الجميع يقولون له " نعم سيدي" كلما تكلم.

بهذه الأثناء زاد القصف الذي لم ينقطع اصلا. قال الآمر "اعتقد ان الدنيا بردت، فخلينا كل واحد يذهب إلى ملجأه". الجميع صرخوا "نعم سيدي". قالوا لي "دكتور روح إلى ملجأك ونتكلم غدا".

ذهبت إلى ملجأي ونمت. في صباح اليوم التالي صعدت إلى فوق قرب المقر، من الساعة الثامنة صباحا حتى اثبت تمسكي بوقت الدوام. لم أجد غير الحرس.

سألتهم "أين الدوام" ؟.

أجابوا "لا يوجد دوام, كل الضباط نائمين لأنهم يسهرون الليل كله"!

كان عندي طبع أن استطلع المكان الجديد... وتمشيت وأنا أتفرج على منظر الجبال الشاهقة. فجأة صرخ بي أحد الحرس وقال:"مكانك سيدي"! جاوبته: "لماذا؟"

قال: "إنك متجهه إلى حقل الألغام. شوف هذا السلك، سلك العثرة به لغم من كل جانب"!. ذكرنّي هذا بالمحاضرات التي درسناها في الدورة. عندما التقيت بالأمر لاحقا قلت له:
"سيدي هناك ألغام حولنا".
قال: "نسينا ان نخبرك. هذه الألغام نحن زرعناها لأننا الخط الأول أمام الأعداء ونخاف من تسللهم، وبكل الأحوال.. انصحك أن لا تتجول كثيراً!"
(الصورة للدكتور حارث عبد الحميد والدكتور سامي سلمان عام ١٩٧٥ وأثناء الخدمة العسكرية الإلزامية)

صفحة من كتابي (اوتوستوب) المتوفر في (مكتبة المسلة- ش المتنبي)+964 771 055 2939 و(مكتبة أطراس- ش التانكي- داوودي)..+964 7...
07/09/2025

صفحة من كتابي (اوتوستوب) المتوفر في (مكتبة المسلة- ش المتنبي)
+964 771 055 2939
و(مكتبة أطراس- ش التانكي- داوودي)..
+964 770 476 8313

(عندما أتممت السنة الثانية من كلية الطب- جامعة بغداد.. وعند بدء العطلة الصيفية،غادرت العراق بمغامرة فريدة حيث حملت (حقيبة ظهر) تحتوي على خيمة وكيس نوم.. وانطلقت في رحلة في أوروبا .. بعد مغادرة (تركيا) صار يرافقني شاب من المكسيك في نفس عمري اسمه (خوزيه))

هنغاريا – السبت ٢آب ١٩٦٩
اخذتنا - انا وصاحبي المكسيكي (خوزيه) - سيارة لاندروفر إلى خارج المدينة‥ ثُمَّ شاحنة جيش بها أحد الضباط! ثُمَّ حافلة لم ندفع من تذكرتها شيئاً!، ثُمَّ سيارة (ستيشن) تسوقها فتاة شابة اخذتنا إلى الحدود الهنغارية‥ ثُمَّ بعدها بثلاثة كيلومترات تقريباً وصلنا الحدود النمساوية …

وصلنا الحدود النمساوية في التاسعة ليلاً‥ رأيت سيارة من نوع (ستروين) واقفة امام باب دائرة الجمارك‥ وبدا لي ان رقمها مكتوب باللغة العربية! ‥ وحين اقتربت ودققت النظر تأكدت فعلاً ان الرقم مكتوب بالعربية (المغرب)…
انتظرنا لحين خروج صاحب السيارة من المكتب الحدودي‥ ثُمَّ اقتربت منه وسلمت عليه بالعربية‥ فرد علي السلام‥ سألته ان كان طريقه (فيينا)؟ أجاب بالإيجاب‥ قلت:
« انا اسافر ب الاوتوستوب‥ لو سمحت فأنا أرغب بالذهاب معك » قال (اهلاً وسهلاً)
قلت (ومعي صديقي هذا‥ لو سمحت!)
رحب بنا نحن الاثنين وانطلق بنا إلى عاصمة النمسا‥ إلى (فيينا)‥
كان اسم صاحب السيارة (العبدي بوشعيب) ‥ موظف كبير في المغرب‥ عازب في حوالي الثلاثين من عمره‥ نحيف البنية اسمر وشعره اسود مجعد كبقية الافارقة‥ تحدثنا في مختلف المواضيع باللغة العربية الفصحى لأن التخاطب بالعامية كان مستحيلاً!، وكان واضحا من طروحاته انه من نوع المغاربة المتفرنسين الذين يعتبرون العروبة وكل ما يمت لها بصلة من لغة وتاريخ ودين هي شئ قديم ورجعي وبدائي! ‥

وصلنا العاصمة النمساوية (فيينا) في الثانية عشرة ليلاً … كانت رائعة في الليل‥ مدينة ذات أبهة وعظمة تنبئ عن عصور من الحياة الارستقراطية‥
قصور وبنايات من الرخام، حدائق ونافورات في كل زاوية.. تماثيل لملوك وأمراء تتوسط جنائن من الورود بألوان زاهية..
بتنا ليلتنا الأولى في فينا داخل مخيم سياحي فخم على ضواحي المدينة‥

التعقيب اللذيذ التالي جائني من الصديق المهندس المثقف علي الدباغ:
إلتقى إسپاني وإنجليزي واوغندي فقال الإنجليزي: نحن نقول أن الحشائش اكثرُ خُضرةً في حديقة جاري. فقال الاسپاني: يالها من صدفة فنحن نقول أن التفاح في حديقة جاري أفضل من التفاح في حديقتنا. فأجابهم الاوغندي: في قريتنا نقول: إن سحر ساحر القرية المجاورة اقوى من سحر ساحرنا!!!
قد يعكس ذلك ارنست همنغواي في روايته الخالدة: (حين فقدنا الرضا) ونحن دوماً غيرُ راضين عما بأيدينا كالموظف الهنغاري الذي يعاني شظف العيش يستغرب طموح الشباب للثورة التي حفّزتها ثورة اكتوبر الاشتراكية، وعززت فترة الستينات التي تمثّل عقداً من زمن الشباب الثوري في العالم كله!؛ من الخنافس في بريطانيا، إلى الربيع التشيكوسلوڤاكي والثورة المضادة، وتظاهرات الشباب الفرنسي التي أسقطت ديغول، إلى ثورة الشباب الياباني التي أسقطت تاناكا، إلى الحركة الوجودية والهيپيز، و البوهيميين في فرنسا …
كل تلك (الفورات) رسمتَها با ابا مروة في لوحةٍ فنية بخطوط بسيطة ولكنها في منتهى القوة والعمق الپانورامي المُبْهَر الذي عهدناه في كتاباتك.
وقد استشففتُ من الانطباع الأول عند دخولكَ الحدود النمساوية دور التراكم الحضاري مقابل الانقطاع الحضاري الذي قام (فردريك انجلز) بالتنظير له. والحضارة ليست بالحالة الدائمة فقد تصل اُمّةٌ إلي مرحلة التحضّر ثُمَّ تخرج منها بأحد اتجاهين؛ إما أن تستمر في التقدم والتمدين اللا حضاري كامريكا، أو تنحدر في هُوّة ظلامية التخلف كالعراق.!
ولكن الأمم التي تنعم بالتراكم الحضاري المدني كالنمسا والدول الاسكندنافية تحترم الإنسان فلا تُسَطِّحُ تضاريسَه البشرية كالشيوعية ولا تحوّله إلى شريعة الغاب في فكرة (نيتشة) بأن البقاء للأقوى!
ذلك ما أوحى به موضوعك اليوم ويبدو لي أنني سأتخرّجُ من مدرستك بشهادةٍ في الفلسفة الإنسانية وأفخرُ ان من وقّعَها هو الدكتور سامي سلمان بحكايا رحلاته التي تعولم أدب الرحلات كابن جُبَير وفاسكو دي غاما …

صفحة من كتابي (اوتوستوب) المتوفر في (مكتبة المسلة- ش المتنبي)+964 771 055 2939 و(مكتبة أطراس- ش التانكي- داوودي)..+964 7...
04/09/2025

صفحة من كتابي (اوتوستوب) المتوفر في (مكتبة المسلة- ش المتنبي)
+964 771 055 2939
و(مكتبة أطراس- ش التانكي- داوودي)..
+964 770 476 8313

(عندما أتممت السنة الثانية من كلية الطب- جامعة بغداد.. وعند بدء العطلة الصيفية،غادرت العراق بمغامرة فريدة حيث حملت (حقيبة ظهر) تحتوي على خيمة وكيس نوم.. وانطلقت في رحلة في أوروبا .. بعد مغادرة (تركيا) صار يرافقني شاب من المكسيك في نفس عمري اسمه (خوزيه))

هنغاريا – السبت ٢آب ١٩٦٩
تمشينا قليلاً ثُمَّ حظينا بمختلف السيارات التي اوصلتنا إلى مدينة هنغارية‥ اسمها (جييور Gyor) في حوالي الرابعة عصراً …
كانت مدينة واسعة وبها حركة بناء كبيرة‥ كنا واقفين انا (وخوزيه) على الشارع العام في تلك المدينة عندما تقدم منا شاب يتكلم الإنكليزيه بصعوبة‥ تحدثنا بعض الوقت ثُمَّ دعانا لتناول الطعام وزيارته في بيته‥ وافقنا‥ وسرنا معه‥ دخل بنا زقاقاً ضيقاً غير مبلط وبه ابنية قديمه وفقيرة‥ ثُمَّ وصلنا إلى بناية صغيرة‥ صعدنا سلماً وكان بنهاية السلم غرفة على اليمين‥ طرق بابها فخرجت امرأة متوسطة الجمال فهمنا انها زوجته‥ تحدث إليها بعض الوقت ثُمَّ دخلت واخرجت لنا صحنا به بعض المعجنات المنزلية وبعض الفاكهة‥ جلسنا في الممر خارج شقته نأكل معه البسكويت والفاكهه والعصير‥ كان الحديث عادياً للتعارف بيننا … عرفه كل منا بنفسه ودولته‥ وقد عرفنا بنفسه‥ كان يعمل موظفاً في البريد وكذلك زوجته‥ ولهما طفلة في الثالثة من عمرها …
قدم لنا السيجاّّّّّر‥ انا لا ادخن‥ ولكن (خوزيه) لامانع لديه من التدخين إن كان مجاناً! ‥ كان جلوسنا وضيافتنا كلها في الممر الطويل للعمارة … أمام السلم قرب باب (شقتهم) ‥ بعد ان انتهينا من الطعام كلم زوجته بالهنغارية فاخذت طفلتهما ونزلت‥ ثُمَّ دعانا لرؤية منزلهم ولم يكن سوى غرفة واحدة فقط‥ كانت تحتوي على مغسلة ومرآة وراء الباب مباشرة‥ ثُمَّ سرير مزدوج احتل معظم مساحة الغرفة‥ وسرير صغير لطفلتهما‥ هذا كل شئ! كان هناك صندوقان أو ثلاثة للملابس تحت السرير و شماعة لتعليق الملابس في أحد أركان تلك الغرفة الصغيرة‥ كان علينا ان نقفز فوق سرير الطفلة ليتسنى لنا الجلوس على حافة السرير المزدوج‥ وأكثر ما أثار استغرابنا و دهشتنا هي رؤية صورة الرئيس الأمريكي (جون ف. كنيدي) معلقة على الحائط! ‥ كانت تلك الصورة الوحيدة المعلقة على جدران الغرفة! جدار غرفة صغيرة‥ في مدينة صغيرة‥ في بلد شيوعي!

قال لنا:
« هذا سكني‥ انا وزوجتي وطفلتي‥ هذه الغرفة الصغيرة‥ وهل تظنان انها رخيصة؟ انها تكلفني غالياً جداً‥ انا وزوجتي موظفين ولكن لا نستطيع توفير المال اللازم للسكنى في محل اكبر‥ »
ثُمَّ نظر إلينا ملياً وقال:
« هذا المكان الذي نسكن فيه كما تريانه‥ ليس هناك مجال لممشى رجل‥ هذه هي حياتنا‥ هذه اشتراكيتنا التي نعيش فيها والتي تناضلون من أجلها في بلادكم! ‥ أنت أيها العراقي‥ انتم تخلقون الاضطرابات في بلادك رغبة في الاشتراكية‥ هل تريدون حياة مثل هذه التي نحياها؟ ‥ هل هذا الذي تصارعون انتم الطلبة المكسيكيون وتخلقون الاضطرابات في بلادكم من أجله؟ اهذه نوعية الحياة التي تريدونها؟ »
ثُمَّ ضحك ضحكة مريرة وقال:
انتما كلاكما طالبا جامعة، والطلاب في كل بلاد العالم عاطفيون واطفال ولا يعلمون عن الحقيقة شيئاً‥ ولكن هنا الحقيقة … هل تعلم كم جندي روسي في بلادنا؟ نصف مليون … نصف مليون جندي روسي‥ منذُ متى والجنود الأمريكيين يحتلون فيتنام؟ كم سنة؟ أربعة؟ ستة؟ هل تعلم منذُ متى والجنود الروس في هذه البلاد؟ إنهم هنا منذُ الحرب العالمية الثانية! ‥ لم يخرجوا منها ابداً‥ دخلوا البلاد وبقوا فيها للآن‥ وحينما حاول شعبنا استرجاع حريته عام 1956 سحقته الدبابات الروسية بكل وحشية و اطلقوا قنابل الدبابات على صدور الناس المتظاهرين في وسط بودابست‥ انكم تصرخون ان امريكا إمبريالية‥ وماذا عن الاتحاد السوفيتي؟ اليس إمبريالياً هو الآخر؟ ‥ انهم يقولون انهم يؤمنون بالحرية والسلام‥ أي حرية وأي سلام وجنودهم وسلاحهم مسلّط فوق رأسك، في بلادك … !
أشار إلى صورة (جون كنيدي) وقال « لقد أحببناه‥ كان هو الأمل في تحريرنا‥ كنا نحبه، لقد وقف وقفة رجل شجاع امام الاتحاد السوفيتي خلال ازمة صواريخ كوبا واجبروهم على الفرار‥ كان بطلاً! ‥ ولكنه قتل‥ وضاع ذلك الأمل! »
ثُمَّ ضحك ضحكات هستيرية، حقاً لم يكن متزناً ابداً‥ وكان من الواضح ان افكاره مشوشة:
« حسناً، عندما تذهبون إلى بلادكم‥ كفوا عن التباكي على روسيا وابكوا علينا!، ابكوا على ما يعانيه شعبنا من الاستعمار الروسي المقيت، ومن اشتراكيته! »
هنا عادت زوجته، ولم يكن هناك لها مكان في الغرفة إلّا بعد استئذاننا و مغادرتنا‥ ورغم فقرهم وحاجتهم كانوا كرماء معنا فقد أصروا على وضع ماتبقى من فاكهة من تفاح وخوخ في حقائبنا رغم معارضتنا الشديدة لذلك! ‥
(تعقيب منقول عن إحدى المواقع التي تتحدث عن الثورة المجرية)
شرارة الأحداث في المجر اندلعت عقب إعلان الزعيم السوفيتي (نيكيتا خروشوف) في خطابه امام المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي في شباط 1956 عن إدانة عبادة الفرد، وفضح كل الممارسات القمعية الدموية للزعيم جوزيف ستالين.
ترامت اصداء الخطاب عالية مدوية بين ارجاء بلدان المعسكر الاشتراكي، لَا سِيَّما بولندا والمجر، حَيثُ العداء والكراهية يبدوان الاكثر حدة تجاه رفض الوجود السوفييتي هناك.
اقتصرت المواجهات في بولندا على تحركات عمال صناعة السيارات واشتباكات محدودة سرعان ما تمكنت الحكومة البولندية بالتنسيق مع موسكو من إخمادها في حزيران 1956. ولكن الأصداء كانت صاخبة مدوية في المجر التي سرعان ما تحولت إلى ثورة وطنية سقط خلالها الآلاف من الضحايا.
وبعد سلسلة من التغييرات التي أجرتها موسكو في القيادات السياسية للمجر، اندلعت المظاهرات التي كانت في معظمها من طلبة الجامعات والمدارس وشباب العمال في شوارع بودابست ترفع شعارات تطالب بالحرية وجلاء السوفيات عن المجر. بينما تشكلت الفصائل المسلحة التي سارعت بفتح السجون والإفراج عن المعتقلين السياسيين.
وتشير الأدبيات إلى أن الزعيم (امري ناجي) الذي كان قد قاد الانقلاب كان قد بادر بإعلان رفضه لتدفق جحافل الدبابات السوفيتية والتي كان عددها يقرب من ثلاثة آلاف دبابة على الحدود المجرية، مما كان مبررا لإقالته ولجوئه إلى مقر السفارة اليوغسلافية في بودابست، هربا من محاولات اعتقاله بعد اقتحام الدبابات السوفيتية لبودابست فجر الرابع من تشرين الثاني 1956 ونجاحها في قمع الانتفاضة إثر مواجهات دامية أسفرت عن سقوط الألوف من القتلى من الجانبين‥ هناك تقارير أنها بلغت 25 الفاً من المجريين وسبعة آلاف من الجنود السوفيت.

ومن اللافت للنظر أن أحداث ذلك الزمان في منطقة الشرق الأوسط عقب إعلان الرئيس جمال عبد الناصر عن قراره التاريخي بتأميم قناة السويس في تموز 1956، والعدوان الثلاثي الذي تورطت فيه بريطانيا وفرنسا إلى جانب إسرائيل ضد مصر في 23 تشرين الأول من نفس العام، ساهم إلى حد كبير في صرف أنظار بلدان أوروبا الغربية والولايات المتحدة عن الأحداث في المجر. انتهى الاقتباس

Address

Alharthia
Baghdad

Opening Hours

Monday 09:00 - 17:00
Tuesday 09:00 - 17:00
Wednesday 09:00 - 17:00
Thursday 09:00 - 17:00
Saturday 09:00 - 17:00
Sunday 09:00 - 17:00

Telephone

+9647715191473

Alerts

Be the first to know and let us send you an email when الاستاذ الدكتور سامي سلمان posts news and promotions. Your email address will not be used for any other purpose, and you can unsubscribe at any time.

Contact The Practice

Send a message to الاستاذ الدكتور سامي سلمان:

Share

Share on Facebook Share on Twitter Share on LinkedIn
Share on Pinterest Share on Reddit Share via Email
Share on WhatsApp Share on Instagram Share on Telegram