31/08/2025
في زمنٍ تتقاذف فيه الرياح خبرًا وظنًّا، وتضطرب فيه القلوب بين رجاءٍ وخوف، لا يثبت إلّا الذي عرف أن الدنيا ظلّ فانٍ، وأن ما عند الله أبقى وأخلد. هنالك ينطق لسانه بما قاله السحرة لفرعون:
﴿فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾.
فأيّ بأسٍ أن تُقضى حياةٌ قصيرة، إذا كان وراءها خلودٌ سرمديّ؟ وأيّ خسارةٍ أن يُنتزع الجسد من الأرض، إذا كان الروح قد أُذن لها أن تصعد إلى السماء؟
إن الخلق كلهم أمام مفترقٍ لا مهرب منه:
طريقٌ مظلمٌ يُفضي إلى الخزي والهلاك: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا﴾،
وطريقٌ مضيءٌ يورث المجد والخلود: ﴿وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَٰئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى﴾.
وأما أولئك الذين يضحكون ساعة، ويشمتون لحظة، فما أشبههم بطفلٍ يصفّق للرعد قبل أن يعلم أن وراءه عاصفة تبتلع كل شيء. نقول لهم:
﴿قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى﴾.
فدعوا الدنيا تموج كما تشاء، فوالله إنما هي ومضةٌ في ليلٍ طويل، وإنما الخلود هنالك… حيث يبتسم الشهداء، وحيث ينام الصادقون في حضن وعدٍ لا يزول.