01/03/2025
سلام من الله عليكم اخواني الأعزاء. 👨🎓👩🎓
أحببت ان اكتب لكم في هذا المساء، عندما تهدأ المعايدات وتسكن الأجواء.
بدأ شهر رمضان من مساء يوم الجمعة المبارك هذا، ولقد سمعتم وقرأتم كثيرا اليوم عنه. ولكنني أحببت أن أذكر جوانب أخرى تعطي موسم الخير هذا خصوصية مميزة وتتيح لكل فرد انشاء علاقة فريدة مع شهر الخير هذا ومع خالقه!
قرأت أن شهر رمضان يصفد الله فيه مردة الشيطان، ويغلق أبواب النيران، وتفتَّح أبواب الجنان، والأجر فيه مضاعف، والأجور عند الله بعشرة أمثالها، ويضاعفها أضعافا مضاعفة لمن يشاء!
لقد جلست وتفكرت، ورأيت أنه من خرج من هذا الشهر بلا أجر فهو ظالم لنفسه واهله وربه!
شهر جعل الله فيه كل انواع المغريات لفعل الخير، وأغلق كل أبواب الشرور والفتن والشهوات، شهر أنزل فيه الرحمات أضعافا مضاعفة، وجعل فيه الأجور أضعافا مضاعفة، فاذا لم يكن هذا دافعا لكل شخص فينا لأن يفكر ويقرر بأنه هذا هو افضل موسم يمكنني التغير فيه، ويمكنني العمل والاستثمار لنفسي وحياتي واخرتي فيه، فلا أدري حقا ما اذا كان ممكن أصلا ان تتغير!
هذا كمثل انسان تاجر يشتري ويبيع، يتعب ويجتهد كل السنة، ثم يأتي موسم شهر، تصبح هناك خصومات خيالية، ويوجد فيه عروض مغرية، ويوجد فيه ساعات يمكنك أن تشتري بضاعة وتحصل معها على رأس مالك نفسه!
اذا اخبرتك ان هناك عرض لا يُصدق، مستحيل ونادر وغريب، وهو أنه كل شيء تشتريه لغيرك، لاخوانك واصدقاءك واحبابك، وكل شيء تتمناه لهم، يعني فقط تمني، تضعه على قائمة ال wish list لأجلهم، فانه سيأتيك مثل ما اشتريت لهم تماما، وسيتم أيضا ضمان حصولك على كل ما تمنيت ان يحصلوا عليه! هل هذا عرض يمكن تصديقه؟
لو قلت لكم انه يوجد مثل هذا العرض، واخبرتكم ان هناك تاجرا شاطرا مجتهدا يكدح طول السنة الا في موسم العرض! فهل ما زال يستحق ان يسمى تاجرا شاطرا؟ هل يستحق ان يسمى تاجرا؟ هل يستحق ان يكون محسوبا على العقلاء حتى؟ محال.
وهذا مثل رمضان والاعمال فيه!!
فالخاسر فيه الذي لا ولم يجرب الاجتهاد فيه لا يرقى لان يستحق ان يسمى عاقلا.
تذكروا ان الاجر في الاسلام على السعي والتجريب وليس على النتيجة، تذكروا ان المطلوب منا هو التفكر والتوكل والعمل وبهذا يتحقق معنى العبودية لله فان شاء جازاك اجرا ونتيجة والا فاجرك واصلٌ حاصل!
عندما حلَّلت شهر رمضان وعظيم الاجور فيه، وحلّلت مراتب الجنة وفرق الاجور ما بينها، لم اجد موسما يميز اجور العباد ومراتب الجنات مثل رمضان! فقد جمع الخير كله، وجمع عظائم الاجور كلها.
تخيل معي انك تسهر كل يومك صائما، تقرأ وردك من القران، تقوم بصدقة، تصل رحمك، وتحضر درسك، وتفطر مع دعاء عظيم جميل لا يرد، فللصائم دعوة لا ترد، وثم تصلي في جماعة فجرك وعشاءك، وتصلي تراويح قيام الليل مع الشفع والوتر! هل هناك اجمل وافضل من هذا؟
جوابي المفاجئ لك: نعم يوجد اعظم!
اذا صدف يوم الصيام في رمضان يوم الجمعة مثلا، وهممت بنشر دعوة وتذكير بقراءة سورة الكهف ترتيلا وتوقفا على الايات، وذكّرت الناس في مجموعات التواصل الاجتماعي المختلفة بذلك وباكثار الصلاة على حبيبنا الرسول عليه السلام، ونصحت المسلمين بصلة الرحم وذكرتهم بعظيم اجر هذا العمل في رمضان وفي كل حين، وثم نصحت الناس بالحضور للتراويح وجلبت معك اخوين، وافطرت صائما، وثم دعوت في كل دعواتك بصيغة الجمع، كأن تدعوا: اللهم استجب لدعوة كل مسلم يا رب، آمين لكل دعوة منهم، وارزقهم ربي ما يتمنون.
الفرق بين المثال الاول البسيط الجميل والمثال الثاني كالفرق بين جنة الفردوس والارض!
فالاولى تحصل بها اجر انسان واحد عمل بكل طاقته، ولكن بتغيير بسيط يصبح قريبا من المثال الثاني، يعطيك اجر صيام سنة وقيامها عن كل يوم! كل تذكير للمسلمين بالدعاء والاصلاح والاحسان يرفعك في درجات الدنيا وجنات الاخرى ما يرفعك به عمل سنين كاملة مع العبادات والصدقات!
ان كل دعوة وكل رغبة لديك ترجو ضمان تحققها، عليك بدعاءها للمسلمين والاهلين! فان دعاءك لهم وتمنيك ان يرزقهم الله الزوجات والرزق والبركة والايمان وان يستعملهم للخير وان يجعلهم قدوات محسنين، هي دعوات يؤمن عليها ملائكة السماء البررة، ويقولون زيادة ولك مثل ما دعوت!
وصية:
-أكثروا من سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم في يومكم، فانه من احب الذكر لله.
-كرر في سجودك اللهم اغفرلي وارحمني وعافني واهدني وارزقني، فانها تشمل كل خير في الدنيا والاخرة.
-حافظوا على سبحان الله وبحمده ١٠٠ مرة صباحا ومساءا، تحتاج ل ٣ دقائق ونصف، لم يأت احد يوم القيامة بعمل افضل منك الا شخص كررها اكثر منك!
-لديك ذنب كثير؟ أسرفت على نفسك؟
قل أستغفر الله العظيم الذي لا اله الا هو الحي القيوم وأتوب إليه.
غفرت ذنوبك ولو توليت وفررت من الزحف، وهذه من اكبر الكبائر! فليس ذنبك يماثلها ابدا.
-تعاني من صعوبة في الخشوع والخضوع في صلاتك؟
زاحم ضجيج السهيان بضجيج الخشوع، فكل ما هو ساكن ميت! وخشوع بلا زخم دعاء تكرره او ذكر يحرك خلجات صدرك وينعكس عليك خشوعا وهدوءا، هو خشوع أجوف فارغ! ان الخشوع هو ان تتعالى أزيز دعوات خفايا صدرك على صوت وسوسة الشياطين والعالم أجمع. ادعو الله او اذكره وركز على الكلمات والاحرف واقطع الاتصال بكل الدنيا، واهم شيء اقطع اتصال قلبك وعقلك بما دون الله وهذا الاهم!
أعتذر على الإطالة واختم بهذه الرسالة:
رسالة رفع الهمم لرواد هذي الأمم.
رسالة لكل اخ واخت، نحن في أفضل موسم عبر التاريخ حتى يحصل الواحد فينا مراتب الأنبياء والصحابة والخلفاء بأفعاله وحفاظه على دينه وايمانه الذي في قلبه وعباداته واذكاره وان يسعى ليكون صالحا في نفسه مصلحا لغيره. وبهذا تكون من القليل الذين وصفهم الله بالقرآن.
فاستبشروا خيرا، أسأل الله ان يستعملكم للخير ما دمتم احياء، وان يجعلكم من عباده المحسنين.
اسأل الله ان يجعل شهر رمضان هذا شهر خير، وان يجعل ما بعده خيراً مما قبله، واسأل الله ان يجعله فاتحة انتصارات امة الاسلام، يخرج المسلمون منه بقلوب تحب الله وتخاف عذابه وتخشى عقابه. مسلمين واعين متفكرين ساعين للخير مغلقين للشر، عارفين بقِصَر الحياة وكذب بريقها، ودوام الجنة ونعيمها، وانه لكل شيء ثمن، وان الدنيا وما عليها لا يستحق ان تضحى بها لاجل غمسة في نعيم الجنة.
جعلني الله واياكم من اهل القران، التالين لاياته الوقافين على احكامه وقصصه ودعواته على نهج حبيبنا محمد صلوات الله وسلامه عليه.
رمضانكم هذا مبارك، وما بعده ليس كما قبله ان شاء الله. 💫🌙