10/12/2025
https://www.facebook.com/share/p/1BSFWpTafx/
لا تُكثِروا الألعاب في عيد الميلاد: هدية واحدة مدروسة قد تبني مهارات… وعشرة قد تُشتّت طفلكم
ريما مخايل صالح
مع اقتراب عيد الميلاد، تتزيّن البيوت بالأضواء ويزداد حماس الأطفال لترقّب الهدايا. وفي خضمّ هذه الأجواء، يسعى الأهل جاهدين لإسعاد أولادهم عبر شراء أكبر عدد ممكن من الألعاب. لكن من وجهة نظر المعالجة النفس حركية ريما مخايل صالح ، الإفراط في الألعاب لا يخدم تطوّر الطفل كما يعتقد الكثيرون، بل قد يحدّ من قدرته على اللعب البنّاء وعلى الاستفادة الحقيقية من وقت اللعب.
لماذا لا يجب أن نُبالغ في عدد الهدايا؟
1. كثرة الألعاب تُشتّت الانتباه
عندما يمتلك الطفل خيارات كثيرة، ينتقل من لعبة إلى أخرى بسرعة، من دون أن يمنح أي لعبة الوقت الكافي ليستكشفها أو يتعمّق فيها. وهذا يؤثر على تركيزه وقدرته على الاستمرارية.
2. الحدّ من الإبداع والخيال
الألعاب الكثيرة غالبًا ما تملأ وقت الطفل بشيء جاهز، بينما تحتاج المخيلة إلى فراغ ومساحة لتعمل. لعبة واحدة بسيطة قد تفتح أمامه أبوابًا أوسع للابتكار من عشر ألعاب إلكترونية جاهزة.
3. فقدان قيمة الأشياء
حين يحصل الطفل باستمرار على هدايا كثيرة، يفقد تدريجيًا مفهوم الامتنان، ولا يعود يشعر بأنّ الأشياء لها قيمة يجب الحفاظ عليها. الندرة تُعلّم الطفل معنى التقدير والمسؤولية.
4. لعب سطحي بدل اللعب العميق
التطور الحركي والمعرفي يحتاج إلى ما نسميه في العلاج النفس-حركي "اللعب المتواصل"—أي أن يبقى الطفل في نشاط واحد مدة كافية ليخطّط، يجرب، يخطئ، ويعيد المحاولة. كثرة الألعاب تعيق هذا النوع من الانغماس الضروري للنمو.
---
كيف نختار هدية مفيدة؟ معايير تساعد الأهل على اتخاذ القرار الصحيح
اختيار هدية واحدة أو اثنتين بدقة قد يكون أكثر أثرًا من شراء مجموعة كبيرة. إليكم أبرز المعايير (criteria) التي يوصي بها الاختصاصيون:
1. أن تتناسب مع عمر الطفل وقدراته
اللعبة التي تفوق قدرة الطفل تحبطه، والتي تقلّ عنه تملّه. التوازن ضروري ليشعر الطفل بالنجاح ويستفيد من اللعبة.
2. أن تُنمّي أكثر من مهارة
اختاروا ألعابًا تدعم:
التنسيق بين العين واليد: البازل، المكعبات، الدمى التجميعية
المهارات الحركية الدقيقة: الصلصال، الخرز الكبير
المهارات الحركية الكبرى: الكرة، ألعاب التوازن، النفق القماشي
المهارات الحسية: الرمل الحركي، موادّ اللمس المختلفة
3. أن تكون بسيطة ومفتوحة النهاية
الألعاب غير المكتملة (open-ended) مثل المكعبات وأدوات البناء والألوان، تسمح للطفل بخلق لعبه الخاص، بدل الاكتفاء باتباع سيناريو جاهز.
4. أن تشجّع على اللعب المشترك
بعض الألعاب تعزّز مهارات اجتماعية مهمة مثل الانتظار، التفاوض، والتعاون. الألعاب الجماعية تمنح الطفل خبرات لا توفرها الألعاب الفردية.
5. أن تكون آمنة ومصنوعة من موادّ غير مضرة
يجب الانتباه لحجم القطع، جودة المواد، وعدم المبالغة في المؤثرات الصوتية والضوئية التي قد تُرهق الجهاز العصبي للطفل.
6. أن تُشبه الطفل وتناسب اهتماماته الحقيقية
ليست كل لعبة رائجة مناسبة لكل طفل. الهدية الأفضل هي تلك التي تتماشى مع شخصيته، فضوله، ووتيرة نموّه.
خلاصة
عيد الميلاد ليس مناسبة لزيادة رفوف الألعاب بقدر ما هو فرصة لنمنح أطفالنا هدايا ذات معنى. لعبة واحدة مدروسة قد تعزز التخيّل، التركيز، الاستقلالية، والمهارات الحركية… بينما الألعاب الكثيرة قد تُضعف هذه القدرات بدل دعمها.
في النهاية، أهم هدية يمكن أن نقدمها للطفل ليست في العلبة ولا تحت الشجرة… بل في وقتنا، اهتمامنا، واحتضاننا.