10/10/2025                                                                            
                                    
                                                                            
                                            تعليق قيم أعتز به للزميل الغالي استشاري الطب النفسي د. حسام الدين محمد 
" صديقي العزيز
انا أعتبر هذا الكتاب الرائع، رغم كونه الإصدار الأول لكم من سلسلة من الكتب الرائعة، من أكثر الكتب تأثيرًا في نفسي. فقد نجح في وضع الأسس النفسية والتربوية والاجتماعية لفهم ظاهرة العنف في مجتمعنا. إنه يسلط الضوء على أنماط وسلوكيات متجذرة منذ عقود طويلة، يصعب جدا على من هم خارج هذا السياق الثقافي إدراكها، مثل اقتران مفهوم التربية بالعنف، كما يتجلى في عبارات شائعة مثل: "والله بدو ترباية" أو "اللي مو مربى عند بيت أهله نحنا بنربيه".
لقد أصبحت التربية والعنف في مجتمعنا وجهين لعملة واحدة، لا يمكن فصلهما في نظر الكثيرين. وللأسف، هذا النهج المتوارث لم يُنتج سوى نماذج إنسانية معتلة و متطرفة: إما شخص خاضع ذليل يقبل بكل شيء، أو شخص قاسٍ عديم الرحمة لا يتورع عن ارتكاب أي فعل مشين.
الظاهرة منتشرة بشكل يفوق التصور، حتى بين من يُفترض أنهم تربويون أو أطباء أو معالجون نفسيون، إذ يمارس بعضهم العنف بأساليب غير مباشرة، كفرض الرأي، وتهميش أو تجاهل رأي من يلجأ إليهم طلبًا للمساعدة، دون إشراكه في خطة العلاج أو منحه مساحة للتعبير.
وما حدث مؤخرًا من اعتداء إحدى المعلمات بالضرب على طالب داخل المدرسة، ليس سوى قمة جبل الجليد لهذه الظاهرة العميقة.
كتاب يستحق القراءة فعلا و عنوانه يناسب المحتوى تماما " براعم النار". "                                        
                                    
                                                                        
                                        من كتابي   المنشور عام 2018م
- مبدأ "العصــا لمن عصى" تربويُّ أم سياسيّ ؟!
هنالك مبدأ (تربوي) أصيل تربينا عليه يُشرعِن العنف ضدّ الأطفال في البيت والمدرسة؛ ألا وهو "العصــا لمن عصى" أو "العصا من الجنّة".
ربما هذا المبدأ وغيره من المبادئ جعلَ من "الذهنية الشعبية" تتقبّل العنف، وكأن الجلاد بمثابة الأب أو الأم أو المعلّم، أو جعلَ من عملية التعذيب مجرد عملية "تربوية" ليست إلا، ولو كانت على حساب كرامةِ و حياةِ الشخص، لذلك تسمع -من خلال ما تسرّب لنا من مقاطع فيديو التعذيب- عبارات تشير إلى هذا المعنى، مثل "رح ربيك" ، "بدك ترباية"....
لقد أنتجت طريقة التربية هذه نوعين رئيسيين من الناس غير المتكيفين مع الحياة الطبيعية: ذليلٌ خانعٌ، أو متجبّرٌ ظالمٌ زُرع في نفسه الانتقام بشكلٍ لا شعوري، كونه يحمل في داخله جرحاً نرجسياً مؤلماً لم يندمل بعد.
كتبت الأم شيماء: النظام كان يعاملنا على مبدأ "الترباية" والصفع على الوجه حتى لا يرتكب أحدنا (ذنباً)، أو أنه يكيل الاتهامات والضرب لعددٍ من الأشخاص ليتّعظ الآخرون !!!!!! 
كما أنه يوجد علمياً إساءة معاملة للطفل child abuse يوجد أيضاً إساءة معاملة للشعب people abuse..
**ما بين العنفِ السياسي والعنف التربويّ في وطني قصةٌ ورقصةٌ وحياة**
يختلط العنف السياسي مع العنف التربوي في نسق الحياة السورية على نحوٍ عجيب...  خوفُ الشرطة التي من المفروض أنها مصدر الحماية والأمن، مع خوفِ الأب المسيء الذي من المفروض أنه مصدر الحماية والأمن...
تعذيبٌ في السجون وعدم رحمة، مع رعب عصا المدرس السوري التي لا ترحم الطالب الكسول...
ذلِّ المراجعات الحكومية وبيروقراطيتها المقيتة المميتة، مع ذلّ ربّ العمل أو الحرفة "المعلّم" التي يلتحق بها الأطفال السوريون منذ الصغر (كالحلاقة أو السباكة أو الحدادة ..) للحصول على مصروفهم المدرسي من خلال العمل صيفاً وحتى أحياناً شتاءاً...
لقد شُحنت طفولتنا كسوريين مراتٍ ومراتٍ بشحناتٍ هائلةٍ من العنف الجسدي أو الفكري أو اللفظي من المربيين بكل أنواعهم، بدءاً من الأم والأب والمعلم في المدرسة ومعلم الحرفة ...، فصُور العنف وانفعالاته لا يذوبُ ظلمها ولا تذهب ظلمتها من ذاكرةِ الطفل الصغير لمّا يغدو كبيراً. إضافةً إلى أن شكلَ العلاقةِ مع الأم بصورةٍ خاصةٍ (أو من في حكمها) في الطفولة قد يكون عاملاً مسبباً يفسّر هذا الكم من العنف التشبيحي المدمّر ، حسبَ دراسات الارتباط مع الأم وتأثيرها على مستقبل الإنسان في الكبر.
من هنا قد نمسكُ طرفَ الخيط لمعرفة من أين أتى كلّ هذا الحقد؟؛ ثم أصبح نمط حياة نحيا معه، بل ونتراقص على نغمات وقع جلداته المؤلمة علينا الجارحة بقسوة لذواتنا؟، ثم كيف تحوّلت تلك الجروح الغير مندملة إلى طاقة تعذيبٍ مدمّرةٍ؟؛ وكيف سمحت الأنفس في سورية بتحريرها -هكذا بأريحية- على هذا النحو الرهيب؟!.