
03/06/2025
بقلوبٍ يعتصرها الألم، وعيونٍ لم تجفّ، وبإيمانٍ بقضاء الله وقدره، ننعى إليكم رجلًا ما كان يومًا عاديًا،
بل كان من أولئك الذين يُصنع التاريخ على أكتافهم، وتُبنى الأجيال بعقولهم، وتُزرع الرجولة في خطاهم.
هكذا تموت الرجال...
لا في فراشٍ دافئ، بل على طريق العطاء،
لا بانطفاء، بل بنورٍ لا ينطفئ...
ست رصاصات غادرة، كانت في ظاهرها موتًا، لكنها في حقيقتها شهادة ووسام كُتب بالدم والكرامة.
استشهد على طريق العلم والعمل،
لم يكن يحمل سلاحًا، بل كان يحمل قلمًا، عقلًا نيرًا، وصدرًا عامرًا بالإيمان.
كان أول من نال شهادة الدكتوراه في الجمهورية العربية السورية،
لكنها لم تكن نهاية، بل بداية لسيرةٍ مفعمة بالعطاء...
ألّف الكتب، قدّم الأبحاث، ربّى أجيالًا، خرّج مئات الطلاب،
علّم، ووجّه، ورفع اسم بلاده عاليًا في ساحات العلم، لا ساحات الادّعاء.
لم يعرف التراخي، ولا عرف أنصاف المواقف،
كان صادقًا... قويًا... محبًا للخير... عزيز النفس...
رجولةٌ تكتب، لا تُقال.
نعم، مات جسدُه،
لكن بقي ما لا يموت:
علم نافع ما زال يُنتفع به في قاعات الجامعات وبين صفحات الكتب.
ثلاثة أبناء أطباء، حملوا رسالته، ويمشون على دربه، وقلوبهم لا تنفك تلهج بالدعاء له.
صدقة جارية، في العلن وفي الخفاء، كانت سرَّه مع الله، وسريرته النقية التي يشهد عليها من عرفه ومن لم يعرفه.
نحن لا نرثيه فقط، بل نعاهده...
أن نحمل الرسالة التي عاش لأجلها،
أن نحفظ طريقه، وننقل علمه، ونُحسن كما أحسن،
حتى نلقاه في مستقر الرحمة، في ظل عرش الرحمن،
شهيدًا عند ربّه، يرزق.
رحمك الله يا من كنت لنا أبًا وقدوة ومعلّمًا.
نم قرير العين، فذكرك حي، وعملك باقٍ، وأجرك موفور بإذن الله.