28/09/2025
عن احتجاجات “جيل Z”
جيل زد هو جيل وُلد من رحم الإنترنت لا تسكته عصا ولا تُبهره أضواء مهرجانات الإلهاء التي تنبعث منها رائحة الكيف… يفتح عينيه كل صباح على مقارناتٍ لا ترحم في عالمٍ معولم: تعليمٌ يتعثّر، ومنظومةٌ صحية عمومية تُنهك المريض قبل المرض، وأفقٌ مهنيٌّ يشبه صفّ انتظارٍ بلا رقم ..
ثم حين يرفع صوته، يُرد عليه بوصفةٍ قديمة: قمعٌ سريع، وبياناتٌ خشبية، وجرعةٌ زائدة زائفة من تازلاجيت تلمّع واجهة الإسمنت. كأننا نعالج حُمّى بلدٍ كامل بخافضٍ للحرارة وإعلاناتٍ ترويجية لموروكو لا يشبه المغرب الحقيقي !
نفسيًا، هذا الجيل لا يشتري “الوعد المؤجل”؛ ذخيرته يومية: حقائق، أرقام، تجارب العالم بضغطة إصبع.
وفلسفيًا، القمع اعترافٌ ضمنيّ بفشل الحُجّة، وتغليبٌ للقوة على العقد الاجتماعي. ومنطقيًا، لا يمكن لبلدٍ يتأخر في التعليم والصحة أن يتقدّم في أشياء أخرى… لأن الظلم المعرفي يولّد غضبًا أخلاقيًا، ولأن الدولة التي تؤجّل الإصلاح تُعجّل بالانفجار كما لخصها ابن خلدون:
“الظلم مؤذِن بخراب العمران”
الحلّ ليس معقّدًا لكنه شاق:
- محاسبة الفاسدين بلا خطوطٍ حمراء ولا انتقائيةٍ موسمية.
- إسناد المسؤولية للكفاءات لا للوجهيات.
- فتح مؤسسات الدولة على رقابةٍ مجتمعية شفافة.
- حوارٌ حقيقي بمنصات الشباب ولغتهم، لا بمؤتمرات وصور وتسويق وبهرجة فارغة.
- وخطة إنقاذ معيشية تُخفّض الغلاء، تخلق شغلاً ذا كرامة، وتُعيد للمدرسة والمشفى اعتبارهما.
سياسة النعامة تُريح الرأس لحظةً وتترك الجسد والقاع مكشوفين للعاصفة وأشياء أخرى. والارتهان لإنجازٍ رياضي عابر أو صخبٍ ترفيهي ليمتص الغضب، يشبه لصق ملصقٍ لامع على جرحٍ يحتاج إلى جراحة.
الطريق إلى تجنّب الكارثة واحد:
عدالةٌ تُرى، ومسؤولون يُحاسَبون، ومؤسساتٌ تُصلَح لا تُزيَّن… غير ذلك فهو مجرد تأجيل ثم العودة إلى المربع الأول، لكن بأصواتٍ أعلى وقلوبٍ أقل صبرًا.