24/04/2025
تم الاتصال بي خلال الأيام الأخيرة من قبل عدد كبير من مرضاي للاستفسار حول العلاج الجديد ضد مرض الزهايمر، والذي تم الترويج له في وسائل الإعلام الوطنية كأنه علاج "معجزة". وبناءً على قراءتي المتأنية ومراجعتي جميع الدراسات العلمية المنشورة حول هذا الموضوع، أود أن أشارككم رأيي بكل موضوعية.
دواء "ليكانيماب"(Lecanemab) المعروف تجاريًا باسم "Leqembi"
هو علاج موجه ضد ترسبات بروتين الأميلويد في الدماغ الذي يُعتقد أنه يلعب دورًا في تطور مرض الزهايمر.
تمت الموافقة عليه لأول مرة في الولايات المتحدة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) يوم 6 جانفي 2023، ثم تمت المصادقة عليه بشكل نهائي في جويلية من نفس السنة بعد نتائج إيجابية في تجارب المرحلة الثالثة.
أما في أوروبا، فقد أوصت الوكالة الأوروبية للأدوية (EMA) في البداية برفض الترخيص في جويلية 2024، لكنها غيّرت موقفها لاحقًا ووافقت على استعمال الدواء في أواخر 2024 تحت شروط صارمة تشمل استخدامه فقط عند المرضى الذين تظهر لديهم ترسبات الأميلويد وكانوا في المراحل المبكرة من المرض مع انخفاض خطر الآثار الجانبية.
فيما يتعلق بالفعالية، أظهرت الدراسات السريرية أن "ليكانيماب" يمكن أن يُبطئ التدهور المعرفي بنسبة تصل إلى 27% بعد 18 شهرًا من العلاج، مقارنةً بالعلاج الوهمي (Placebo)
أما بالنسبة للتكلفة، فقد تم تحديد سعر العلاج في الولايات المتحدة بحوالي 26,500 دولار أمريكي سنويًا. إذا تم تطبيق هذا السعر في تونس، فإن تكلفة العلاج لمدة 18 شهرًا ستكون حوالي 39,750 دولار أمريكي، أي ما يعادل تقريبًا 120,000 دينار تونسي!!!
فيما يتعلق بالآثار الجانبية، أظهرت الدراسات أن العلاج قد يؤدي إلى حدوث تورم في الدماغ بنسبة 12.5% لدى المرضى المعالجين بـ"ليكانيماب"، مقارنةً بنسبة 1.7% لدى مجموعة العلاج الوهمي.
كما تم الإبلاغ عن آثار جانبية أخرى مثل الالتهابات أو التورمات الدماغية، مما يتطلب مراقبة طبية دقيقة.
في السياق التونسي، يواجه هذا العلاج عدة تحديات تحدّ من إمكانية اعتماده بشكل فعّال. رغم كونه يمثّل بصيص أمل لتأخير التدهور المعرفي، إلا أن فعاليته تبقى محدودة ولا تعكس تحسّنًا واضحًا في نوعية حياة المرضى. كما أن تكلفته الباهظة تجعله غير متاح لغالبية المرضى، خاصة في ظل ضعف الإمكانيات في القطاع الصحي. إضافة إلى ذلك، يتطلّب هذا الدواء مراقبة طبية دقيقة بسبب آثاره الجانبية الخطيرة المحتملة، مثل الالتهابات أو التورمات الدماغية، وهي ظروف يصعب توفيرها في معظم المؤسسات الصحية التونسية.
خلاصة القول: تبقى الأولوية في تونس لتعزيز الوقاية والتشخيص المبكر، وتوفير رعاية متكاملة ودعم نفسي واجتماعي لفائدة المرضى وعائلاتهم، مع تشجيع البحث العلمي لتطوير حلول علاجية ملائمة للواقع المحلي.