01/10/2025
إهداء من ابنة المريضة غرفة 505
بين الخوف والرجاء ... ثم ولادة الأمل
هناك لحظات في حياة الإنسان تُصبح أثقل من الجبال، وأقسى من الصبر. وفي تلك الساعات الثقيلة التي قضيتها أمام غرفة العمليات كان الزمن متجمدا، والقلوب معلقة بين الأرض والسماء وأنا أترقب قلب أمي الذي يخضع لجراحة دقيقة، كانت أشبه بعمر كامل. صمت ثقيل يخنق الأجواء، وعيون مترقبة تبحث عن بصيص أمل، وقلوب معلّقة بباب لا يفتح إلا على قدر الله.
كنت أرى وجهي في عيون إخوتي: خوف، قلق، ارتجاف، لكن رغم ذلك كان هناك شيء يخفف عنا… ذلك الجو المهيب والمنظم في مشفى الرشيد. المكان لم يكن مجرد مشفى، بل كان أشبه بمرفأ أمان.
النظافة تشهد في كل زاوية: أرضيات تلمع وكأنها تبتسم للمرضى، رائحة التعقيم تطمئن قبل أن تثير القلق، والأسِرّة مرتبة بعناية تعكس احترام المكان للإنسان. لكن الأجمل لم يكن في الجدران، بل في الوجوه البيضاء التي تملأ المكان.
🔹 الأطباء كانوا كقادة معركة، يدخلون بخطوات واثقة وكلمات تطمئن القلب قبل أن تطمئن الجسد. شرحهم الدقيق لما يجري، وابتساماتهم الممزوجة بالثقة، جعلتني أوقن أن أمي في أيادٍ أمينة.
🔹 الممرضون والممرضات كانوا أبطالًا خلف الستار: يراقبون الأجهزة بدقة، يرفعون الأغطية بحنو، ويقدّمون الدواء وكأنه وردة لا إبرة. ما أدهشني هو صبرهم، لم يغضبوا من سؤال متكرر، ولا من قلق زائد، بل كانوا يجيبون بابتسامة وكلمة حانية كأنهم أهل لا غرباء.
🔹 الإدارة والفريق الطبي كاملًا كان لهم دور لا يقل أهمية، فقد رأيت النظام حاكمًا لكل شيء، لا ازدحام يربك، ولا فوضى تشتت، وكأن المكان يتنفس ترتيبًا واحترامًا لآلام الناس.
ثم جاءت اللحظة التي لن أنساها ما حييت: باب غرفة العمليات يُفتح، الطبيب يخرج بابتسامة أزالت ثِقل السنين، والعبارة التي علقت في روحي:
"الحمد لله، العملية نجحت."
انفجرت الدموع من عيوني، لكنها هذه المرة لم تكن دموع حزن، بل دموع ولادة جديدة لأمي، ولنا جميعًا. لحظة شعرت فيها أن الأرض عادت تستقر تحت أقدامنا، وأن دعاءنا لم يذهب سدى.
ختامًا 💭
أرفع قلمي شكرًا وامتنانًا لكل طبيب، ولكل ممرض وممرضة، ولكل يدٍ ساعدت وطمأنت، وأقول:
اللهم اجزهم عنا خير الجزاء، وبارك في أعمارهم وأعمالهم، وألبسهم ثوب الصحة كما ألبسوا غيرهم، واجعل كل ابتسامة أعادوها لوجه مريض نورًا لهم يوم يلقونك.
بقلم الكاتبة : نصرة عواد
#مشفى #الرشيد #أطباء #ممرضين #ممرضات #عملية
#كاتبةحوران