05/07/2024
حفل "التميز" مظهر لهشاشة النظام التربوي
إن وظيفة المدرسة يجب ان تكون ضمان تربية و تعليم متساو للجميع بغض النظر عن البيئة التي ينتمي إليها المتعلم ، و ليس أن تختار تلقين إلا الذين يستجيبون للمقاييس التي تحددها مسبقا و يصادق عليها الضابط الاجتماعي .
خلص تقرير للمجلس الأعلى للتربية و التكوين من خلال تقرير رحمة بورقية سنة 2018 الى أن الأطفال المغاربة يصلون الى المدرسة غير متساوين من حيث وضعهم الاجتماعي والثقافي و أن التعليم يزيد من تكريس هذه الفوارق لا محوها . و من هذا المنطلق يمكن أن نقول ان المدرسة المغربية تساهم بدرجة كبيرة في تقزيم دور المدرسة نفسها وجعل دورها و منتوجها فقط في نتيجة عددية يحصل عليها المتعلم و تقوم الدنيا على إثرها في أخر السنة و لا تقعد ، من أجل الاحتفاء بالمتعلم المتفق عدديا على زملائه من خلال نتيجته السنوية و نحن نعلم جميعا أن هناك متعلمين متفوقين بالفطرة قد يحصل على نتائج مميزة و يتفوق منذ المستوى الأول حتى نهاية مساره الدراسي بسب جينات الذكاء الزائدة التي ورثها و هناك أطفال توفرت لهم امكانات مادية و اجتماعية تجعلهم متفوقين و هناك متعلمين يستفيدون من وضعهم الاسري لتحقيق التفوق في مقابل ذلك متعلمين يعانون من مشاكل اجتماعية تقف أمام تحقيق التفوق أو أطفال من بيئة اجتماعية لا تساعد في التحصيل الدراسي . كما أننا في فصولنا الدراسية نلاحظ أثناء التقويم التشخيصي في بداية السنة أن هناك تلاميذ يمتلكون ما نسبته 60 في المئة من المعارف الخاصة بالمستوى في مقابل متعلمين يمتلكون ما يقارب 20 في المئة من المعرفة الخاصة بالمستوى، و في أخر السنة يكون المتعلم الأول قد و صل الى مئة في المئة محصلا على معدل مميز متفوقا على الجميع في حين المتعلم الثاني حقق ما يعادل 70 في المئة من التعلمات محصلا على معدل لكن بدرجة أقل، فمن بدل مجهودا أكبر في هذه الحالة ؟ و من يحتاج للتشجيع ؟ فإذا كان الأول يحتاج مكافئة فإن الثاني يحتاج للتنويه بمجهوده. فكلا المتعلمين من إنتاج عمل المدرسة . فلماذا تتنصل المؤسسة من جهدها ؟
المدرسة ليست بريئة و تعيد إنتاج لا تكافئ الفرص حين تغض الطرف عن الأطفال الذي يكافحون بجد من أجل تحصيل التعليم في ظل ظروف قاهرة كالظرف الاجتماعي و الأسري أو الذين يعانون من مشاكل صحية و غيرها .... لماذا تختار المدرسة نموذج حلبة السباق لتكافئ الواصلين الأولين كيفما كان الرقم المحصل عليه المهم أن يكون الأول ؟
إن ربط النجاح المدرسي بالرأسمال المعرفي يضرب عرض الحائط جهود المدرسين في الفصل و في التنشيط المدرسي و الأنشطة الموازية ، فهناك متعلمين يتفوقون في الرياضة و في المسرح و الأدب و غيره من الأنشطة التي يجب أن تكون حاضرة في حفل ختامي عادل يحتفى فيه بالجميع و ليس حفل تميز يحمل صفة التمييز في ذاته يكرس المنظور التقزيمي للمؤسسة التربوية .
والهدف المنشود من التربية الحديثة هو ضمان فرص تربوية متساوية للجميع، من أجل تربية فعالة تتيح للناشئة ضمان اندماج لائق وعادي في المجتمع، إلا أن المدرسة كما يرى ذلك اليتش تاريخيا وبغض النظر عن مكانها لا يمكن أن تمثل العامل الأحسن والأوحد للتربية، والفكرة السائدة لدى الجميع بأن التربية تقوم في معظمها على أساس التعليم فكرة خاطئة، ويتساءل اليتش أليس هناك دور للحياة في المدرسة؟
والتربية الحديثة التي نريدها في مجتمع أكثر تطورا، هي تلك التي تتجاوز التربية التقليدية المبنية على التلقين، أي تقدم التربية على التعليم. من أجل أطفال مكونين تكوينا متكاملا ومتسقا، بحيث لا يغدو أكثر علما ومعرفة فقط بل أكثر نموا وتفتحا وقدرة على التفكير والإبداع وأكثر امتلاكا لوسائل التعليم أكثر من امتلاكه لمعلومات محددة . لذلك يجب استحضار كل الحياة المدرسية في حفل سمي حفل التمييز .
ختاما أتمنى يوما أن نحقق مبدأ الانصاف على أساس مدرسة متجددة تتسع للجميع.
للأمانة الصورة المرفقة لموقع هسبريس من توقيع أبو علي الرسام الكاريكاتيري