18/10/2025
في 25 مايو عام 1986، شهدت الولايات المتحدة حدثًا استثنائيًا لم يتكرر في التاريخ، يومًا أصبح رمزًا للوحدة والرحمة الإنسانية.
ذلك اليوم سُمّي “Hands Across America” — الأيادي المتشابكة عبر أمريكا — حين قرر ملايين البشر أن يثبتوا أن التضامن أقوى من الانقسام.
من نيويورك سيتي في أقصى الشرق إلى لونغ بيتش في كاليفورنيا في أقصى الغرب، تشكّلت سلسلة بشرية ضخمة امتدت نحو 6,400 كيلومتر، أي ما يعادل المسافة بين قارتين!
وقف ما يقارب 6.5 مليون شخص متجاورين، يدًا بيد، لا تجمعهم صداقة ولا مصلحة، بل رغبة حقيقية في صنع فرقٍ من أجل من يعانون الفقر والجوع والتشرّد.
عند الساعة الثالثة عصرًا بتوقيت الساحل الشرقي، توقفت الحياة قليلًا…
المحال أغلقت أبوابها، السيارات توقفت على الطرق، والناس خرجوا من بيوتهم ومكاتبهم.
في تلك اللحظة، امتدت الأيدي وتشابكت، من المدن المزدحمة إلى القرى النائية، ومن الحقول إلى الجبال، في مشهد إنساني نادر جعل الأرض نفسها تبدو وكأنها تتنفس دفئًا وأملًا.
بقي المشاركون متشابكي الأيدي لمدة 15 دقيقة كاملة، وكانت تلك الدقائق القليلة كفيلة بزرع شعورٍ عميق بالانتماء بين الغرباء.
لم تكن السلسلة متصلة تمامًا، فبعض المناطق الوعرة أو الصحراوية حالت دون اكتمالها، لكن روح المشاركة تجاوزت كل الفجوات.
في الأماكن التي لم تصلها الأيدي، رفع الناس أقمشة وأعلامًا ليرمزوا إلى استمرارية الاتصال، وكأنهم يقولون:
“قد لا نلمس بعضنا فعليًا، لكننا متصلون بالنية والرحمة.”
استطاع الحدث جمع 34 مليون دولار، خُصص جزء كبير منها لمؤسسات تُعنى بإطعام الجائعين ومساعدة المشردين، لكن الأثر المادي لم يكن الهدف الحقيقي.
القيمة الحقيقية كانت في تلك اللحظة التي شعر فيها ملايين البشر أنهم جزء من كيان واحد، قلب واحد، حلم واحد.
لقد كان يومًا فريدًا…
يومًا مدّت فيه أمريكا يدها إلى نفسها، لتذكّر الجميع أن أبسط لفتة — يد تمتد نحو يد — يمكن أن تصنع أعظم درس في الإنسانية.