18/11/2025
كنا قد شارفنا على نهاية العملية التي تجاوزت عشر ساعات؛ كانت عملية كبرى لمريضة تعاني من ورم في المريء. كان الفريق الطبي متعبًا، لكنه راضٍ بنسبة كبيرة عن نجاح العملية. علمنا عندها بوصول طفلة لم تتجاوز السنتين تحتاج إلى عملية طارئة قد تستغرق ثلاث ساعات إضافية. لم يتردد الفريق رغم الإرهاق؛ فالحالة لا يمكن تأجيلها إلى الغد، والطفلة في وضع حرج.
بعد أن أنهينا هذه العملية، سمعنا نداءً عبر سماعات المستشفى لحالة حرجة جدًا في الطوارئ: إصابة خطيرة في الصدر. بقي طبيب من الفريق مع الطفلة في غرفة العمليات، وانتقلنا بشكل عاجل إلى الطوارئ للتعامل مع الحالة، واستغرق الأمر ساعتين إضافيتين من الوقت.
عدتُ في وقت متأخر من الليل، متعبًا ولكن راضيًا. لم أتكلم مع عائلتي في هذا اليوم، وربما لم يعد ذلك أمرًا نادرًا. حتى ابني الأصغر كريم — أو “أبو غازي” كما يحب أن نسميه — لم يعد يعتب عليّ؛ فهو يدرك أهمية ما أعمله رغم براءته.
في أماكن أخرى، كانت الفرق الطبية تفرح عندما تعمل أكثر، فهذا يعني أنها ستتقاضى أجرًا أكبر. الوضع يختلف قليلا في بلادنا، الكثير من الامور تختلف في بلادنا.
وفي اليوم التالي، يزول التعب عندما ترى تعافي المرضى وتحسنهم، وترى فرحة فريقك الطبي الذين يعاملون المرضى كأنهم أقاربهم؛ يفرحون لتحسنهم ويحزنون لتراجعهم، ويستعدون ويعملون بجد رغم كل ما يمرون به. أمامنا يوم جديد من التعب الجسدي والرضا النفسي.
شكرًا لكم جميعًا،
د. يوسف عاطف ابو عصبة
١٨\١١\٢٠٢٥