26/06/2022
سيدي المسؤول الفاضل... من حقنا أن نعرف
في إحدى الاجتماعات... و بعد أسئلة مشروعة تقدم بها الكثيرون حول تأهيل المنظومة الصحية و عن أي منظومة نتحدث... و مجيبا... انتفض مدير أحد الوكالات الصحية الوطنية معاتبا المتدخلين لتجرئهم على طرح هذه الأسئلة "العبثية" و التي "تبخس" من عمل هؤلاء مسؤولي الخفاء الذين هم فوق النقاش و المساءلة و حتى الاستفسار من المواطنين و ممثليهم...
سيدي الفاضل...
الورش الملكي لتعميم التغطية الصحية أكبر بكثير من "أناتي" و أناتك"... الثورة الملكية و الطفرة النوعية لميدان الصحة و التي يبتغيها صاحب الجلالة نصره الله أكبر بكثير من حساسية شخص معين... جلالة الملك و في عز الأزمة، و في مقاربة فريدة عالميا، أطلق ورش تعميم التغطية الصحية و تأهيل المنظومة الصحية في إطار السيادة الصحية و الأمن الصحي الوطني... و الحمد لله، و نحن نثمن الخطوات الكبيرة التي قطعها مدبرو الأمر العمومي في هذا المجال... يبقى السؤال الذي يطرح نفسه... هل يمكن أجرأة التصور الملكي و تنزيله على أرض الواقع دون مقاربة تشاركية للمواطن؟ و دون إشراكه في هذا الورش؟ و أظن أن على هؤلاء المسؤولين أن يعوا أن المشروع يهم في الأول و الأخير المواطن المغربي... و بلغة تجارية يبقى هذا المواطن هو "الزبون" الذي من أجله نقوم بتلك "الخدمة الصحية"...
سيدي الفاضل...
بدل استعمال نبرة إلجامية... يجب أن نعي أن هاته الأسئلة التي يطرحها المواطن المغربي... كل هاته أسئلة... مشروعة... فكونه يسأل كيف يمكن لمنظومتنا و بإكراهاتها الحالية... و بنقص يفوق 97 ألف إطار صحي... كيف لها أن تستوعب أكثر من 22 مليون منخرط جديد في أفق دجنبر 2022؟ و تقدم خدمة جيدة؟ بطرحه هذا السؤال... لا يكون المواطن المغربي بتبخيس عمل مدبري الأمر العمومي... بل يحاول فقط أن يفهم... و من حقه ذلك... و لاسيما أن الملاييين من المغاربة توصلوا ببطائق التأمين الإجباري و أن 11 مليون من حاملي بطائق الرميد سينضافون إليهم ابتداءا من شهر يوليوز...
سيدي الفاضل...
و حتى أكون منصفا في مقاربتي، حاولت تقسييم هاته الأسئلة إلى مستويات متعددة :
1- بالفعل فمن حق المواطن العادي أن يسأل عن... أية خدمة ستقدم له؟ عن نوع البطاقة التي ستقدم له و مقارنتها بسابقتها؟ أي تشخيص و علاجات؟ كم سيغطي هذا التأمين من حاجيته؟ كم يتبقى له أن يدفع من جيبه؟ و في مناطق لا توجد فيها مستشفيات جامعية أو حتى مستشفيات، كيف سيستفيد من هذه التغطية؟ من له حق الاستفادة من ذوي الحقوق؟ هل يمكنه التوجه فقط إلى المستشفيات و المختبرات العمومية ؟ أو المستشفيات و المختبرات الخاصة كذلك؟
2- من حق الأطر الصحية أن تسأل... ماذا سيتغير على مستوى التدبير اليومي؟ ما هو شكل هاته الوحدات الترابية الجهوية المسؤولة عن التسيير؟ عن أي موارد نتحدث؟ عن أي تحفيز؟ عن أي تكوين أساسي؟ و مستمر؟ عن مآل المطالب الفئوية؟ عن كيفية توطين الأطر الصحية و عدم هجرتها؟ وكيف سيواجه النقص الحاد في الأطر الصحية؟ بأي سلة للخدمات ؟ و بأي مسالك علاجية؟ و أي تكلفة للمشروع ككل؟ و من أين سيمول؟ و هل من سقف زمني لإنشاء الوحدات الترابية المسؤولة و الهيأة و وكالة الأدوية و الدم؟
3- لا يمكن أن نؤهل منظومة صحي دون التفكير في ملائمتها عن "صحة القرن الواحد العشرين"... و عليه فعن أي رقمنة للمنظومة الصحية نتحدث؟ أي بحث علمي ؟ بأي استقلالية علمية و تدبيرية ؟ أي مراقبة علموبائية؟ و طب جينومي ؟ هل من مكان للطب المشخصن و الدقيق ؟ أي مكانة للتكنولوجيات الحديثة و الطب المرقمن؟ والطب عن بعد؟ أي حكامة؟ أي تنافسية للقطاع العام؟ عن أية هندسة تمويلية نتحدث؟ و بأي خريطة مرضية؟
4- كيف ندمج هذه المنظومة في إطار المفاهيم الجديدة... مفهوم الأمن الصحي؟ و مفهوم السيادة الصحية؟ أي تموقع لمفهوم الصحة الواحدة؟ بأي مؤسسات و متدخلين؟ و أي اكتفاء دوائي و علاجي؟بأي مقاربة وطنية أو جهوية و محلية تضمن العدالة المجالية؟ و بأي فعلية للحق في الصحة؟ و كمثال على ذلك... فإذا لم نأخذ بعين الإعتبار نعتبر من الأزمة... و لم نؤسس لمنظومة ناجعة للمستعجلات ومساراتها... و تكوين مندمج للكفاءات في المجال... و نخطط لمقاربة لوجيستيكية تضمن النقل الصحي الإستعجالي الفعال ... "را بحال إلى كننكبوا الماء فالرملة"...
في الختام يجب التذكير بأن الهدف من تعميم الـتأمين الصحي و تأهيل المنظومة الصحية هو ضمان الولوج لخدمات صحية ذات جودة... باعتبارها حقا أساسيا للمواطنين...و كذلك ضمان قاعدة أساسية من الحماية الاجتماعية تعزز الإدماج وتجسد التضامن و التعاضد بين المواطنين... و جزء لا يتجزأ من كرامة المغربي... و من أجل هذا أتمنى أن لا يبخل علينا مدبرو الأمر العمومي و هؤلاء المدراء الأفاضل... بأن لا يبخلوا علينا بالتواصل للإجابة عن مئات الأسئلة التي تبقى مشروعة و ليست "عبثية" حتى يثبت العكس... نريد تواصل سلس و مقاربة توعوية وتحسيسية و تشاركية للمواطنين... لأن طموحنا أن نساهم و يساهم كل المواطنين في إنجاح هذا الورش الملكي الكبير... و لأننا، كلنا، تواقون لمنظومة صحية ترقى إلى مستوى تطلعات صاحب الجلالة نصره الله...
و حفظنا الله جميعا...
