20/04/2025
هذا الدعاء العظيم يُركّز على الوحدة المطلقة وغياب الانفصال بين الخالق والمخلوق، يتجلّى دعاء "اللهم أنت السلام، ومنك السلام، وإليك السلام، تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام" كأحد مفاتيح الإدراك العميق لحقيقة الذات الإلهية والرجوع إلى الأصل النقي.
فلنقم أحبتي بتفكيك المعاني من هذا
"اللهم أنت السلام"
الله ليس فقط مصدر السلام، بل هو السلام عينه.
أي أن السلام ليس صفة تُضاف إليه، بل هو تجلٍ من تجليات ذاته.
فحين نقول "أنت السلام"، نحن نُقرّ بأن السلام المطلق لا يُطلب خارج الذات الإلهية، بل هو جوهرها الأسمى.
إدراكنا أن الله هو السلام يُحرر النفس من البحث عن السلام في الخارج، ويدعوها إلى العودة للداخل حيث تسكن الروح المتصلة بالحق
"ومنك السلام"
في هذا السياق، السلام ينبثق من الله، من حضوره، من نوره، من رحمته.
كلّ سلام حقيقي نختبره في حياتنا هو انعكاس لفيض إلهي يمرّ من خلالنا، لا من صنع الأنا أو العالم.
يتم ارشادنا هنا إلى أن كل ما هو من نور، طمأنينة، سكون، هو فيض إلهي مباشر، وأن الإتصال الحقيقي بالسلام لا يتم إلا بالاتصال بالمصدر،الجوهر، المحب الأعظم
"وإليك السلام"
يعني أن كل حاة سلام نعيشا، نعود بها إلى الله، فنحن نرجع بها إلى الأصل.
نحن نسير في الحياة باتجاه العودة إلى السلام الأصلي، إلى الله، إلى دار السلام.
وبهذا الأمر يتم تذكير النفس بأن غايتها ليس فقط طلب السلام، بل الذوبان فيه، والرجوع إليه، والاتحاد به.
"تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام"
البركة والتعالي هنا لا يفصلان الله عن خلقه، بل يُظهران سُموه في كل ما تجلّى فيه.
فـ "يا ذا الجلال" أي يا من جلاله يُجلي الزيف، ويُسقط الأوهام.
و"يا ذا الإكرام" أي يا من يُكرم من أدرك حضوره، وذاق السلام الحقيقي في قربه.
ولانرى في "تعاليت" ابتعادًا، بل سموًا يتجلّى في قربه، في حضوره، في كل ذرة نور في الكون.
هذا الدعاء العميق في المعنى البسيط في التلفظ يذكرنا
ان الله هو السلام، وهو نحن حين نتذكر حقيقتنا.فالسلام هو طريق العودة إلى الذات الإلهية، إلى الحضن الأصلي، إلى دار السلام.
وهذا الدعاء هو تفعيل للاتصال الروحي بين الذات المحدودة والذات اللامحدودة، حتى يذوب الحجاب وتُشرق الحقيقة.
🖋️