
15/05/2025
العدل والحياد… ضد الطائفية والتعصب الديني
العدل والحياد… ضد الطائفية والتعصب الديني
في عالمٍ يزداد فيه الانقسام والصراع، باتت الحاجة إلى العدل والحياد أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. فالعقلاء من كل دين وأمة يدركون أن الطائفية والتعصب لا يخدمان إلا الكراهية والانقسام، وأن الأديان السماوية نزلت لتبني الإنسان لا لتهدمه، ولتغرس القيم لا لتؤجج الفتن.
العدل قيمة أساسية مشتركة في الديانات الثلاث الكبرى. ففي اليهودية، ورد في سفر ميخا: "قد أَخبَرَكَ أيُّها الإنسانُ ما هو صالحٌ. وماذا يطلُبُهُ مِنكَ الرّبُّ إلا أن تصنع العدل، وتحبّ الرحمة، وتسلكَ متواضعًا مع إلهِكَ؟"
وفي المسيحية، قال السيد المسيح عليه السلام: "طوبى لصانعي السلام، لأنهم أبناء الله يُدعون"، ودعا إلى التسامح والصفح حين قال: "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها أولاً بحجر".
أما في الإسلام، فإن القرآن الكريم يصرّح بوضوح:
"ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ على ألا تَعْدِلُوا، اعْدِلُوا هو أقربُ للتقوى" [المائدة: 8]، ويؤكد على حرية المعتقد بقوله: "لكم دينكم ولي دين" [الكافرون: 6].
رغم اختلاف العقائد، فإن احترام الآخر والعدل في التعامل معه هو أمر ثابت، لا يتغير بتغيّر الدين أو الهوية.
الطائفية والتعصب والتطرف ليست من الدين في شيء، بل هي انحراف عن مقاصده، وتشويه لرسالته التي جاءت لتخرج الناس من ظلمات الجهل والظلم إلى نور الرحمة والعدل.
إن سبّ الأديان أو ازدراء المعتقدات لا يصنع حوارًا، بل يؤجج الكراهية، ويغلق أبواب الفهم والتعايش. احترامك للآخر لا يعني موافقتك له، ولكنه يعكس أخلاقك وعدلك.
في النهاية، من أراد أن ينصر دينه حقًا، فليكن عادلًا، رحيمًا، متزنًا، وليكن صانع سلام لا بائع فتن.
فلنختلف باحترام، ونتحاور بعقل، ونتعامل بإنصاف... فهذا هو طريق الأنبياء، وهذا هو جوهر الإنسان.