02/05/2025
Polémique autour d un chiffre sur la santé mentale des marocains : 48% de malades mentaux !
48% من المغاربة مصابون بأمراض عقلية !!!؟؟
على اثر احداث مدينة ابن احمد ، عادت عدة منابر إعلامية إلى تداول بعض من نتائج البحث الذي أشرف عليه المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي و الذي تم نشره سنة 2021 حول بعض الاحصائيات المتعلقة بالصحة النفسية لدى المغاربة.
بهذه المناسبة قفز إلى الواجهة الإعلامية رقم 48% كمؤشر خطير على نسبة المغاربة المصابين بمرض عقلي.
و قد رافقت هذه النسبة المعلنة تأويلات و جدل كبير بين عديد من المتدخلين و المعلقين في وسائل التواصل الاجتماعي .
يجب التًوضيح بداية بان هذا البحث اجري منذ سنوات على عينات من الجنسين أعمارها بين 15 و 65 سنة حيث كانت فعلا من بين استنتاجاته بأن 48,9% من المبحوثين تظهر أو سبق ان ظهرت عليهم على الأقل بعض الأعراض التي تحيل على اضطراب نفسي معين …(وهذا بعيد من ان تقريبا نصف المغاربة معتوهين !) . إن تصنيف ما يسمى بالأمراض او الاضطرابات النفسية و العقلية لا يعني بالضرورة المرض العقلي الحاد أو الحمق la folie كما يتصوره العامة أو كما يصطلح عليه شعبيا. بل ان الاضطرابات النفسية تصنف حسب مجموعات متفرعة و متعددة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر اضطرابات القلق مثل الخوف و الفوبيا بأنواعها و الوسواس و الاكتئاب بانواعه و اضطرابات المزاج و الاضطرابات النمائية المختلفة ثم الاضطرابات الذهانية بما فيها الاضطرابات الفصامية او و الاضطرابات القطبية ، والادمان بأنواعه و اضطرابات الأكل و اضطرابات النوم ، الخ..الخ…كما ان تصنيف و تشخيص جميع هذه الأمراض و الاضطرابات يمر عبر معاينة و تقييم الأعراض السلوكية و الانفعالية و الفكرية وفق سلاليم متفاوتة الحدة و متنوعة المواصفات ، مما يجعل من عملية التشخيص في الطب النفسي على الخصوص قرارا صعبا و معقدا.
هكذا يجب التذكير بأن نسبة 48% التي يتم الحديث عنها هي مجموع تلك النسب المحصلة في الدراسة المعنية و التي تتوزع على جميع الأصناف من الاضطرابات المذكورة (المدونة من طرف منظمة الصحة العالمية) والتي يمكن أن نجدها بصفة متفاوتة في جميع المجتمعات.
حقا لقد أسفرت تلك الدراسة عن بعض النسب المقلقة مثل نسبة ارتفاع الاكتئاب التي تجاوزت 20٪ و مؤشرات أخرى أثارت الانتباه ، لكن بصفة عامة تبقى دراسة وصفية لها حدودها المنهجية والعلمية و من غير المقبول أن نتعامل مع أرقامها بدون تحفظ. في الواقع يبقى المغرب فيه نقص كبير في الموارد الصحية و لا زال لا يعتمد على تصور علمي متكامل الأبعاد لكل ما يتعلق بالصحة النفسية ، مثل الإقرار بدور الاختصاص النفسي إلى جانب الطب النفسي و اعتماد بروتوكولات حديثة للوقاية و المرافقة النفسية الخ…لكن التأويل الخاطئ و التهويل الذي رافق قراءة تقرير المجلس الاقتصادي الاجتماعي و البيئي من طرف البعض يتضمن أفكارا خاطئة و مخيفة حول الصحة النفسية للمغاربة وجب توضيحها و وضعها في سياقها العلمي دون مزايدات قد تضيف ضغوطا نفسية إلى المتلقين و خاصة الذين يعانون من هشاشة نفسية فعلية.