07/10/2025
جائزة نوبل في الطب لعام 2025
منحت لجنة نوبل في معهد كارولينسكا السويدي جائزة نوبل في الطب لعام 2025 لكل من الباحثة الأمريكية ماري إي. برانكاو، والعالم الأمريكي فريد رامسدل، والعالم الياباني شيمون ساكاغوتشي، تقديراً لاكتشافاتهم التي فسّرت آلية تُعرف باسم "التحمّل المناعي في الأنسجة المحيطية"، وهي العملية التي تمنع جهاز المناعة من مهاجمة خلايا وأنسجة الجسم نفسه.
🧠 فكرة الاكتشاف:
يحمي جهاز المناعة الإنسان من الفيروسات والبكتيريا يومياً، لكنه يحتاج إلى نظام دقيق يمنعه من مهاجمة خلايا الجسم بالخطأ. كان الاعتقاد سابقاً أن هذا التنظيم يتم فقط داخل الغدة الزعترية (Thymus) التي تزيل الخلايا المناعية الضارة، لكن العلماء الثلاثة أثبتوا أن هناك آلية إضافية تحدث في مختلف أنسجة الجسم للحفاظ على هذا التوازن.
🧬 دور شيمون ساكاغوتشي:
في ثمانينيات القرن الماضي، لاحظ ساكاغوتشي أن إزالة الغدة الزعترية من فئران حديثة الولادة تسبب أمراض مناعة ذاتية خطيرة. ومن خلال تجاربه، اكتشف نوعاً من خلايا المناعة يهدّئ النشاط المناعي المفرط، وأطلق عليها اسم الخلايا التائية التنظيمية (Regulatory T Cells)، وهي خلايا تحمل البروتينين CD4 وCD25، وتعمل كـ«حُرّاس» يمنعون الخلايا المناعية الأخرى من مهاجمة الجسم.
🧪 مساهمات برانكاو ورامسدل:
في التسعينات، درست برانكاو ورامسدل نوعاً من الفئران يُعرف باسم Scurfy، كانت تعاني من التهابات شديدة بسبب خلل مناعي موروث. وبعد أبحاث طويلة، اكتشفا الجين المسؤول عن هذه الحالة وأسمياه FOXP3. تبيّن لاحقاً أن هذا الجين أساسي لتكوين الخلايا التائية التنظيمية، وأن أي خلل فيه يؤدي إلى اضطرابات مناعية نادرة مثل مرض IPEX الذي يصيب الأطفال الذكور.
🔬 أهمية الاكتشاف:
أثبت العلماء الثلاثة أن جهاز المناعة لا يعتمد فقط على التخلص من الخلايا الضارة، بل يملك أيضاً نظاماً آخر للضبط يسمى التحمّل المناعي في الأنسجة المحيطية، تتحكم به الخلايا التائية التنظيمية. هذه الخلايا تهدّئ الجهاز المناعي بعد انتهاء المعركة ضد العدوى وتمنعه من مهاجمة الجسم نفسه.
💉 التطبيقات الطبية:
فتحت هذه الاكتشافات آفاقاً جديدة في الطب:
في أمراض المناعة الذاتية مثل السكري من النوع الأول والتصلب المتعدد، يجري تطوير علاجات لتحفيز إنتاج هذه الخلايا أو حقنها في المرضى لوقف الالتهاب.
في علاج السرطان، تُدرس طرق تعطيل هذه الخلايا داخل الأورام لتسهيل هجوم جهاز المناعة على الخلايا السرطانية.
في زراعة الأعضاء، تُستخدم مادة الإنترلوكين-2 لتعزيز نمو الخلايا التائية التنظيمية ومنع رفض الجسم للعضو المزروع.
كما تُجرى تجارب لعزل هذه الخلايا من المريض نفسه، وإكثارها في المختبر ثم إعادتها إلى الجسم لتحسين التوازن المناعي.
🏅 أثر الاكتشاف:
أكدت لجنة نوبل أن هذه الأبحاث غيّرت فهم العالم لآلية تنظيم المناعة، ومهّدت لتطوير علاجات دقيقة لا تثبّط الجهاز المناعي بالكامل بل تضبطه بطريقة ذكية. ووصفت الاكتشافات بأنها "فائدة عظيمة للبشرية" لأنها توضح كيف يحافظ الجسم على توازنه المناعي دون أن يتحول دفاعه إلى خطر داخلي.